إلى (حضرات المسؤولين) بالمبادرة العالمية للتصنيف المرحلي للأمن الغذائي
أطفال الفاشر يتعرضون للموت جوعا وعطشا.. فأين أنتم؟

حضرة المسؤول ــ التاج عثمان
يتعرض الأطفال بمدينة الفاشر لحرب من نوع آخر يشنها عليهم الجنجويد وهي حرب (التجويع والتعطيش) المقصودة.. أطفال الفاشر يتعرضون لمجاعة طاحنة يموت بسببها عشرات الأطفال خاصة دون الخامسة (موت جماعي) بمعدل 10 وفيات يوميا ومثلهم او أكثر بالأمراض الناجمة من سوء التغذية، وإنهيار كامل شامل للمنظومة الصحية والدوائية والإنسانية، والاعيب وجشع تجار الأزمات الذين إستغلوا الحصار الخانق على المدينة وأصبحوا يبيعون جوال الذرة بمبلغ 11 مليون جنيه سوداني.. الصورة (المؤلمة لحد البكاء)، التي أمامك تظهر طفلة من مدينة الفاشر تحتضر بسبب الجوع، ونتسائل: الا تكفي صورة هذه الطفلة الفاشرية لإعلان مجلس الأمن الدولي مليشيا الدعم السريع تنظيما إرهابيا؟!!، وهناك مثلها المئات من الأطفال ينتظرون نفس مصيرها، ولا عزاء للضمير الإنساني العالمي.
رغم مأساة (التجويع والتعطيش) التي تفتك بأطفال الفاشر، بسبب الحصار الذي تفرضه مليشيا الدعم السريع على المدينة، إلا أن العالم بمنظماته الإنسانية لم يأبه لهذه المأساة التي لم يشهد لها العالم مثيلا من قبل، سوى في غزة الفلسطينية، بل ظل متفرجا عليها او مشجبا مستنكرا لها فقط، غير قادر على ردع (المهاويش) وأتباعهم من المرتزقة، على إيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين داخل الفاشر لأكثر من عام.. خاصة (المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي للأمن الغذائي)، وهي مبادرة عالمية تضم 21 منظمة ووكالة إغاثة دولية تتبع للأمم المتحدة، تهدف إلى تقييم مدى الجوع الذي يعاني منه السكان بمناطق الصراعات.. وللمبادرة تصنيف معين خاص بالمجاعة، فقانونها يشير ان هناك شروطا معينة لتصنيف منطقة ما بأنها في حالة المجاعة، تتمثل ان تكون نسبة السكان الذين يتعرضون لنقص حاد في الغذاء لا يقل عن (20) في المائة من مجموع سكان المنطقة التي تشهد نزاعا ما.. وان يعاني طفل واحد من كل 3 أطفال من سوء التغذية الحاد.. إلى جانب وفاة شخصين من كل 10 الاف شخص يوميا بسبب الجوع او سوء التغذية والمرض، وجميع شروط المبادرة تنطبق تماما على الأطفال المحاصرين من المليشيا داخل مدينة الفاشر، بل تفوقها كثيرا.
(حضرة المسؤول) تتساءل من واقع الحال المأساوي الذي يحيط بأطفال الفاشر وغيرهم بمدن دارفور الأخرى المحاصرة او المحتلة من المليشيا المتمردة، الا تنطبق معايير المبادرة الأممية المشار إليها الخاصة بإعلان المجاعة بمنطقة ما على مدينة الفاشر والتي يحصد الجوع يوميا العشرات من أطفالها وهي تتفرج عليهم كبقية العالم بمنظماته الأممية؟.. ومؤخرا خرجت علينا المبادرة ببيان لا يسمن ولا يغني أطفال الفاشر من جوع بقولها:
تحذر المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، انه يجب الإستجابة الإنسانية الواسعة النطاق دون عوائق لإنقاذ الأرواح، وهو السبيل الوحيد لوقف المزيد من الوفيات ووضع نهاية للمعاناة الإنسانية الكارثية بدارفور.
والسؤال المطروح لقادة تلك المبادرة الأممية: الا تنطبق شروطها لإعلان مدينة الفاشر منطقة مجاعة، بينما أطفالها يموتون بالعشرات إن لم يكن بالمئات جراء الحصار الغاشم من المليشيا المتمردة ومسانديها الإقليميين والدوليين؟، يبدو ان المبادرة الأممية المذكورة تنتظر حتى يموت كل أطفال الفاشر جوعا حتى تعلن وتكشف عن المجاعة بالفاشر.. ومصداقا لذلك لنقرأ معا التصريح التالي لرئيس لجنة الإنقاذ الدولية، ديفيد ميلي باند، والذي حذر قائلا: التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي دائما يأتي متأخرا كثيرا بعد فوات الأوان، ومختلفا عن الواقع.. وما يثبت قول رئيس لجنة الإنقاذ الدولية، انه عند إعلان المجاعة في الصومال عام 2011 كان 250 ألف شخص، منهم 175 ألف طفل أعمارهم دون الخامسة، قضوا نحبهم بالجوع.. بمعنى أنه عندما يتم إعلان المجاعة يكون فات الأوان.. وهذا ما يحدث اليوم بمدينة الفاشر، والتي لخص د. بابكر حمدين، وزير الصحة بإقليم دارفور الوضع هناك بقوله:” الأوضاع في مدينة الفاشر كارثية وخطيرة للغاية”.. فلماذا كل هذا التجاهل لأطفال الفاشر الذين يحصدهم الجوع بالعشرات يوميا؟.