(أصداء سودانية) مع مخرج ظل داخل جريدة القوات المسلحة منذ يوم 15 أبريل
* كنا صايمين ونفطر على موية وبليلة..
* فيديوهاتهم الكانوا ببثوها مسجلة قبل الحرب..
* طلعت من الجريدة بأعجوبة ووصلت لبيتنا بعد يومين من المشي..
* هذا أسوأ ما شاهدته في أيام الحرب
* قادر تتخيل زول اتسحرت معاه وصليتو الفجر سوا فجأة يطلع ليك سلاح ويقول ليك ثابت عندك!!
للحرب اللعينة قصص كل ساعة تتكشف للناس.. معظم من عايشوها لم يتحدثوا بعد.. الصدفة جمعتنا بأحدهم..صحفي ومخرج.. عاش أيام الحرب منذ لحظاتها الأولى وبقى في منطقة عسكرية لأيام..ولأداء مهمة مطلوبة في أيام الحرب الأولى كان عليه الخروج في مغامرة ومجازفة..
حكى إلينا بعض يومياته..
حاوره/ خليفة حسن بلة
* أستاذ أحمد.. السيرة الذاتية؟ –
# أحمد عبدالله محمد عيسى جماع الاسم الصحفي أو اسم الشهرة (أحمد ربك)..
* بالتأكيد مدينة ربك هي الموطن..
# نعم أنا من مواليد النيل الأبيض مدينة ربك ودرست فيها مرحلتي الإبتدائي والمتوسط، الثانوي كوستي الفنية خريج أعلام جامعة السودان.
* ………………؟
# أنا صحفي ممارس بصحيفة القوات المسلحة منذ العام 1997 ومصمم ومخرج..
* كيف عشت يوم ١٥ أبريل ٢٠٢٣م؟
# كالعادة بوصل صحيفة القوات المسلحة حوالى السادسة صباحا خاصة في رمضان وبما أننا كنا في خواتيمه فصليت الصبح ثم توجهت للمواصلات وصلت صينية المركزي ستة إلا تلت تقريبا ..
* كيف كان الوضع؟
# كان الوضع عادي جدا ككل صباح ركبت مواصلات العربي ونزلت في لفة المركز الطبي الحديث في تمام السادسة وخمسة دقائق تقريبا وسلكت الشارع الشرق المقابر مرورا بمدرسة الكمبوني لأقطع السكة الحديد لأصل للشارع الجنوب المصرف العربي مرورا بدار الوثائق وثم الإنحراف شمالا لأصل لشارع السيد عبدالرحمن وأدلف للجريدة..
* وهنا برضو كان الوضع عادي،
# أيوة كل المشوار ده كان الوضع طبيعي جدا ما عدا إلتقائي بثلاثة أفراد قاعدين شرق المصرف العربي وعند اقترابي منهم قام أحدهم وتقاطع معي في الشارع فسلمت عليه ولم يرد السلام فواصلت وعند البوابة الجنوبية لدار الوثائق قابلت ثلاثة شباب سودانيين أوسطهم كان يحمل جهاز تاب في يده وبتونسوا بصوت عالي سلمت عليهم ردوا السلام فذهبت ولم أكترث لهم لأن الوضع كان عادي .
* متين شعرت أنه الوضع بقى ما عادي وفي حاجة حاصلة؟
# تقريبا الثامنة والنصف وأنا شغال في الصحيفة سمعنا صوت مدافع ثقيلة بكثافة طلعنا للشارع فوجدنا قادة وعساكر المنطقة المركزية المقابلة لنا بالخارج أيضا والكل يستفسر عن الحاصل.. عرفنا من بعض العساكر المنسحبين من جنب مكاتب جهاز الأمن والمخابرات أن مليشيا الدعم السريع هاجمت القيادة بالأسلحة الثقيلة..
* …………………….؟
بين مصدق ومكذب لكننا طوالي لبسنا الزي العسكري واتسلحنا وأصبحنا نتابع تطورات الموقف..
