
بيان وزارة الإعلام وغياب الناطق الرسمي للحكومة
قبل المغيب
عبدالملك النعيم أحمد
*قبل تسعين يوما من الآن عاد وزير الإعلام والثقافة والسياحة الأستاذ خالد الإعيسر إلى موقعه وزيرا ولكن تسلم خطابا من مجلس الوزراء بأنه لم يعد ناطقا رسميا باسم الحكومة كما كان الحال عليه قبل مغادرته الوزارة بعد تعيين دكتور كامل إدريس رئيسا للوزراء بالأصالة.
*تساؤلات كثيرة أثيرت حول موضوع تجريد وزارة الإعلام ووزيرها من هذا الحق والإرث التاريخي..هل لأن الوزارة توسعت وضمت اليها السياحة بجانب الثقافة الموجودة أصلا وبالتالي لا تريد الحكومة ان تلقي بأعباء إضافية على الوزير وتجعله يتفرغ لبناء مؤسسات وزارته لما لها من أهمية للدولة…أم أن سبب إعفاء الوزير من مهمة الناطق الرسمي جاءت بسبب ملاحظات على شخصية الوزير الإعيسر نفسه إستنادا على ادائه ناطقا رسميا منذ تعيينه في فترته الأولى قبل حكومة دكتور كامل إدريس…؟ أم لأسباب أخرى غير مرئية؟.
*لم تعط حكومة دكتور كامل إدريس أي أسباب أو مبررات لتجريد وزارة الإعلام من هذه المهمة…كما أنها للأسف لم تعين وزيرا أو مسؤولا ينطق باسمها ويكون مسؤولا أمام الرأي العام داخليا وخارجيا فأصبحت تصريحات دكتور كامل إدريس هي المعبر الرسمي والوحيد عن رأي الحكومة وتوجهاتها فيما عدا ذلك فلا يحق لأي وزير أن يتحدث خارج نطاق صلاحيات وزارته والملفات التي يديرها.
*تساؤلات كثيرة وصلت لبريد وزير الاعلام يحمل بعضها لوما للوزارة بأنها لم تقم بواجبها كاملا باعتبارها مسؤولة عن الاعلام في الدولة والاعلام بالطبع معني بكل شيئ بما في ذلك أخبار الحكومة…هذه الإسئلة أزعجت الوزارة كثيرا مما جعلها تصدر بيانا بالأمس تتبرأ فيه عن كونها ناطقا رسميا باسم الحكومة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء قبل تسعين يوما وبالتالي حسب البيان هي معنية بشؤون ملفات الوزارة الثلاث..حسنا فعلت الوزارة بأن شرحت للرأي العام ذلك وأرجعت الكرة مرة أخرى إلى ملعب رئيس الوزراء..ولكن هل فعلا إكتفى وزير الإعلام بالحديث لوسائل الإعلام عن مهام وزارته فقط ؟ وهل اهتم وزير الإعلام بتطوير المؤسسات الإعلامية والثقافية والسياحية المسؤول عنها وتابعة له بالقدر المطلوب؟
*الإجابة عن الأسئلة أعلاه نقرأها من الواقع الذي نراه ونعيشه وهو يتمثل في الضعف الواضح للإعلام الرسمي الحكومي السوداني في مواجهة الهجوم الكبير على السودان.. فواقع هيئات الوزارة المعنية بالإعلام يتحدث عن نفسه فمازالت وكالة السودان للأنباء (سونا) قابعة في مكاتب متواضعة في بورتسودان وتعمل بقوة بشرية وفنية أقل ما توصف بأنها ضعيفة ولو لم تكن هناك صحافة موبايل لا أدري كيف كان سيكون حالها..التلفزيون القومي تفرقت كوادره وتبعثرت ورغم جهده الكبير فإنه لا يزال يعمل في مكاتب محدودة في بورتسودان وجزئيا من ام درمان ومعظم كوادره هائمة على وجوهها لم تجد فرصتها حتى الآن رغم حاجة الاعلام لخبراتها…مازالت الاذاعة تعمل من عطبرة بامكانيات محدودة وأصبحت (هنا أم درمان) شبه غائبة رغم عراقتها وتاريخها وتأثيرها الكبير على مدى عمرها الطويل والذي شكلت به وجدان الإنسان السوداني.. غابت قناة النيل الأزرق..اذاعات ال F.M
