آمال على الرمال

صمت الكلام_ فائزة إدريس 

*كانت أسرته تعقد الآمال عليه بعد أن ضحت من أجله كثيراً في سبيل أن يكمل تعليمه الجامعي فقد أبدى رامي ذكاءاً منذ سنوات دراسته الأولى و كان يحرز نتائجاً باهرة قي الإمتحانات، وهو يحظى بإهتمام من قِبل معلميه بتشجيعه على المثابرة و المداومة على ذلك النجاح فإستمر تقدمه الدراسي بتميز إلى أن وصل إلى مشارف عتبات الجامعة.
*وكانت أسرة رامي تقاسي وتعاني من ضيق ذات اليد، فالأب لايتسنى له أن يعمل لإصابته بشلل أدى إلى جلوسه في المنزل عاطلاً عن العمل، والأم لم يحالفها الحظ بتعليم متقدم أو شهادة دراسية لكي تتسلح بها في وجه الزمن الذي لايسير على وتيرة واحدة ولاتُؤمن الشرور التي قد تحدث فيه، فتلتحق بوظيفة وهي في أشد الحوجة إليها وظروفها تلك.
*أما أخيه الأكبر معاذ فقد ترك دراسته في منتصف الطريق بعد المصيبة التي ألمت بوالده الذي كان يكد ويكدح والتحق الوالد بعمل إضافي من أجل توفير حياة كريمة لأسرته من كافة جوانبها ،وبالفعل كانت السعادة تقفز من عيون تلك الأسرة في ظل أب مسئول كريم إلى أن حدثت الطامة الكبري التي ألمت به.
*وبعد ذلك إنخرط معاذ في عدد من الأعمال الهامشية المتنوعة حتى يتمكن من تسديد المصاريف الجامعية لأخيه رامي، إضافة لإعالة أبويه وأخته الصغيرة، فكان الرضا يلفه وهو على قناعة بتضحيته تلك بالرغم مما يجده من معاناة ورهق وكل ذلك في سبيل أن يجلب السعادة للأسرة وان يكمل رامي دراسته ويعمل فيزيح عنه العبء.
*مرت السنوات وأكمل رامي تعليمه الجامعي بكلية الهندسة ونسبة لتميزه الأكاديمي فقد سنحت له الفرصة في أن يجد عملاً مرموقاً في إحدى بلاد المهجر. فعمّ الفرح في الأسرة وتيقنوا أن معاناتهم طيلة فترة دراسته وصبرهم على ذلك لم يضع سُدى، فسافر رامي على الفور للإلتحاق بتلك الوظيفة
ومرت الأيام وكان رامي على صلة بأسرته في بادئ الأمر.
*وذكر لهم أن أوضاعه لم تترتب بعد، ومن ثمًّ تضاءل تواصله مع أسرته إلي أن إنقطع رويداً رويداً وهو يختلق الأعذار ، فأصابت الأسرة خيبة الأمل وصعقتها الدهشة والألم وأدركت أنه لارجاء منه وأنّه غارق في بحر من الأنانية،ففوضت أمرها لله، وواصل معاذ أعماله ودعوات أبويه تغمره صباحاً ومساء.
نهاية المداد
الورقة التي لم تسقط في فصل الخريف خائنةٌ في عيون أخواتها، وفيةٌ في عيون الشجرة، ومتمردةٌ في عيون الفصول، فالكل يرى الموقف من زاويته

(مكسيم غوركي)