* ما دخلتو في مواجهات؟
# لا امضينا يومنا ذاك بين ترقب وانتظار والكل في حالة الإستعداد حتى حان موعد الإفطار ..
* ……………………؟
# فطرنا بالمتوفر عندنا وهو عبارة عن بليلة كبكبي وموية.. ودخل علينا ليل اليوم الاول والكل في حالة استعداد أيضا فأصبح علينا اليوم التالي وما زال حالنا كما هو فقط المتغير الوحيد بدأ يصل إلينا بعض الجنود المصابين من الوحدات الحول القيادة وهكذا بدون سابق إنذار أو إستعداد وجدنا أنفسنا وسط حرب.
* ما شعرت أنه كان في استعداد للحرب من جهة القوات المسلحة؟
# أرجو أن تكون هذه الشهادة قولا فصلا في جدلية من بدأ الحرب ؟ فالقوات المسلحة لو أنها بدأت الحرب ما كنا في ذلك الوضع الذي لم تتوفر فيه أدنى مقومات المقاتل من الأكل والشرب (التشوين) ناهيك عن الإستعدادات القتالية الأخرى.
* هل كنت بتتوقع تحصل الحاجة دي وبالشكل دة؟
# التوقع كان موجود من خلال التوترات الكانت بين القوات المسلحة والمليشيا في الأيام الأخيرة وتابعها الجميع ولكن حرب بي معناها الكامل ما كان الجيش يسعى لها ولا يتمنى وقوعها لكثير من الأسباب التي سيأتي الوقت لكشفها.
* …………………… ؟
القوات المسلحة خاضت الكثير من الحروب وتعلم كلفة الحرب وأن تدور في عاصمة البلاد فهذا أمر صعب وبالغ التعقيد والكلفة.
* وأنت صحفي ومتابع ..ما الذي دفع بالمليشيا الى هذه الورطة والتي نطورت الى كارثة..؟
# هي العقلية الفاسدة للمليشيا وداعميها بالداخل والخارج صوروا لهم أن الجيش في أضعف حالاته وأن عملية خاطفة ستحقق لهم المراد ولم يحسبوا تراتبية الجيش وتنظيمه وفكره العملياتي وخبرته القتالية المتراكمة لذا عندما فشلت خطتهم حولوا الحرب تجاه المواطن الأعزل فهجروه قسيرا وعاثوا فسادا في ممتلكاته..
* ولكن مش يحق أن نتساءل ليه الجيش ما كان متوقع؟
# التوقع كان موجود ولكن ليس بالصورة التي حدثت.. فكل الجيوش المحترفة لا تقاتل الشعب ولا تقاتل في مناطق المدنيين .. وبعد هذا يكررون مقولتهم الممجوجة بأنهم جاءوا لجلب الديمقراطية للشعب!!
* كيف كانت يومياتك وانت جوة منطقة القتال؟
# للحرب ذعرها وضجيجها وصخبها ولكن لأننا عايشنا حرب الجنوب ودارفور كنا على علم بتفاصيل ما يحدث ..
* الفرق شنو بين حرب المليشيا دي وتلك الحروب؟
# الفرق في أن الأمر في تلك الحروب كان واضح ومعلوم المواقيت والخصوم ولكن حرب المليشيا دي فآجأت الناس بالخيانة فكل المواقع التي تم استلامها في الأسبوعين الأولين للحرب كانت أصلا محروسة بقواتهم وهذا يوضح أنهم كانوا مخططين لها وعاملين حساب كل خطوة ومع الضخ الأعلامي الكثيف أظهروا للناس أنهم قد هزموا الجيش..
* على ذكر الضخ الاعلامي.. شاهدنا توفير مواد وفيديوهات من المليشيا أثناء المعارك..
# كل الفيديوهات التي بثتها المليشيا كان معدة مسبقا بكل سيناريوهاتها التي شاهدها الناس والهدف الرئيس من تلك الحملة الإعلامية الضخمة كان خلق حالة من الهلع والإحباط وسط المواطنين بإظهار ضعف القوات المسلحة وبالتالي الإعتراف الشعبي بالهزيمة وكادوا أن ينجحوا لو لا لطف الله أولا وفدائية الضباط وضباط الصف والجنود في القيادة العامة والإشارة والمهندسين والمدرعات ووادي سيدنا..
