الملف الأسود لمليشيا الدعم السريع.. جرائم الإغتصاب (1)

 

  • شاهدة عيان تكشف لـ(أصداء سودانية) تفاصيل جريمة إغتصاب المليشيا لـ(15) فتاة داخل مصلى النساء بجامعة الخرطوم
  • الشاهدة تصاب بحالة ذهول والطبيب النفساني يشخص حالتها بصدمة نفسية من هول ما رأت.
  • عثرت الشاهدة على الفتيات متوفيات وعراة تماما وتحيط بهن بركة من الدماء

 

تحقيق- التاج عثمان

الملفات السوداء لمليشيا الدعم السريع المتمردة كثيرة لا تحصى ولا تعد, لكن أكثرها سوداوية جرائم الإغتصاب لنساء وفتيات سودانيات منهن بنات صغار في العمر لم تتجاوز اعمار بعضهن الخمس سنوات.. بالطبع الأمر قد لا يصدقه البعض لكنه للأسف واقع ملموس بشهادة عائلات الضحايا.. هذا التحقيق يكشف نماذج للإغتصابات التي إرتكبتها هذه المليشيا بالمدن والقرى التي تحتلها.. ويكشف التحقيق أن جرائم الإغتصاب التي إرتكبتها هذه المليشيا المتوحشة ليست للمتعة فقط بل لها أهدافها ومراميها.. فهي ليست إغتصابات وكفى بل لها ما بعدها فهي مخطط شيطاني يرمي لتغيير ديموغرافي لسكان بعض المدن والقرى

مصلى النساء: 

جرائم الإغتصاب التي إرتكبتها مليشيا الدعم السريع المتمردة بدأت حقيقة منذ يوم فض الإعتصام في محيط قيادة الجيش بالخرطوم في الثالث من يونيو 2021 وتحديدا داخل مصلى النساء الملحق بمسجد جامعة الخرطوم.. كثيرون لا يدركون ان هذا المصلى النسائي شهد جرائم إغتصاب جماعية لمجموعة من الفتيات كن يعملن في تجهيز الوجبات الرمضانية للمعتصمين.. وبعد مواعيد السحور توجهن للمصلى الذي إتخذنه مكانا للنوم بعد يوم رمضاني طويل ومرهق في تجهيز وجبات المعتصمين الرمضانية وخلدن لنوم عميق.. سويعات وبدأت بعض القوات ومنها قوات من الدعم السريع بدخول ساحة الإعتصام الرئيسية وشرعوا في إطلاق النار على الشباب الذين كان معظمهم في سبات عميق في ساحة الإعتصام وحدث هرج ومرج إستغله بعض أفراد مليشيا الدعم السريع وتسللوا خفية لمصلى النساء بعد ان اخبرتهم عيونهم سلفا وجود عدد من الفتيات ينمن يوميا داخل المصلى.. من هنا نترك التفاصيل الدقيقة لشاهدة عيان نمسك عن إسمها حماية لها حسب إتفاقي معها وإختصارا نرمز لها بإسم (ت)، وكانت تسكن بأحد أحياء بحري مع والدتها بائعة الشاي والتي أصبحت مسؤولة عن تربية بناتها الايتام الثلاث بعد وفاة والدهن، ثم إنتقلن لساحة الإعتصام بهدف بيع الشاي في الناحية الشرقية قرب الخيمة الكبيرة التي نصبت هناك في مواجهة شارع الستين، وكانت تربطني بها وبوالدتها بائعة الشاي (ر) معرفة قوية حيث إنني تسببت في شراء منزل لها بواسطة زوجة سفير خليجي بالخرطوم بعد أن كتبت عنهن قصة صحفية مؤثرة بصحيفة الرأي العام بانهن يقمن في الشارع.

وعندما إنتشر خبر نية بعض الجهات فض إعتصام القيادة إتصلت هاتفيا بوالدة الفتاة وطلبت منها مغادرة المكان فورا فرفضت بحجة إنها لم ترى شيئا أو تحركات تنبئ بذلك.. وبعد أقل من عشر دقائق إتصلت بي مذعورة قائلة أن عدد من البصات انزلوا مجموعة كبيرة من قوات الدعم السريع بشارع الستين شرق القيادة العامة واخذوا في إطلاق النار على المعتصمين من الشباب، وفعلا سمعت صوت الرصاص عبر الهاتف.. فطلبت منها التوجه سريعا مع بناتها الثلاث ناحية بري فوافقت، لكنها بعد قليل إتصلت بي مرة أخرى وقالت إن إبنتها الكبرى (ت) رفضت مغادرة ساحة الإعتصام فطلبت منها الخروج مع بنتيها من المكان فإستمعت لنصيحتي فغادرت وإحتمت بأحد منازل بري حسب نصيحتي لها.. وظللت ليومين بعد جريمة فض الإعتصام أحاول الإتصال بإبنتها (ت) للإطمئنان عليه دون جدوى، وفي اليوم الرابع ردت على مكالمتي فسالتها عن إبنتها وهل عادت للمنزل، فاوضحت انها عادت ولكن في حالة يرثى لها ظلت مرعوبة جاحظة العينين ورفضت التحدث معي.. وعلى الفور توجهت لها بالمنزل بشرق النيل.

