مسيرات الجيش في الجنينة.. تمهيد للزحف أم ضربة استباقية؟

تقرير- الطيب عباس:
شن الجيش السوداني، أمس الأحد، هجوما عنيفا وواسعا بالمسيرات على أهداف لمليشيا الدعم السريع في مدينة الجنينة ومنطقة سرف عمرة وقاعدة الزرق بشمال دارفور.
وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تصاعد الدخان في مدينة الجنينة جراء استهداف مخزنا للسلاح والذخيرة بالقرب من سوق المدينة، بينما استهدفت مسيرة أخرى اجتماعا لقيادات المليشيا بمقر حكومة الولاية، وسط أنباء عن إصابة رئيس ما يسمى بالإدارة المدنية المتمرد التجاني كرشوم، جراء الهجوم، بينما تأكد مقتل شقيقه المليشي الباقر كرشوم.
وفي سرف عمرة، قصفت مسيرات الجيش مخزنا للذخيرة، بينما دمرت سيارات قتالية وتجمعات للمليشيا بقاعدة الزرق.
اجتماع الجنينة:
لا تفاصيل حتى اللحظة بشأن مصير القيادات التي كانت موجودة بمقر الحكومة بالجنينة، الذي تعرض لقصف مسيرات الجيش.
وقالت مصادر، إن قيادة المليشيا بغرب دارفور، دعت مساء السبت إلى اجتماع طارئ في أحد البيوت الفخمة بحي الجمارك، يتبع لأحد أثرياء قبيلة المساليت قبل أن يستولى عليه أقرباء المتمرد موسى أمبيلو، لكن صباح اليوم ولمزيد من التأمين جرى في صمت تحويل مكان الاجتماع إلى مقر الحكومة المحلية حسب توجيهات قائد استخبارات المليشيا اللواء خلا عيسى بشارة، وبعد ساعة فقط قصفت مسيرات الجيش مقر الحكومة المحلية بمن فيه من قادة المليشيا.
تطورات ميدانية:
تشهد غرب دارفور ومناطق شمال دارفور المتاخمة لها، تطورات ميدانية متسارعة، حيث نجحت القوات المشتركة، الجمعة في استرداد منطقة أبو قمرة التابعة لشمال دارفور على الحدود مع تشاد وغير البعيدة عن الجنينة، بينما تتحرك المقاومة الشعبية المكونة من أبناء المساليت تحت إمرة الجيش السوداني في الاتجاه الغربي المتاخم لمدينة الجنينة.
وأوضحت مصادر، أن إجتماع قادة المليشيا الذي قصفه الجيش في الجنينة، كانت أجندته تتلخص حول التنسيق لمواجهة زحف قوات المساليت التي وصلت طلائعها الى مواقع متقدمة من إرتكازات الميليشيا في الجنينة، ولمناقشة مسألة نقص العلاج الخاص بجرحى المليشيا ومشكلات لوجستية أخرى تتعلق بحركة الشاحنات في معبر أدري الحدودي.
مايشير بحسب مراقبين إلى أن قصف الجيش أمس للجنينة ومخازن زخيرة في سرف عمرة التي تبعد نحو 120 كيلومتر فقط من الجنية، كان متسقا مع هذه التطورات المتسارعة.
لا يستبعد مراقبون، أن قصف الجيش بمثابة هجوم استباقي لتدمير قوات المليشيا عقب وصول معلوماته له عن نية الدعم السريع الهجوم على بلدة أبو قمرة التي استردتها المليشيا الجمعة.
لكن أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، دكتور الفاضل محمد محجوب، يرجح أن يكون القصف تمهيد لهجوم كاسح نحو مدينة الجنينة، مشيرا إلى وجود قوة كبيرة للجيش والقوات المساندة له في مدينة الطينة الحدودية ومنطقة أبو قمرة، وهى مناطق تتبع لشمال دارفور لكنها واقعيا أقرب للجنينة منها للفاشر، كما أن هناك قوات في محور الصحراء، وجميع هذه القوات يمكنها مفاجأت المليشيا واقتحام الجنينة.
سياسيا، فإن الأوضاع لا تمضي في صالح المليشيا، حيث يمكن للقوات الموجودة في الطينة من التحرك نحو الجنينة دون أن تخشى هجوما خلفيا من الأراضي التشادية، فالرئيس التشادي محمد كاكا، ليس هو كاكا 2023، حيث جرت مياه كثيرة تحت الجسر الذي كان يربطه بمليشيا الدعم السريع، ولأول مرة بحسب مراقبين بدأت المليشيا تشعر بالحصار عقب تشديد تشاد الرقابة على حدودها، حتى أنها لجأت مؤخرا لإجلاء أسرها إلى جنوب السودان وليس تشاد، كما أن التصريحات التي صدرت من الرئيس التشادي، عقب لقائه المبعوث الأمريكي الأربعاء الماضي، كانت نشير بوضوح إلى أن الرجل بدأ يمد جسور التواصل مع السودان.
هذا التطورات يراها مراقبون عاملا مهما في سعي الجيش للسيطرة على مدينة الجنينة، وبالتالي فإن مراقبون يقرأون نشاط الجيش وقصفه بالطيران مخازن الأسلحة في الجنينة وسرف عمرة وقاعدة الزرق يشير إلى نيته فتح جبهة جديدة هدفها مدينة الجنينة.
يبقى القول أن مسيرات الجيش نجحت بنسبة كبيرة في تحقيق أهدافها، حيث قصفت مخزنا للذخيرة بالجنينة وآخر بسرف عمرة ودكت سيارات وتجمعات للمليشيا في قاعدة الزرق، وقصفت اجتماع قيادات المليشيا بغرب دارفور، ويبقى معرفة الخطوة المقبلة للجيش وفق مراقبين مجرد تكهنات، حيث أن الجيش وضمن تكتيكات الحروب اعتاد أن يرمي إشارة يمين ويلف شمالا، وأحيانا يرمي الإشارة ويمضي في الاتجاه نفسه اتساقا مع مقولة (عينك فوقو تركب فوقو)، كما ظل مساعد القائد العام للجيش، الفريق أول ياسر العطا يرددها كثيرا..