* كيف كانت الحالة داخل مواقع القوات المسلحة؟
# كل من كان داخل هذه الوحدات فهو إما مشتبك مباشرة مع العدو أو في حالة جهوزية وترتيب لإشتباك متوقع تحت أية لحظة لذلك بالرغم من الصوم وعدم وجود مايفطر عليه الصائم وحتى عدم وجود موية أو كهرباء فإن الإستعداد كان حاضر بالعزيمة والعقيدة القوية والثقة في نصرة الحق على الباطل.
* لكن طوال أيامكم هناك هل حصل مواجهات بينكم وبين المليشيا؟
# لا لم تحدث إلا لاحقا بعد خروجنا من المنطقة بتوجيهات من قادتنا
* وكيف قدرت تطلع.. وهل كانت عملية ساهلة؟
# مافي حاجة كانت ساهلة فأنت في منطقة حرب والعدو بكامل جاهزيته وفي الغالب كان معاك في مبنى واحد أكلتو سوا ونمتوا سوا وفجأة يطلع ليك هو العدو فمن أين تأتي السهولة.. أنت قادر تتخيل معاي زول اتسحرت معاه وقد تكونوا صليتوا الصبح سوا وسادين ديدبانات سوا فجأة يعمر ليك السلاح ويقول سلم سلاحك إنحنا أستلمنا البلد دي!! ولكن مع كل ذلك الجبروت قد هيأ الله لنا سبيل الخروج في عملية معقدة جدا.
* طريق الوصول لمنطقة آمنة؟
# بعد التشاور مع قادتنا ولأهمية الإعلام العسكري وجهونا بالخروج لمنطقة آمنة وما كان في منطقة آمنة أصلا فالمليشيا كانت في كل الولاية ولكن كان لابد من المجازفة فخرجت قبل التروايح متسللا مشيتت تجاه شروني ووجدته كأنه أطلال ولا أثر لشيء فيه فواصلت حتى كبري الحرية والكلام كلو من شارع السيد عبدالرحمن كداري ولما لم أجد أي أحد يتقاطع ما عدا جنود المليشيا مشيت للإمدادت الطبية وفي ذلك الوقت لم يدخلوها قضيت فيها الليلة.. وبعد صلاة الصبح واصلت حتى الشعبي الخرطوم وبرضو كداري ولم أجد وسيلة واصلت حتي منتصف جبرة ومن هناك لقيت وسيلة لغاية الميناء البري..
* وهل كانوا منتشرين؟
# طيلة المسافة دي كنت ماشي في نص حركتهم في تلك المناطق وبعد الميناء واصلت حتى السوق المركزي ومنها لي تقاطع مايو المهم أنا من بعد صلاة الصبح وصلت البيت الساعة الواحدة والنصف نهارا بحمد الله ..
* مشاهداتك في طريق الخروج؟
# أهم المشاهدات والتي ستظل عالقة في ذهني لوقت طويل رؤية الرعب في عيون المواطنين الغلابة وكأنهم كانوا عارفين أنهم ح يكونوا ضحايا المليشيا البربرية دي..
*……………………………؟
# كل من تصادفه في عجلة من أمره لا يستجيب لسائل ولا يتجاوب مع أحد الكل في حالة رعب وصدمة كذلك خلو الطرقات من المارة.. والاحياء التي مررنا بها كأن لم يكن بها سكان من الرعب والهلع والمصير المجهول كانت لحظات مهما حاولت وصفها لا يمكن أن أستطيع توصيل أحساسسها خاصة إذا وضعنا في الحسبان طبيعة الشعب في الوضع الطبيعي في مثل تلك الأوقات والناس على خواتيم رمضان فقطعا هذه الحرب كسرت حاجات في الشعب ده تاني يستحيل تتصلح ولكن مع ذلك علمته حاجات براهو ما كان ح يتعلمها لو لا هذه الصدمة الجائرة من هؤلاء الاوباش والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
* وكيف كانت فترة ما بعد خروجكم؟
# بعد الخروج بدأنا ترتيب أحوالنا لعمل الإسناد الإعلامي في ظل ظروف أقل ما يقال عنها مستحيلة فقد كنا وسط العدو فلا بد من حرص فائق وسرية تامة حتى عن أولادك وأهلك فلذا كان أغلب عملنا في الهزيع الأخير من الليل..
