آخر الأخبار

قصص وحكايات بطولية من جحيم الحرب(2-2)

  • الجيش الأسود.. نساء سودانيات داخل خطوط النار
  • هيئة الأمم المتحدة تعترف ببطولات النساء السودانيات
  • عالية الحاج الطبيبة الفدائية التي انقذت 60 مصابا من الموت
  • أنقذوا الجنينة المبادرة التي تحولت لملحمة بطولية نسائية بتشاد
  • آسيا الفاضل المعلمة التي تحدت المليشيا ورابطت بمنزلها بابو كدوك لسنتين وسط القذائف والمسيرات
  • شباب البراري يرسمون لوحة بطولية خالدة في تاريخ الحروب

تحقيق ــ التاج عثمان
قصص وحكايات بطولية نادرة خرجت من جحيم الحرب لسودانيين وسودانيات واجهوا بشجاعة نادرة مليشيا الدعم السريع المتمردة المدججة بالسلاح بصدور عارية حماية لأعراضهم ودفاعا عن منازلهم وممتلكاتهم ليرسموا لنا لوحات وطنية خالدة تسجل بأحرف من نور في تاريخ هذا الوطن.. (أصداء سودانية) توثق جانبا منها عبر هذا التحقيق
الجيش الأسود:


آلاف النساء السودانيات تدافعن بإرادتهن مع بداية الحرب وإنخرطن في معسكرات التدريب الشعبية للدفاع عن مناطقهم وعرضهن وأبنائهن وشرفهن، ودعما وسندا للقوات المسلحة وهي تخوض حرب الكرامة ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة.. وفي مقدمة النساء المناضلات برزت المناضلة (عالية حسن ابونا) المسؤولة عن معسكر تدريب الفتيات بولاية البحر الأحمر، واللائي إشتهرن بـ(الجيش الأسود)، كناية من كونهن يرتدين أثناء التدريب داخل المعسكرات زيا عسكريا موحدا باللون الأسود.. تقول، عالية حسن ابونا، صاحبة فكرة الجيش الأسود، والمسؤولة عن معسكر تدريب الفتيات المناضلات بولاية البحر الأحمر، والذي يعد الأول من نوعه بالبلاد
قدمت مقترحا لقائد المنطقة العسكرية بولاية البحر الأحمر لإقامة معسكر لتدريب الفتيات دعما للقوات المسلحة، وبعد موافقة الدكتور، جبريل إبراهيم، تم رفع المقترح لرئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان والذي وافق بدوره.. ومن هنا إنطلق المعسكر فتدافعت إليه بحماس منقطع النظير مئات الفتيات وإنخرطن في الترتيبات العسكرية على إستخدام السلاح وفنون القتال.. والالتحاق بالمعسكر طوعي لا إجباري.. بعدها إنتقلت الفكرة لبقية الولايات الأخرى.. وقبول المتطوعات يخضع لإشتراطات طبية صارمة، ولذلك تم إستبعاد النساء اللائي يعانين من أمراض مزمنة او مشكلات في السمع والإبصار.. بعدها إنتشرت معسكرات الجيش الأسود بولايات: (الشمالية ــ نهر النيل ــ كسلا ــ القضارف ــ النيل الأزرق ــ النيل الأبيض).. المتطوعات أجمعن انهن إلتحقن بمعسكرات الجيش الأسود للدفاع عن تراب الوطن وحماية مدنهن ومناطقهن وأبنائهن، وأنفسهن من العنف الجسدي والمعنوي الذي تمارسه مليشيا الدعم السريع المتمردة ضد الفتيات والنساء السودانيات.. وأيضا للوقوف جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة وسندا لها.. ومعظم النساء والفتيات اللائي إلتحقن بمعسكرات التدريب بولاية البحر الأحمر هن من النازحات من المدن والمناطق التي إستباحتها المليشيا المتمردة، وبعضهن تعرضن للتحرش الجنسي والإغتصاب من المليشيا قبل نزوحهن.
بطلة أبو كدوك:
من النماذج البطولية النسائية المشرفة، حكاية المواطنة، آسيا الفاضل، المعلمة بالمعاش، وتقطن بحي أبو كدوك بأمدرمان، والتي قررت منذ بداية حرب الخرطوم عام 2023 عدم مغادرة منزلها رغم توسلات أشقائها وأقاربها، ورغم تواصل القصف المحموم بالمنطقة والتي كانت بإستمرار تحت خط القصف المدفعي المتبادل بين الطرفين، تقول البطلة آسيا: ظللت أقيم داخل منزلي أنام وأصحو على صوت الرصاص والقذائف، لدرجة أنني صرت أعرف كل أنوع الأسلحة التي يستخدمها الجيش والمليشيا المتمردة من أصواتها فقط، سواء كانت دوشكا، او آربجي، او هاون، او رشاش، وغيرها.. وكان معي بالمنزل بناتي الثلاث وأسرتين من الأهل بدون مياه ولا كهرباء.. وكنا بالنهار نستظل بظلال الأشجار المحيطة بالمنزل لإتقاء الحر رغم أنف المليشيا التي حاولت تفريقنا بإطلاق الرصاص تجاهنا إلا