على قاقرين..راوغ الحياة ببراعة فأحرز فى شباكها اهدافا ذهبية

 

 *بقلم د. عبد اللطيف سعيد

 

أنه على قاقرين كابتن فريق الهلال العظيم وكابتن الفريق القومى السودانى، ثم هو دكتور واستاذ جامعى متخصص فى اللغة الفرنسية، والى ذلك هو سفير فى وزارة الخارجية السودانية، فهو اذا : كابتن واستاذ جامعى وسفير !

قد يجمع بعض الناس وظيفتين مما سبق ذكره ولكن أن يجمع كل الوظائف الثلاث فى قرن فهذا شئ نادر الحصول٠

لأن اية واحدة من الوظائف المشار اليها تستغرق العمر كله والجهد كله والطموح كله..

صيرورة احد الناس لاعبا كبيرا فى فريق كبير ثم قيادة الفريق اضافة الى قيادة الفريق القومى فى يوم من الايام قد يكون ثمنها ترك التعليم باكرا أو الزهد فى الاستمرار فيه، فمعلوم عند كثير من الناس أن احتراف الرياضة مضاد للبقاء فى سلك التعليم، وكثيرا ماتنصح الأسر ابناءها بترك التعلق بالرياضة ريثما يكملوا التعليم، ولكن الناس ينسون أن الرياضة لها تعلق بالطاقة البدنية وببواكير العمر فمن ترك الرياضة حتى يكمل التعليم لم تصبر عليه الرياضة أو تنتظره، بل أنها ستتركه قبل أن يتركها فكيف تسنى لعلي قاقرين أن يجمع هاتين الضرتين: المدرسة ودار الرياضة تحت سقف واحد، فيصير البطل الرياضي علي قاقرين والدكتور المتخصص فى اللغة الفرنسية علي قاقرين؟!

ثم فى خضم كل ذلك يلتحق علي قاقرين بالسلك الدبلوماسي حتى يصير سفيرا في وزار ة الخارجية!

والغريب في الأمر أن المجالات الثلاثة التي ولجها علي قاقرين هى مجالات شائكة صعبة المراس، ففي مجال الرياضة يتعرض الرياضي كثيرا لابتزازات جمة، من رئيس النادي مرة والمدرب مرة والزملاء اللاعبين ومن الجمهور مرات، وهى ابتزازات تتدرج من الاغراء الى التهديد الى العنف الذى قد يكون لفظيا أو جسديا أو معنويا من أفراد أقوياء وبطشة وأغنياء مترفين مردوا على هذا السلوك ومارسوه واجادوه بالمدد المتطاولة وتفننوا فيه، وقد تعرض قاقرين مرة الى تجربة كادت أن تسلبه حريته بل أن تؤدي بحياته حينما هتفت الجماهير فى دار الرياضة وبحضور جعفر نميرى: (رئيسكم مين – – – علي قاقرين)•

أما مجال التعليم الجامعي فداخله محتاج أن يكون متحصنا دائما من شر حاسد إذا حسد، واحيلكم الى حبر الأمة الإمام عبدالله بن عباس يصف تحاسد العلماء قائلا:

(استمع الى العلماء ولا تصدق بعضهم على بعض فوالذى نفسي بيده لهم أشد تغايرا من التيوس فى زروبها) يعنى زرائبها..

واستمعوا إن شئتم الى مالك بن دينار وهو يقول: ( يؤخذ بقول العلماء والقراء فى كل شئ الا قول بعضهم فى بعض فهم اشد تحاسدا من التيوس) ولااستبعد أن يكون علي قاقرين قد سمع أو وصل اليه قول بعض زملائه فى الجامعة: (انتوا الكورنجي ده ماله ومال المحاضرات والبحوث والمراجع ؟)

اما فى مجال الدبلوماسية فالابتسام سلعة متاحة والألسن تقطر عسلا والكلام ملفوف فى اوراق اللباقة الوردية لكن قد يكون تحت ذلك سكاكين المكر وحبائل الايقاع واكواب السم المجللة بأفخر أنواع الشكولاتة..

كيف نجح صاحبنا علي قاقرين فى الامساك بهذه الخيوط الثلاثة الخطيرة فى نفس الوقت دون أن يفقد صوابه ؟

هو اذا رجل عظيم ذو جلد وصبر ومصابرة وسعة صدر وقوة عزيمة ومرونةوشكيمة حديدية ينبغى أن يحتذيها الشباب ولكنه فى النهاية قال:

( قررت أن استقيل من كل ذلك لأنى شعرت أني محتاج الى أن استريح)

على قاقرين عظيم ولكنه انسان ككل الناس..

سلام عليه فى الخالدين ٠