* رحزتو على شنو؟
# بدأنا بتعرية أكاذيب المليشيا عبر قروباتهم ورفع معنويات جنودنا عبر قروباتنا وهكذا بدأ الإعلام العسكري في الظهور وظللنا هكذا حتى يوليو تقريبا 2023م وفي أغسطس خرجنا كإذاعة وصحيفة وتلفزيون ومراكز أعلامية في رئاسات الفرق والمناطق حتى إستطعنا بحمد نقلب العمل الإعلامي لصالح الجيش والبلاد وتمت تعبئة الشعب وضرورة ثقته وإلتفافه حول القوات المسلحة وبحمد الله مع جهود الإعلاميين الوطنيين المخلصين ونشطاء الوسائط وصلنا لنا نحن فيه اليوم ولله المنة والفضل.
* أكتر أيام عانيتو فيها؟
# الأيام الأولى للحرب قبل فهم مايجري وتقدير الموقف بصورة صحيحة ودقيقة
* أسوأ ما عشته وشاهدته؟
# الرعب في عيون الصغار والكبار والحيرة عن مآلات ما يجري.
* ومواقف ايجابية و مدهشة أثناء الحرب؟
# ثبات جنودنا في معركة القيادة وتصديهم ببسالة لقوة السلاح والعتاد العسكري المتطور فلو لا ثباتهم في تلك المواجهة كان يمكن أن يكون الحال غير التي نحن فيها اليوم وعندما نقول بسالة فإننا نعني بسالة بمعناها الحقيقي وليس المعنوي..
* أدينا مثال؟
# هل قادر تتخيل أنه جندي بي كلاش ومحاصر يصد أكثر من 200 لي 300 تاتشر مسلحة بي ثنائي ورباعي ويدحر تلك القوة ويفشل هجومها ؟؟؟ الوطن سيظل مدينا لهم بتضحايتهم وبسالتهم وقطعا التاريج سيخلد هذه الملحمة .
* ما تحتفظ به ذاكرة المخرج والصحفي أحمد؟
# خروجنا من الخرطوم للولايات كان لوحة تراجيدية بمعنى الكلمة لا يمكن أن تستوعب معنى بين خوف ورجاء التي نحن مطالبون بها كشريعة حياة ما لم تخض مثل تلك المغامرة وفي معيتك اولادك وأهلك وفي الجانب الآخر أسرتك الكبيرة التي لا تعلم هل ممكن أن تصلوا إليهم أم لا …. ياخ دي حكاية عجيبة خالص .
* رسائل منك ..ولمن ترسلها؟؟
# أولا لأهل الشهداء منذ معركة الكرامة وحتى اليوم يجب أن يفخروا بهذا الإصطفاء (الضكران) لابنائهم.. ثانيا إذا حق لي مخاطبة الشعب كنتم درع الجيش الذي حمى البلاد رغم الألم والتضحيات فإني على يقين أن الذي قدمه هذا الشعب في هذه الملحمة سيولد السودان الذي نحلم به لأجيالنا وأحفادنا إن شاء الله وثالثا لإخوتنا الإعلاميين الوطنيين ونشطاء السوشال ميديا كنتم ومازلتم تكشفون كل صباح عن ضلال هذه المليشيا وداعميها بالداخل والخارج وقادم معركة البناء تتطلب المزيد فشدوا السواعد وتكاتفوا من أجل القادم وأخير للشباب الذين غٌيبوا في عهد الزيف والضلال ففهموا أنهم كانوا وقودا لباطل فأصبحوا أسودا في الحق ولمثلهم ترفع القبعات فهم في خندق واحد مع الجيش والقوات النظامية الأخرى ضربوا مثلا ثوريا حقيقا دفاعا عن الحق والوطن والشعب .