
مرحبا بكم في فاشر السلطان
عبير الامكنة
- *الفاشر أبو زكريا (حجر قدو) خلق منها مدينة التساكن والتعايش المجتمعي
- *(فاشر السلطان) عصية على المليشيا التي أيقنت أن دخولها (اضغاث أحلام)
- *يستقبل أهل الفاشر زوارها ب(جيدن جيتو قنبو طولا)
- *الأستاذ جبريل عبدالله يمتلك مكتبة منزلية بها 30 ألف كتاب
- *تفاصيلها تجدها في (مكتبة قاضي مليط ومحل وقاية الارجل واولاد الريف وقهوة البنابر)
- *سلطنة الفور كانت الفاشر مقرها ومنها كانت تنطلق علاقاتها الخارجية وكسوة الكعبة الشريفة*
*مشاهد ينقلها:دكتور إبراهيم حسن ذوالنون
عند مداخل وبوابات مدينة الفاشر تلاحقك الآية الكريمة (ادخلوها بسلام آمنين) وعبارات (مرحبا بكم في فاشر السلطان). (جيدن جيتو حبابكم عشرة قنبو طولا). فالفاشر أبوزكريا مدينة من الصعب على اي قادم اليها حتى ولو لساعات أو أيام قليلة أن ينسى حرارة الاستقبال وكرم الضيافة وحتى ولو جاءها عابر سبيل.
مدينة اهم تفاصيلها أنها لا تحتضن الوافد الغريب فحسب بل تجعله جزءا اصيلا منها، وهذه الخاصية جعلت من الفاشر واحدة من المدن السودانية التي تعتبر سادن للتساكن المحتمعي والتعايش الاجتماعي برغم ان هناك مجموعات كثيرة ثابت انها من اهل الدار..
*صمود وجسارة وثبات*
مدينة فاشر السلطان وعبر حرب الكرامة آلتي يخوضها السودانيون ظلت تقدم التضحيات اليومية وبكل صمود وجسارة، وحال (نحن جند الله جند الوطن) حال من قال:
نفس الشريف لها غايتان
ورود المنايا ونيل المني
فاما حياة تسر الصديق
وأما ممات يغيظ العدا
ماحدث في الفاشر من صمود وجسارة وثبات حيّر الأعداء قبل الأصدقاء، حتى المليشيا المتمردة وداعميها المحليين الاقليميين الدوليين أيقنوا أنها مدينة عصية وان دخولها مجرد (اضغاث أحلام)، تحقيقها يصبح من رابع المستحيلات بعد (الغول والعنقاء والخل الوفي)، وأنا على يقين أن كل المراصد الاخبارية التي نقلت معلومات ومشاهدات الصمود والجسارة والثبات، هي الآن محل التحليل والتشخيص الفاحص في مراكز الدراسات الاستراتيجية ومعاهد علوم وتقنيات الحروب، لتصبح هذه المشاهدات في المستقبل محاضرات لمن يودون تعلم احترافية الحروب.
*التفاصيل التي شكلت الخصائص*
تفاصيل مدينة الفاشر أبوزكريا أو فاشر السلطان والتي صنعت (التساكن المجتمعي) لدي قاطنيها والقادمين اليها، و(صفات الصمود والجسارة والثبات) لدي مقاتليها الانقياء الاتقياء الفرسان الشجعان، هذة التفاصيل لم تتوفر محض الصدفة وإنما نتاج إرث تاريخي رسمت ملامحه سلطنة الفور (1606م/1874م و 1898م/1916م) والتي قدمت كل ما تقوم به الدولة الحديثة وقتها، حيث اسست نظم ادارة وحكم تتسق مع الجغرافيا التي تمتد فيها السلطنة، وقدمت كل الخدمات الاساسبة بما يضمن لمواطنيها الحياة الكريمة، واقامت شبكة علاقات خارجية مع دول الجوار، أساسها الاحترام المتبادل، بل كانت تمثل عونا لها من مواردها، فكل دول الجوار لقيت حظها من العون المتمثل في المحاصيل التي تذخر بها السلطنة وتفي عن حاجتها، ولعل اكبر دلالة على نضوج تجربة سلطنة الفور أنها كانت تقوم بكسوة الكعبة الشريفة بمكة المكرمة، حيث انشأت المصانع التي تقوم بصناعة هذه الكسوة والتي كانت تحملها سنويا مع قوافل الحجاج العابرين لدارفور.
