آخر الأخبار

المحلية التي تدار من خارجها..(24)ساعة في 24 القرشي 

  • المستشفى نضيف والخدمات (مافيش) ومكتب المدير مغلق بالطبلة طوال اليوم

القرشي – هيثم السيد:
24ساعة قضتها (أصداء سودانية) داخل مدينة 24 القرشي التي تقع بولاية الجزيرة غرب المناقل ،وتعتبر القرشي من أعرق المدن في تلك المنطقة أسسها الأنجليز ضمن خطتهم لتمديد مساحات مشروع الجزيرة ،فنشأت المدينة بقوام عمالي وتخطيط جغرافي بديع جعل منها مدينة نموذجية قبل أن تطالها التعديات التي أفسدت جمال توزيعها الهندسي والأطماع التي قضت على المتنفسات والساحات.
طيلة تاريخها الطويل لم تمتد يد الإعمار لمدينة القرشي إلا في عهد الراحل محمد طاهر ايلا والي الجزيرة الذي يصفه سكان المنطقة بأنه أعظم وال في تاريخ الولاية ذلك لأنه أقام مشاريع تنمية ظل يحلم بها المواطنون سنوات طويلة.
المشروع الأضخم للراحل ايلا هو تشييد طريق المناقل -القرشي الذي يلتقي بطريق الخرطوم – كوستي ،وهذا الطريق استطاع أن يربط محلية القرشي بمناطقها المختلفة بطريق مدني المناقل الدويم ،والمشروعات الأخرى هي تأهيل الطريق الداخلي للمدينة وبناء أستاد القرشي وعدد من المشاريع الخدمية الأخرى.
المستشفى بلا خدمات:


عند زيارتنا لمستشفى المدينة المطل على مدخلها وجدنا أثر الأنجليز واضحا على تصميم المستشفى العريق ،كما لاحظنا المستوى العالي للنظافة داخل المستشفى على مستوى العنابر والممرات ،وتتزين المستشفى بأحواض الزهور و أشجار الزينة ،لكن عندما دخلنا إلى قسم الطوارئ كانت المفاجأة التي لاتتوافق مع المظهر العام للمستشفى ،حيث أكد عدد من الأطباء العاملين بالقسم معاناتهم الشديدة بسبب سوء الأوضاع في الحوادث ،حيث أفادوا بأن القسم لا تتوفر به أدوية الطوارئ والأدوية المنقذة للحياة ،لذلك يضطر مرافقو المرضى لشرائها من خارج المستشفى ، كما أن غالبية الكوادر العاملة ليس لها خبرات جيدة ،وكذلك هناك أشكالات فى أجهزة التنفس والفحص المعملي.
ويضيف طبيب آخر مشيرا إلى أن المستشفى تنعدم فيها خدمات الطوارئ في بعض الأحيان خاصة في المساء ،ذلك لأسباب عديدة منها انقطاع الكهرباء وضعف التزويد عبر الطاقة الشمسية، كذلك فان الأطباء يعانون من عدم وجود ميز داخل المستشفى يحفزهم على البقاء بها طوال اليوم ،وهناك اشكالات أخرى منها تنويم مرضى الباطنية والجراحة في مكان واحد داخل الطوارئ ،ولايوجد قسم خاص لطوارئ الأطفال.
مشاكل كثيرة:
دلفنا إلى قسم الأطفال داخل المستشفى ولاحظنا اكتظاظه بالمرضى ،حيث يستقبل يوميا مابين 30 إلى 35 حالة ،ويعاني الأطفال المرضى من سخونة الجو داخل العنابر وضعف التهوية بسبب تعطل أجهزة التكييف ،ويعاني قسم الأطفال من أشكالات مستمرة بسبب انقطاع الكهرباء نسبة لضعف طاقة بطاريات الطاقة الشمسية، أما المشكلة الأكبر فتتمثل في النقص المستمر للأوكسجين ،حيث يحتاج القسم لحوالي (5) أسطوانات في الشهر ،وعند زيارتنا لعنبر الأطفال وجدنا أنبوبة واحدة وأخرى فارغة ،ويضطر المشرفون على العنبر لاستلاف أنابيب أكسجين من العنابر الأخرى ،ويوجد بالعنبر جهاز تنفس واحد وهو كثير الأعطال ،ويحتاج العنبر لأربعة أجهزة لسد النقص وتأمين الأوكسجين للمرضى.
تم إنشاء قسم للحضانة ولكن لم يتم افتتاحه بعد ،ويتم تحويل الحالات إلى مستشفي المناقل.
من الأشياء الإيجابية داخل عنبر الأطفال توفر أغذية للأطفال عن طريق منظمة اليونسيف ،وهناك مرور يومي لاستشاري الأطفال د. الطيب عبدالله
كافتريا بلا عطاء:
لاحظنا اقتسام الكافتيريا الملحقة بالمستشفي لمبنى الطواري ،وباستفسارنا عنها كمشروع استثماري أفادت مصادرنا بأن إدارة المستشفى لم تطرح الكافتيريا في عطاء.
المستشفى بلا خدمات:
قال الاستاذ محمد أحمد الجيلي مواطن بالقرشي أن المستشفى لا تتوفر بها الخدمات الأساسية خاصة لمرضى الطواريء ، لذلك فان المواطنين فقدوا الثقة فيها ،وأصبحوا يعتمدون على العلاج بالمستوصفات والعيادات الخارجية ،لأنك اذا ذهبت إلى المستشفى لن تجد طبيبا اخصائيا ،وغالبيتهم تركوا المستشفى واتجهوا لانشاء عيادات خارجية ،حتى مدير المستشفى له عيادة خارجية يتواجد بها منذ النهار ،رغم أن الضغط على المستشفى كبير لأنها تغطي ٢٤ القرشي ومناطقها المجاورة بكل ثقلها.
المدير غير موجود:


حملنا كل الأسئلة المتعلقة بضعف الخدمات والمشاكل واتجهنا صوب مكتب المدير داخل المستشفى ،وللأسف وجدنا مكتبه مغلقا بالطبلة ،وعاودنا الحضور أكثر من مرة خلال يومين ،وعرفنا بأن المدير يأتي المستشفى في الصباح الباكر ثم يذهب إلى عيادته الخاصة خارج المستشفى.
تظل أشكالات الخدمات الأساسية بالمستشفى مشكلة كبيرة تقض مضاجع سكان المنطقة خاصة الشرائح الضعيفة التي لاتملك القدرة على ارتياد المشافي الخاصة ذات التكاليف المالية العالية، كما ان غالبية سكان المدينة من الفئات العمالية ومحدودي الدخل.
والعيادات الخاصة نفسها غير مهيئة لاستقبال المرضى بالصورة المثلى ، وغالبيتهم يمكثون الساعات الطوال تحت مظلات الحديد ويفترشون الأرض رغم أنهم يدفعون دم قلبهم بحثا عن العلاج.
حاجه غريبة:
طرقنا أبواب عدد من الإدارات الحكومية والخدمية داخل رئاسة محلية القرشي، ووجدنا الغالبية غير موجودين، وكانت المفاجأة أن هناك مسئولين يقيمون خارج القرشي ، وغالبيتهم بالمناقل ،ويأتون إلى القرشي في أيام محددة خلال الأسبوع ،وغالب الأمور تدار من خارج المدينة عبر الهاتف وغيرها من الوسائل.