بين الفنون والعلوم

بقلم / يوسف بك / جيبوتي
سألني أحدهم قائلاً:
لماذا ذكرتَ الفنون قبل العلوم في مقالك السابق؟ هل ترى أن الفنون أهم من العلوم؟
فأجبته:
لأنني أرى أن العلوم ليست سوى جزء من الفنون، بينما الفنون بحر واسع يشمل العلوم في أعماقه.
فقال لي مستفسرًا:
كيف ذلك؟ اشرح لي أكثر.
فأوضحت له:
مصطلح “العلم” يُطلق على كل ما هو معلوم ومألوف، وكل ما هو محدد ومقنن، محصور داخل أطر واضحة ومُعرّفة.
أما “الفن”، فهو أفق الإبداع والابتكار في شتى المجالات. إنه القدرة على الإتيان بالجديد أو إعادة تشكيل القديم، عبر خرق العادات وتجاوز الحدود، وكسر القوالب وحتى نقد العلوم نفسها.
بعبارة أخرى:
الفن هو البدايات، بينما العلم هو النهايات.
الإبداع هو الولادة، والفن هو المولود الجديد، أما العلم فهو الكائن الناضج أو الشخص المستقل الذي تبلور بعد رحلة طويلة من النمو.
بهذا المعنى، تتداخل الفنون والعلوم في علاقة تكاملية؛ حيث ينطلق الإبداع الفني من العدم ليؤسس للمعرفة العلمية، فتكون الفنون دائمًا المنطلق والعلوم النتيجة.