أنني لم أذعن لتهديداتهم وظللت متمسكة بمنزلي والبقاء نهارا أسفل الأشجار، رغم أنهم كانوا يطلقون الذخيرة فوق الأشجار إلا أنني ظللت مرابطة أمام المنزل.. وذات يوم وبينما كنت أتحدث مع شقيقي عبر الهاتف بعد صلاة المغرب أصابتني رصاصة طائشة في يدي فنزفت بغزارة وتم إسعافي بمستشفى مجاور للمنزل.. ورغما عن إصابتي تلك فإنني لم أخف وظللت متمسكة بالبقاء بالمنزل حتى تم تحرير العاصمة من هؤلاء الأنجاس الأوباش، والحمد والشكر لله، ولقواتنا المسلحة الباسلة والتي كنت شاهدة عيان على ما قدموه وبذلوه من جهد وكل فنون القتال حتى طردوا الغزاة.
الطبيبة الفدائية:
عالية الحاج، طبيبة شابة، تقيم بمدينة امدرمان.. وذات يوم تلقت إتصالا هاتفيا من أحد زملائها يشير انهم في حاجة عاجلة لأطباء متطوعين بمستشفى النو بأمدرمان بسبب الجرحى الذين يترددون على المستشفى بأعداد كبيرة في ظل النقص الحاد في الكوادر الطبية.. فلندعها تحكي على لسانها هذه الملحمة البطولية وتقول الطبية:
لم أتردد فلبيت نداء الواجب على الفور، ورغم إعتراض أسرتي خوفا على حياتي، إلا أنني لم أعر توسلاتهم وتحذيراتهم إنتباها، فخرجت من المنزل بينما القذائف تتساقط بغزارة كالمطر من حولي، لم أتردد لحظة واحدة رغم خطورة الوضع، إستجبت للنداء الإنساني ولواجبي كطبيبة في إسعاف المصابين وإنقاذ حياتهم.. وفي النهاية وصلت المشفى وظللت أعمل طيلة 24 ساعة في مداواة المصابين ومعي ثلاثة أطباء وأربع ممرضات فقط، كنا نستقبل حوالي 60 مصابا بالأعيرة النارية يوميا، والحمد لله إستطعنا إنقاذ حياة غالبية الجرحى الذين وصلوا للمستشفى.
كل المهن:
النماذج المشرقة لنساء السودان كثيرة ومتنوعة، سجلن من خلالها مواقف بطولية تخلد في سجلات المرأة السودانية وفي ذاكرة الحروب في العالم.. عوضيه كوكو، واحدة منهن، بطولتها من نوع آخر حيث أنشأت مطابخ خيرية لإطعام الاف المتضررين من الحرب بمخيمات الإيواء.. وهي صاحبة فكرة مؤسسة (كل المهن)، وهي منظمة سودانية نسائية.. وظلت تشرف على مطبخ خيري بمدينة بورتسودان يوفر الوجبات لنحو 6 الاف من النازحين لعاصمة البحر الأحمر، تعمل معها عشرات النساء المتطوعات.. ولم تكتف بذلك بل قامت بتدريب مئات النازحات لبورتسودان من الولايات الأخرى غير الآمنة على كيفية تشغيل وإدارة المطابخ بمخيمات الإيواء الأخرى.. قالت عوضيه كوكو في هذا الشأن: المرأة السودانية أثبتت قوتها وصمودها وعدم إستسلامها، واضحت رمزا للنضال والكفاح.. فالمرأة السودانية لم تكن (ضحية) فقط، بل (منقذة) وفاعلة جنبا إلى جنب مع الرجل وذلك من خلال أدوار أخرى مختلفة لا تقل أهمية عن المشاركة في القتال المباشر مع قواتنا المسلحة الباسلة.
شهادة أممية:
كفاح المرأة السودانية وصمودها في الحرب جنبا إلى جنب مع قواتنا المسلحة شهدت به هيئة الأمم المتحدة، بقولها من خلال بيان تحصلت الصحيفة على نسخة منه
النساء في السودان يتصدرن الصفوف الأمامية، إما بالقتال كمتطوعات، او كعاملات إغاثة وناشطات من أجل السلام.. المرأة السودانية بعد مرور عامين على الحرب تعاونت مع أكثر من 60 منظمة تقودها نساء، نجحن في الوصول ومساعدة 15 ألف امرأة داخل أكثر المناطق خطورة بسبب القتال الدائر فيها.
ومن الملاحم النسائية البطولية التي تقودها النساء، حكاية الناشطة السودانية، سعدية الرشيد، صاحبة مبادرة (أنقذوا الجنينة)، والتي إستطاعت عبر الجهود النسوية توفير أنواع مختلفة من الدعم لضحايا الحرب من النساء، خاصة بإقليم دارفور وفي معسكرات اللاجئين بدولة تشاد النازحات من مدينة الجنينة.
أنقذوا البراري:
من الملاحم البطولية الخالدة مبادرة (أنقذوا البراري)، والتي قادها شباب من منطقة البراري بالخرطوم ظلوا يرابطون هناك لسنتين كاملتين بمنطقة البراري المعروف عنها وقوعها في خط النيران والقصف لقربها من القيادة العامة.. وتصدت غرفة طوارئ البراري للكارثة الإنسانية التي كانت تواجه سكان البراري المحاصرين داخلها بتقديم الوجبات الغذائية لهم بنظام التكية.