إعلام ما بعد الحرب

بعين مفتوحة

د. خالد البلولة

 

يواجه الإعلام الرسمي في السودان تحديات حقيقية كشفتها تداعيات الحرب الأخيرة،حيث بدا واضحًا عدم مواكبته للتطورات والمتغيرات الحديثة في المجال الإعلامي.

هذا الواقع يعكس حاجة ملحّة لإعادة رسم السياسة الإعلامية لهيئة الإذاعة والتلفزيون،بحيث تصبح أكثر قدرة على إدارة الأزمات،والتفاعل مع الجمهور، وتقديم رواية إعلامية متماسكة ومؤثرة.

يتطلب إصلاح الإعلام السوداني تبني نهج أكثر مرونة وتطورًا، بحيث يركز على تأسيس وحدة متخصصة لإدارة الإعلام أثناء الأزمات، تضمن سرعة الاستجابة، ودقة المعلومات،وتماسك الخطاب الإعلامي،مع اعتماد أدوات حديثة لرصد وتحليل المحتوى الإعلامي في الداخل والخارج لضمان مواكبة المستجدات والتفاعل السريع مع الأحداث، كما يقترح إنشاء منصات إعلامية رقمية مستقلة ملتزمة بالمعايير المهنية،مما يتيح للمواطنين التعبير بحرية ضمن إطار سياسات إعلامية تضمن التنوع والانضباط دون أن تؤدي إلى الفوضى الإعلامية.

ولتعزيز دور الإعلام التفاعلي، لا بد من الاستفادة من منصات البث المباشر والتقارير التفاعلية، بما يتيح للمواطنين فرصة المشاركة في صناعة المحتوى، إضافة إلى تحرير السياسة التحريرية من البيروقراطية، وتمكين الصحفيين والمذيعين من أداء دورهم بمهنية واستقلالية،وإعادة هيكلة البرامج لتواكب الواقع الجديد بدلًا من الاستمرار في أنماط إعلامية تقليدية فقدت تأثيرها،كما أن التدريب الإعلامي يجب أن يكون أكثر تكاملًا، بحيث يشمل فرق العمل كافة من معدين ومخرجين ومذيعين ومصورين لضمان فهم موحد لآليات الإنتاج الإعلامي ويجب أيضًا إلزام كل متدرب بتطبيق ما تعلمه عمليًا عبر تنفيذ مشاريع إعلامية حقيقية، في مجال إدارة الإعلام أثناء الأزمات.

ولضمان إصلاح فعّال للإعلام الرسمي في السودان،يجب إطلاق منصات إعلامية رقمية موازية،وتاسيس إدارة داخل الإذاعة والتلفزيون تتولى تطوير المحتوى بناءً على التغذية الراجعة من الجمهور، بالإضافة إلى دعم المشاريع الإعلامية المستقلة التي تلتزم بسياسات مهنية مرنة تتيح حرية الرأي دون التفريط في القيم الصحفية.

إن هذه الاقتراحات ضرورة ملحّة لإعادة بناء المشهد الإعلامي السوداني ليكون أكثر تأثيرًا وقدرة على مواكبة الواقع الجديد، بما يضمن تقديم محتوى إعلامي مهني وفاعل يخدم المجتمع في مرحلة ما بعد الحرب..