مسيرة حلم

 

هند النزاري / السعودية

 

على قَدَرٍ شادتْ إلى المجد مرتقى

فما أخفقَ المسعى ولا خابتِ الرُّقَى

 

وقد صدقتْ فيها المقاديرُ وعدَها

فَعِزٌّ على حقٍ ونصرٌ على تُقَى

 

فصارَت وما في كوكبِ الأرضِ مثلُها

سعوديةً عُظمى تُوالَى وتُتَّقى

 

أدامَ عليها الله نُعماهُ فانتهتْ

ربيعًا على الأيامِ فَينانَ مُورِقا

 

تَرَى الفخرَ نخلًا في رُباها وكلما

تولَّتْه شمسٌ بالكراماتِ أغْدَقا

 

فإن شاقَهُ التهويمُ ألقى حِباله

على أيِّ أقمارِ النواحي فأشْرَقَا

 

يُسابق في أفلاكها النجمُ ظِلَّه

فيشهق ربان القوافي: ترفَّقَا

 

فبينكما دارَ المدى ألفَ دورةٍ

وكان لرُصَّادِ الأعاجيبِ مُلتقى

 

ولم يبقَ لي في الدربِ إلا أثارةٌ

لطيبٍ تَرَامى أو ضياءٍ تَدفَّقَا

 

فحاذَيتُ عَرَّابَ العُلا غير أنه

أصابتْه عدوى الكبرياءِ فَحلَّقَا

 

رأى واقعًا يستلهمُ الحُلمُ كُنهَهُ

وحُلمًا له في الصحوِ جندٌ فوثَّقَا

 

رأى عزمَها صقرًا على كلِ شاهِقٍ

حَبَتْهُ يدُ الصحراءِ وسمًا مُعتَّقا

 

وأعطته من إنسانِها الحرِّ رؤيةً

وزادتْ له عن منطقِ الطيرِ مَنطِقَا

 

إذا ما سها التاريخُ عنها هنيهة

تعدَّتْه فاستعدى وبارى وصفَّقَا

 

وجمَّع أجنادَ السُّرى كي تعينَه

وشدَّ سروجَ الصبحِ عزمًا لِيلحَقَا

 

فإن سارَ سلمانُ انطوى في ركابه

زمانٌ وقال الكونُ: سيرًا مُوفَّقَا

 

فما وقفَتْ في وجهِ حُلمٍ حقيقةٌ

ولا خانتِ الأحلامُ وعيًا مصدَّقَا

 

وجئتَ على قدرِ الخُطى يا محمَّدُ

وها كلُّ ما قد كان حُلمًا تحقَّقَا

 

وقد كنتَ أنتَ الحلمَ للواقعِ الذي

تجلَّى فطافَ الفجرُ دنياهُ واسْتَقَى

 

فمِن ومضةٍ شَقَّتْ سماءٌ أديمَها

ومن طيفِ رؤيا قلبُ قفرٍ تَفتَّقَا

 

وصار لنا أن نُقطِع الحلمَ فسحة

ونمنحَ إذنًا للخيالاتِ مُطلقا

 

ونقفو الأماني ثم نستكثرَ الرُّؤى

فموطنُنا يُعطي على الحلمِ مَوْثِقَا