غابت معظم الاذاعات الولائية والآن قليل من الفضائيات الولائية تعمل دون تأثير يذكر لضعف جودة المادة والرسالة الاعلامية المبثوثة وضعف الإمكانيات المادية والبشرية، واين الصحافة الورقية ودور الوزارة ومجلس الصحافة في عودتها والمساهمة في توفير بعض احتياجاتها ودور الوزارة في معالجة أوضاع آلاف الصحفيين الذين فقدوا وظائفهم بسبب غياب الصحافة الورقية ولاننسى الاعلام الالكتروني الجديد وضرورة دعمه وضبط بوصلته بالقانون ثم الاعلام الخارجي ومجلسه الغائب.. وهناك الكثير عن ملف الثقافة وملف السياحة سنفرد لهما مساحة أخرى إن شاءالله
*بهذا الفهم وبعد بيان وزارة الإعلام…يتعين اولا على وزير الاعلام والثقافة والسياحة الاستاذ خالد الإعيسر أن يتوقف عن التغريدات التي تتناول قضايا هامة وكبيرة تخص الحكومة بكاملها السيادي والتنفيذي وأن يتحدث فقط فيما يعني وزارته وعبر القنوات الرسمية التي تحكم عمل الوزراء تفاديا لأي حرج وتركيزا على مهام ومسؤوليات الوزارة.
*وإن اراد ان يخدم الحكومة بحكم مسؤوليته عن الاعلام عليه ان يقوي المؤسسات الاعلامية الرسمية التابعة له ماديا ولوجستيا وفنيا وبشريا وتنشيط منبر سونا ليكون متاحا لكل الوزراء وفق برنامج متفق عليه لابراز انشطة الوزارات وتمليك الرأي العام المعلومات بوصفه ناقدا وموجها ومعينا للجهاز التنفيذي.
*يجب تقوية إدارات الإعلام بالوزارات المختلفة بالكوادر البشرية المؤهلة والمعينات لكي تكون هي الناطق الرسمي باسم الوزارة المعنية تتحدث فقط فيما يخص الوزارة من صلاحيات بالتنسيق مع الوزير المختص.
*التصريحات عبر التغريدات على الحسابات الخاصة ووسائل التواصل الاجتماعي غير الموفقة تنطبق على كثير من المسؤولين بالدولة بمستوياتهم المختلفة فالواجب ان يكون لكل مسؤول مكتب اعلامي مجهز ومؤهل للقيام بهذا الدور وتحديد المسؤوليات لأننا نتابع الكثير من الأخبار المفبركة والمضللة والتي كثيرا ما ينفيها المسؤول عقب نشرها فتفاديا لكل ذلك يجب اتباع المؤسسية والمهنية في كل ما ينشر ويبث.
*نختم بسؤال لرئيس مجلس الوزراء دكتور كامل ادريس وهو ما هي الفلسفة من وراء تغييب منصب الناطق الرسمي باسم الحكومة؟ ومتى سيتم تعيين ناطق رسمي للحكومة بعد إعفاء وزير الاعلام من المهمة؟ ما هي الجهة المسؤولة عن عرض خطة الحكومة المجازة بواسطة مجلس الوزراء للرأي العام غير الناطق الرسمي باسمها وهو غير موجود اصلا حتى تجد الخطة.. إن وجدت فعلا..حظها من النقد والتقييم والتقويم؟ إن كان الأمر مازال محل أخذ ورد فمقترحي هو تعيين شخص مؤهل يتبع لرئاسة مجلس الوزراء يكلف بمهمة الناطق الرسمي ولكن ليس على طريقة المستشارين او مديري المكاتب والسكرتارية وانما بالمعايير المهنية والفنية والأخلاقية لمسمى الناطق الرسمي.