الحنين للأمكنة
صمت الكلام _ فائزة إدريس
—————–
——————
للأماكن قدسية وحضور أخاذ في قلوب ونفوس الكثير من الناس، فكم من أماكن وأماكن لها وقع كبير وجاذبية في نفوس البعض من الأشخاص، ولها ذكريات تموج بها خواطرهم ، فهنالك أناس يهوون الأماكن التي كانوا بها ذات زمان وغادروا وارتحلوا منها من بعد ذلك، فهي مطبوعة في ذاكرتهم لم ولن تنمحي منها وان طال الأمد،فإن الحنين إليها يعتريهم بين الفينة والأخرى.
و بلاشك طيلة هذه الحرب اللعينة يسري ويتملك الحنين الكثير إن لم يكن الجميع من الناس ممن غادر دياره ومكانه الذي شهد فيه البعض مرتع طفولته وصباه و آخرين عاشوا ذكريات شبابهم وغيرهم عاصروا فيه كل المراحل العمرية التي مرت بهم، فهذه الأماكن مختزنة في ذاكرتهم لاتستطيع عوامل الزمن والأيام محوها وان إبتعدوا عنها، فهي الغائب الحاضر أمام أعينهم.
وليست الأماكن مقصورة فقط على المنازل والبيوت وإن كانت تلك تأخذ نصيب الأسد من الأشواق إليها عند جمع من الناس، ولكن قد يكون ذلك المكان الذي تنجرف إليه مشاعر الحنين عند الفرد على سبيل المثال وليس الحصر، مدينة ما أو قرية أو مدرسة درس بها سنوات من عمره، أو ربما كان شارع له فيه ذكريات مختلفة ، وقد يعاود الأفراد الحنين لحي من الأحياء أينما كان ذلك الحي أو تلك (الحلة)، وهكذا على ذلك المنوال…
وتتربع الأماكن في الأشعار منذ القدم وحتى الآن ولها معاني ودلالات، ووطيدة الصلة بالشعر والشعراء، فمثلاً إمروء القيس تداعت ذكرياته وفاض حنينه حين قال
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
ويقفز إلى الذهن بيت أبوتمام الأشهر في ذات السياق حينما قال:
كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتي
وحنينه أبداً لأول منزل
ويمضي الشعراء في نظم الدرر في الحنين والمكان وكل يغني على ليلاه، فالشاعر السعودي منصور الشادي أبدع في نظم قصيدة الأماكن ونقتطف منها:
الأماكن كلها مشتاقة لك
والعيون اللي إترسم فيها خيالك
والحنين اللي سرى بروحي وجالك…….
فهكذا الأماكن محفورة ومنقوشة في ذاكرة كل فرد وموشحة بالحنين مهما كانت مدتها الزمنية.
نهاية المداد
الأطفال يافاطمة بغنوا
الأفراح لابد من ترجع
الأحلام الدونك فاتت
لو واصلنا صباحا بيطلع
(قاسم أبوزيد)