سلسلة كتابات غسان كنفاني إلى غادة السمان (٣٩)

مكاتيب

_____________

 

_________________________

ويواصل غسان كنفاني رسالته لغادة السمان مخاطباً فيها أخته فيقول:

عزيزتي

ماالذي حدث خلال السنين الطويلة الماضية؟ ماالذي حدث بالضبط منذ اقتحمت عليك غرفة العمليات؟ هل تذكرين؟ يوم رفعت المشرط في وجه المسكين ولسون؟ ذلك الاسكتلندي الطيب الذي كان يجد فيّ مالم أجده أنا نفسي، إنه يضحك بلاشك حين يذكر القصة. كنت أنا على حق رغم كل شيء، وقلت له: ليمت الطفل، ولكن إذا ماتت هي فستموت معها هنا. ورفضت أن أخرج وظللت مثل مجنون فار مثبتاً ظهري إلى الزاوية وأنظر إليك مضرجة بالدم تحت أصابعه الباردة وحين تنفس الصعداء بعد قرن من الرعب أخذت أبكي وسقط المشرط من يدي… ولم أركِ إلابعد أن صار أسامة في الرابعة من عمره..

لماذا أذكّرك الآن بهذا الشيء الذي مضى؟ ربما لأنني أشعر كم كنت على حق.. إن الإنسان ليس إلا مخترع ملاجئ، هكذا كان وهكذا هو وهكذا سيظل وكل ماعدا ذلك هراء في هراء.

(غسان كنفاني)