حميدتي والحرب على مصر

فنجان الصباح _أحمد عبد الوهاب 

*(حميدتي) تاجر الحمير المسروقة في واحة مليط بشمالي دارفور لم يكن سقف أحلامه يتعدى امتلاك سيارة دفع رباعي وبندقية كلاشنكوف لكي يطور بهما تجربته في نهب المسافرين و قطع الطريق.. ثم طور حلمه إلى زعامة تشكيل عصابي للنهب المسلح يغير به على القرى الوادعة الصغيرة وقوافل التجارة.
واهلته هذه التجربة الاجرامية ليكون زعيما لمليشيا في ذلك الاقليم المضطرب وما لبث ان وجد ضالته في نظام كان قد استنفد كل اوراقه وفقد بوصلته..ولأن المصائب يجمعن المصابينا.. فقد انعم عليه ذلك النظام المعتل بقانون مختل و رتب عسكرية زائفة.
*صعد نجم المليشي الجاهل المدجج بأموال خليجية ورشاوي اوربية فضلا عن عائدات الذهب المنهوب والثروات المسروقة.
*وبات تحت إمرته وطوع إشارته آلاف المقاتلين من المرتزقة العابرين للحدود ومجموعات من الزعران المسلحين بسيارات التايوتا ذات الدفع الرباعي والمدفع الثنائي والبنقو وحبوب الهلوسة ومخدر الشيطان.
*هؤلاء الوحوش غداة وصولهم الخرطوم في الهزيع الأخير من عمر نظام الانقاذ اعترفوا جهرا بأنهم لم يسمعوا من قبل بأن قتل النفس التي حرم الله (جريمة) .. لقد كان قتل انسان برئ بضواحي الجنينة بسهولة قنص الجنجويد ارنبا بري لمجرد التسلية.. او اصطيادهم غزالا للعشاء بنواحي كرنوي او شعيرية.
*لهؤلاء الاوباش اضاف حميدتي مجموعة من حارقي البخور وضاربي الطبول والمشعوذين وعبدة الشيطان مع طابور طويل من المستشارين الحمقى لا يليقون إلا بزعيم جاهل.
*قفز الرجل بالزانة من قلب الصحراء إلى فندق صحاري بقلب الخرطوم، وصار بين ليلة وضحاها يرتدي بدلة الاسموكنج عوضا عن( الكدمول) ويرافقه أسطول من السيارات المصفحة بدل الحمير والهجير .. ويتنعم بحمام الجاكوزي بعد ان كان يستحم مرة في العام ببول البعير.
*ثم سول له شياطين العرب والعجم ان يعتلي عرش السودان.. لا يحول بينه وبين هذا الحلم سوى الموت.. وما المانع اذا كان عنده المال والرجال والعدة والعتاد.
*ولاجل ذلك قاد تمردا من قلب الخرطوم و عندما ايقن بفشل مشروعه الارعن احرق آخضر البلاد ويابسها.. وارتكب من الجرائم مالم تعهده الانسانية من قبل.. واستدعى ذاكرة النهب المسلح وذهنية القتل والسحل والاغتصاب.
*هذا المليشي الجاهل حدثته نفسه الامارة بالسوء ان يصعد عداءه مع مصر جيشا وشعبا وتاريخا.. دفعة واحدة.
وان يعلن عليها الحرب.. كأول دون كيشوت في جنوب الصحراء.
*بمجموعة من الزعران المدججين بحبوب الهلوسة ومركبات الدفع الرباعي والمدفع الثنائي واغان حماسية لحكامة مخمورة اعلن دون كيشوت الحرب على مصر.. وكل تجربته العسكرية لا تتعدى نصف معركة في قوز دنقو وجريمة كاملة في فض اعتصام القيادة ومجزرة موثقة ضد سكان الجنينة.. وبس
انه الجنون بعينه.
لايقل عن جنون ثور هائج من الضعين يريد ان يناطح تمثال
ابو الهول
او كدعامي مخبول يمني نفسه بهدم الهرم الاكبر بطوبة
لقد خيل إلى الجنرال المزور أنه بعد الاستيلاء علي السودان كاملا سيكون لزاما عليه اكمال المرحلة الثانية من حملة (ود النجومي) .. وهو لا يكاد يعرف الفرق بين قناة السويس وقناة توشكي.
*اذا لم يكن هذا هو الجنون الخطير بعينه.. فكيف يكون جنون الحمير.
*وكأن الجنرال المزور لم يستمع لسيده السابق الشيخ موسى هلال وهو يردد المثل الدارفوري
(الشجر لا يصارع
والحكومة لا تشارع)
للحديث صلة