مكتول هواك
د.هواري النعيم
*أصبح الوداع أمرا طبيعيا في حياتنا.. أصبحنا نبكي كل يوم عزيزا .. حتى جفت الدموع وتحجرت في مآقينا ( البلد صبحت مفازة وكل يوم لازم جنازة وحدو وين هذا المسلسل ؟
ودع الشارع السوداني اليوم واحدا من سفراء الثقافة السودانية .. مغنيا ومعلما وباحثا في التراث والفلكلور.. رجل بقامة وطن.. بشوش.. صادق.. جميل في كل شئ.. تجده في كل المحافل والمناسبات الوطنية والاجتماعية. *دكتور عبدالقادر سالم واحد من قلائل يحملون هم ثقافاتنا وابداعاتنا( يستفونها) داخل حقائبهم لخارج حدود الوطن لينشرونها روعة وابداعا وجمالا وألقا ومساحات من دهشة.
*في مسرح الجزيرة بودمدني.. كان يغني ( مكتول هواك) فصعد الباشكاتب محمد الأمين للمسرح وبكل حب أعطاه د.عبدالقادر سالم الفرصة ليردد معه هذه الرائعة التي مررها له بحب ليستلمها على صدره ويمررها للقلوب مباشرة.. لتعلو صيحات( وصفافير) أولاد مدني أولاد ( قلبا).. بعد الحفل داعبته.. يا دكتور الباشكاتب ضيعك عديل.. لم يتذمر ولم يغضب.. رد بأدبه الذي يفوق بنات الاسلامية (يعني دايرني أضيعو وسط أهلو؟).. رد المتواضع المثقف جميل الروح والقلب واللسان.
*د .عبدالقادر لزيارة وتعزية كل الزملاء وغير الزملاء.. عبدالقادر يتبنى كشف التبرعات في الأفراح والاتراح.
*حكى لي الشاعر الصديق اسماعيل الاعيسر ان د.عبدالقادر سالم حينما يعود لأرض الوطن من مشاركة خارجية.. يمر على كل الشعراء الذين تغنى بكلماتهم في الرحلة ويسلمهم حقوقهم المادية في منازلهم.. هذا هو دكتور عبدالقادر سالم.. الإنسان الفنان معلم الأجيال.
*يحكى ان الذري إبراهيم عوض احيا حفلا بشندي وقدم إليه استاذ بمعهد التربية شندي اسمه محمد عثمان وردي…وقال ليه يا استاذ انا بغني وجاييكم في الخرطوم.. فرد عليه الذري (ياخ دي سكة صعبة جدا ).. وبعد سنوات ( الكتوف اتلاحقت) وسافر الذري ووردي للأبيض واحيوا حفلا ساهرا بها.. وبعد الحفل حضر أحد المعلمين وسلم على وردي وقال ليه انا معلم هنا وبغني وجاييكم في الخرطوم.. فرد عليه وردي( ياخ دي سكة صعبة.. والتفت على الذري قائلا..ولا شنو يا إبراهيم؟.
*نعم كانت سكة صعبة.. ولكنه حضر للخرطوم يحمل كل جمال وتراث وأدب وألحان كردفان.. طوع المردوم وتجلى في التم تم وابهر الناس في تحدي( الدليب).. وارقص (الخواجات بالريقي).
*رحم الله الدكتور عبدالقادر سالم بقدر ما أعطى لهذا الشعب.. وسيظل رقما عصيا.. وتاريخا لاسمر نحيف خرج اجيالا من المدارس وعلم اجيالا فتح لهم أبواب اتحاد المهن الموسيقية بعد أن كانت موصدة لقرون.. وعطر سماء اوروبا والعرب والافارقة.