ولعل تأثير سلطنة الفور على أهل دار فور وعلى مدينة الفاشر واضح وضوح الشمس، ويظهر ذلك في نسبة المتعلمين والمثقفين، ففي الفاشر العديد من المؤسسات التعليمية الراسخة، وكانت لمدارسها اسهام فاعل في الحياة السودانية خاصة مدرسة الفاشر الثانوية، والتي قدمت للسودان الأفذاذ من الأطباء والمهندسين والقانونيين والبياطرة والزراعين والسلك الدبلوماسي والمعلمين والمهنيين والحرفيين، والذين قدموا اضافات مهمة في كل مناحي الحياة، ولعل مايميز الفاشر أنها ذاخرة بالمكتبات، وأبرزها مكتبة( قاضي مليط) والتي كانت قبلة لكل المثقفين حتي أوائل تسعينيات القرن الماضي، وغيرها من المكتبات التي تمثل مزارا ومنتدى يوميا للمثقفين للتزود بالصحف والمجلات السودانية اليومية والاسبوعية، ولعل أهل الفاشر يذكرون حتى منتصف الثمانينات أنهم كانوا يقرأون الصحف اليومية المصرية (الأهرام والأخبار والجمهورية وأخبار اليوم) ومجلات (صباح الخير وحواء وروز اليوسف واكتوبر) ومجلات الأطفال (سمير وميكي) وألغاز (المغامرون الخمسة والمغامرون الأربعة والشياطين ال13) في نفس يوم صدورها في القاهرة، أما مجموعات مثقفي الفاشر فكانوا يداومون على قراءة كتب طه حسين والعقاد ويوسف السباعي ونجيب محفوظ والكواكبي ومحمد عبده ومحمد حسنين هيكل ودواوين احمد شوقي وحافظ إبراهيم والمازني وعلي محمود طه المهندس ومحمود سامي البارودي ولعل اكبر دليل على ذلك الاهتمام احد مواطني الفاشر الأستاذ جبريل عبدالله كاتب وباحث في التاريخ ووزير وبرلماني سابق له مكتبة في منزله بالفاشر وقد رايتها بعيني تحوي 30 الف كتاب بالاضافة للموسوعات والوثائق والمخطوطات، وقد كان رحمة الله مثقفا من طراز فريد.
مدينة الفاشر أسهمت في تفاصيل خصائص أحيائها المختلفة (أولاد الريف) وهم أحفاد المهندسين والعمال المهنة الذين تم استخدامهم من مصر، اسهموا في إعمار المدينة وتشييد قصر السلطان علي دينار والذي أصبح متحفا الآن، وفي المتحف يجد زائره كل تفاصيل هذه المدينة المتمردة وتاريخها، وعلى جدران ولوحات مخطوطات المتحف يلحظ بوضوح ملامح التساكن والتعايش في الفاشر وعلى نفس الجدران يلحظ تاريخ (الجسارة والبطولة والثبات) والتي صنعت صور (الجسارة والبطولة والثبات).
*حجر (قدو) اثر باق*
مدينة الفاشر كل حي فيها له قصة وكل معلم فيها له حكاية، هناك محل مشهور لصناعة الأحذية التقليدية (مركوب الفاشر) هذا المحل كان قائما حتى بداية تسعينيات القرن الماضي، المحل اسمه (محل وقاية الأرجل) وهو في البدء كان يصنع الأحذية وفقا للضرورات الاجتماعية ف(المركوب الفاشر) له مواصفات وفنيات يدركها صانعوه ومن يشترونه، ولكن هذا المحل (محل وقاية الأرجل) لها مواصفات صحية خاصة ب(الأرجل)ينصح بها الأطباء الرسميين وأطباء الطب البديل.
من معالم مدينة الفاشر (بير حجر قدو) وهو أثر تاريخي يحتفي به اهل الفاشر أيما احتفاء ويتوافد إليه زائرو المدينة، وهناك مقولة شعبية أن من يشرب من (حجر قدو) لابد أن يعود للفاشر مرة ثانية أو يصبح من ساكنيها متساكنا مع مجموعاتها السكانية ومتعايشا مع مجتمعاتها، وفي الأصل كان بئرا ضمن مجموعة آبار حفرت وسط المدينة شرق السوق الكبير حيث يروي بعض الرواة أن السلطان علي دينار قد امر جنوده في زمن شحت فيه مياه الشرب بحفر آبار في نفس المكان والذي كانت طبيعته صخرية، وبدأوا الحفر وبعد جهدكبير اخذ الماء في الانسياب وهتف الجنود (الماء جاء بعد ما حجر قدو)..