محكمة أميركية تحمل مصرف فرنسي مسؤولية فظاعات ارتُكبت بالسودان

قضت هيئة محلفين في نيويورك بأن نشاطات مجموعة “بي إن بي باريبا” المصرفية الفرنسية التجارية في السودان ساهمت في فظاعات ارتُكبت في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير.
وتم خلال المحاكمة التي بدأت في التاسع من سبتمبر واتخذت القرار فيها هيئة محلّفين من ثمانية أشخاص، الاستماع إلى شكاوى ثلاثة سودانيين شهدوا مجموعة من الفظاعات التي ارتكبها جنود سودانيون وميليشيا الجنجويد.
وزعم المتقدّمون بالشكوى، وهم رجلان وامرأة باتوا جميعا مواطنين أميركيين، لمحكمة فدرالية في مانهاتن بأنهم تعرّضوا للتعذيب ولحروق بأعقاب السجائر والطعن بسكاكين، والاعتداء الجنسي بالنسبة الى المرأة.
وقالت انتصار عثمان كاشر (41 عاما) للمحكمة في نيويورك أثناء المحاكمة “لم يعد لدي أقارب”.
وقال ناطق باسم “بي إن بي باريبا” في بيان أرسل لوكالة فرانس برس إن الحكم “خاطئ بشكل واضح وهناك حجج قوية لاستئناف الحكم الذي يعتمد على تحريف للقانون السويسري ويتجاهل أدلة مهمة لم يُسمح للبنك بتقديمها”.
وقال محامي المدعين بوبي ديتشيلو إن الحكم يمثل “انتصارا للعدالة والمحاسبة” مضيفا “أقرّت هيئة المحلفين بأنه لا يمكن للمؤسسات المالية غضّ الطرف عن تبعات أفعالها. لقد خسر عملاؤنا كل شيء في حملة تدمير غذتها الدولارات الأميركية وسهّلتها مجموعة بي إن بي باريبا”.
وفي المرافعات الختامية ، أكد المحامي أن الإجراءات “كشفت السر أن مصرفا دوليا هو بي إن بي باريبا أنقذ وحمى وغذّى ودعم بشكل غير قانوني اقتصاد دكتاتور”.
وقال إن “بي إن بي باريبا” “دعم ودمّر حياة هؤلاء الناجين الثلاثة”.
وقدّم المصرف الفرنسي الذي قام بنشاطات تجارية في السودان من أواخر التسعينات حتى العام 2009، رسائل ائتمان سمحت للسودان بالإيفاء بالتزاماته المرتبطة بالاستيراد والتصدير.
ويفيد المدعون بأن هذه الضمانات مكّنت نظام البشير من مواصلة تصدير القطن والزيت وغيرهما من الأساسيات، ما أتاح له الحصول على مليارات الدولارات من المشترين. ويؤكد المدعون أن هذه العقود ساعدت في تمويل العنف الذي ارتكبته السلطات السودانية بحق فئة من السكان.
لكن “بي إن بي باريبا” يشدد على “عدم وجود أي رابط بين سلوك المصرف وما حصل مع هؤلاء المدعين الثلاثة”، بحسب ما أفاد محامي الدفاع عنه داني جيمس.
كما أكد محامو “بي إن بي باريبا” أن عمليات المصرف الفرنسي في السودان كانت قانونية أوروبيا، ولفتوا إلى أن مؤسسات دولية على غرار صندوق النقد الدولي أقامت شراكات مع الحكومة السودانية خلال الفترة المذكورة.
وأكد محامو الدفاع كذلك بأن المصرف لم يكن على علم بانتهاكات حقوق الإنسان.
وقال المحامي باري بيركي إن المدعين كانوا سيتعرّضون “للإصابات ذاتها من دون بي إن بي باريبا… السودان كان ليرتكب وارتكب جرائم ضد حقوق الإنسان من دون النفط ومن دون بي إن بي باريبا”.
وأودت الحرب في السودان بنحو 300 ألف شخص في الفترة بين العامين 2002 و2008 ودفعت 2,5 مليون شخص إلى النزوح، بحسب الأمم المتحدة.
وتمّت إطاحة البشير الذي تولى رئاسة السودان لنحو ثلاثة عقود واعتقاله في أبريل 2019 بعد أشهر من التظاهرات في السودان. وهو مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب إبادة.