حكاية مُرعبة:

عندما قابلتها بالمنزل كانت في حالة رعب وذهول كما قالت لي والدتها وبعد محاولات عديدة كشفت لي عن سبب رعبها وذهولها وفجرت امامي قنبلة خبرية داوية، إذ قالت لي: سبب ذهولي ورعبي إنني شاهدت جنود مليشيا الدعم السريم يغتصبون فتيات الإعتصام داخل مصلى النساء صباح يوم فض الإعتصام, فطلبت منها سرد الحكاية بالتفصيل وافقت بشرط الا انشر إسمها ولا صورتها ومن ثم بدأت تحكي ولا يزال الرعب يسيطر على وجهها:

بعد رفضي لطلب أمي الخروج معها من ساحة الإعتصام، وكانت وقتها الذخيرة تنهمر كالمطر ناحية الشباب المعتصمين، توجهت مع صديقتي وكانت والدتها أيضا تبيع الشاي قرب موقع والدتي قبالة شارع الستين، قررنا التوجه لمصلى النساء بمسجد جامعة الخرطوم والإختباء داخله، لكن عندما إجتزنا البوابة الشرقية تناهي لاسماعنا هرج ومرج وصراخ لبعض الفتيات اللاتي كنا نعلم أنهم يقضين ليلتهن كل يوم هناك، وسمعنا أصوات الدعامة تامرهن بعدم الصراخ فعلمت ان الفتيات يتعرضن لعملية إغتصاب تجرى فصولها داخل المصلى!.. وعلى الفور إختبانا داخل دورة المياه الملحقة بالمصلى لكن صراخ الفتيات دفعني للتوجه ناحية أحد نوافذ المصلى لمشاهدة ما يجري بالداخل بحيث لا يراني أحد افراد المليشيا والذين كان عددهم لا يقل عن 20 وصدق تماما ما توقعته، هناك عملية إغتصاب جماعي تجري للفتيات داخل المسجد بواسطة افراد المليشيا وتعرفت عليهم من زيهم العسكري المعروف لدى الجميع.. شاهدت الفتيات وكن يقاومن بقوة لكن أفراد المليشيا تغلبوا عليهن بالطبع بمساعدة بعضهم البعض وتهديدهن بالقتل، وبعضهن تعرضن لإطلاق النار فعلا من المليشيا بسبب مقاومتهن الشرسة.. بعدها بنحو 45 دقيقة هدأت الأصوات، لقد تمت عملية الإغتصاب الجماعي وخرج أفراد المليشيا من المصلى عبر البوابة الشمالية التي تفتح على شارع الجامعة، وقبل خروجهم شاهدتهم يأخذون هويات الفتيات من بطاقات قومية وجامعية وموبايلات معهم وبعد خروجهم من المصلى دخلت مع صديقتي لداخل المصلى ويا هول ما رأينا!.. حوالي 15 فتاة عاريات تماما كما ولدتهن أمهاتهن راقدات بلا حراك في أوضاع مختلفة على سجاد الصلاة تحيط بهن بركة من الدماء وبعضهن متوفيات مصابات بطلقات نارية في رؤوسهن، والتي لم تصاب برصاصة لفظن أنفاسهن ايضا بسبب العنف الجسدي الذي تعرضن له.. ولم أجد شيئا افعله مع صديقتي سوى ان سترنا الفتيات بسجاد المصلى وخرجنا ناحية كبري الحديد تجاه الخرطوم بحري، ثم توجهت مع صديقتي لمنزلنا بأحد احياء شرق النيل.

والدة الشاهدة:

بعد أيام توجهت لمنزل البنات الأيتام بشرق النيل مرة ثانية وسالت والدتها عن إبنتها (ت) فأخذت تبكي قائلة:

بنتي منذ زيارتك الأولى لنا بالمنزل وبعد أن سردت عليك تفاصيل الإغتصاب الجماعي للفتيات داخل مصلى النساء بمسجد جامعة الخرطوم ظلت تحبس نفسها داخل غرفتها ولا تسمح بدخول أحد إليها، فعندما وصلت المنزل بعد فض الإعتصام كانت مذعورة لدرجة إنني إعتقدت إنها فقدت عقلها.. أصبحت لا تأكل ولا تشرب، تنتابها ليلا حالات هيستيريا وكأنها تخشى شيئا أمامها وعندما أدخل لها في غرفتها أجدها متكومة على نفسها في السرير وتصرخ بصوت عالي وكأنها تشاهد شيئا مرعبا أمامها.. نصحني الجيران بعرضها على طبيب نفساني ففعلت فطلب منها سرد ما شاهدته إلا أنها كانت ترفض فقط تكرر: (الدعامة إغتصبوا البنات.. الدعامة إغتصبوا البنات).. وشخص الطبيب النفساني حالتها بالصدمة النفسية لما شاهدته من مشاهد مروعة وقرر لها بعض الحبوب المهدئة وحبوب أخرى كثيرة، لكن حالتها لم تتحسن.. فعرضتها على بعض الشيوخ وعملوا لها رقية ومحايات لكن حالتها ظلت كما هي لا تكلم أحدا وبالليل تنتابها حالات خوف وفزع.. لكن الحمدلله بعد فترة عادت نوعا ما لطبيعتها وزالت عنها الأعراض النفسية السابقة.

  • الحلقة القادمة

ــ إختطاف عشرات الطالبات الجامعيات من داخلية علي عبد الفتاح وإغتصابهن داخل منزل الزعيم الأزهري بامدرمان

ــ منظمة حقوقية ترصد 4680 حالة إغتصاب بينهن 417 قاصرا و4 طفلات أعمارهن لم تتجاوز الخامسة

ــ ما هدف مليشيا الدعم السريع من إغتصاب كل هذا العدد من النساء السودانيات؟