الرئيس إلى نيويورك
علي عسكوري
جاء في الأخبار أن الرئيس برهان سيتوجه إلى نيويورك لمخاطبة إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
يسافر السيد الرئيس وبلادنا ضحية لغزو أجنبي يشارك فيه مرتزقة من عدة دول أعضاء في الأمم المتحدة، بينما تضرب تلك الدول صفحا عن الجرائم التي يرتكبها المرتزقة من مواطنيها و تتصرف وكأنها لا علاقة لها بالأمر، بينما الأمر من صميم مسؤلياتها. فالدولة مسؤلة عن مواطنييها أحياء كانوا ام امواتا لأن حماية مقابر الموتي من مسؤوليات الدولة إذ لا تسمح الدولة باستباحة المقابر ونبشها إلا تحت إجراءات خاصة يحددها القانون. ولذلك فتظاهر بعض الدول بأنها غير مسؤولة عن الجرائم التى يرتكبها مواطنوها مجرد (استهبال) ليس إلا!
ايضا تتصرف الأمم المتحدة بتراخي غير مسبوق تجاه ما يحدث من تلك الدول ولا تذكرها بواجباتها وضرورة وقف ارتزاق مواطنيها دعك من تدفق مواطنيها علي بلادنا وارتكابهم للجرائم في مواطنيينا. إن هؤلاء المرتزقة لم يهبطوا من السماء بل يأتون من دول معروفة، لماذا تصمت الأمم المتحدة عن هذه الحقيقة! إن لم يكن هذا هو التواطؤ بعينه فما هو التواطؤ إذن!
إذن، يذهب الرئيس بكل هذه الحمولة الضخمة من التآمر علي بلادنا لتفكيكها وهذه مسؤولية ضخمة أمام عالم أغلبه مرتشي ومتواطيء لا يرغب في الإستماع لوجهة نظر الضحية.
لا شك ان وضع العالم والشعوب الحرة أمام مسؤولياتها أمر ضروري، فالأمر لم يعد حديثا مرسل عن المساعدات الإنسانية التي لم تصل، إنما الزام الدول التي تسمح لمواطنيها بالاتزاق ضمن مليشيا الدعم السريع بالقيام بواجبها ووقف تدفق المرتزقة. الآن نعلم ان الإمارات توفر المال والسلاح والعتاد والذخيرة الخ .. بينما تتواطأ دول مثل تشاد وافريقيا الوسطي و تغض الطرف عن مواطنيها الذين يتم تجنيدهم كمرتزقة لقتل السودانيين ومهاجمة قراهم وطردهم وتشريدهم.
تغض الأمم المتحدة الطرف عن كل ذلك ولا تدينه ويحدثنا مسؤولوها عن المعونات الإنسانية والتشرد الخ.
رغم علمنا المسبق ان الأمم المتحدة مؤسسة فاشلة اقصي ما تفعله هو التعبير عن (قلقها)، إلا ان واقع الحال في المجتمع الدولي يلزمنا بتذكير الشعوب بحقيقة ما يجري ضد بلادنا من منبرها الزائف. وعندما نقول أن الأمم المتحدة مؤسسة فاشلة لا نتهمها بالباطل، فلينظر القارئ الي عدد الحروب التي وقعت في العالم منذ اكتوبر 1945 (تأسيس الأمم المتحدة)، رغم انها قامت أساسا لمنع الحروب ليعلم صحة ما نقول.
تقدم حرب السودان مثالا آخر لفشل الأمم المتحدة فقد تركت في العقد الأخير معالجة أسباب الحروب واتجهت الي المعونات الإنسانية التي فشلت فيها هي الأخري من واقع ما تقوله عن عدم قدرتها علي جمع الأموال. الإنتقال من معالجة أسباب الحروب الي المعونات الإنسانية يعني صراحة فشلها في هدفها الذي أُنشأت من أجله. فواقع الحال الدولي يقول ان الأمم المتحدة أصبحت أداة طيعة لخدمة اهداف الإمبريالية و ذلك بصمتها المتعمد وتواطئها الفاضح مع مصالح الإمبريالية العالمية. وكليل علي التواطؤ نذكر أمر بعثة فولكر مع عبد الله حمدوك وطلبه لها منفردا دون استشارة أحد وما قامت به تلك البعثة من محاولة لإعادة إستعمار بلادنا. الأمم المتحدة في ذاتها لا تستعمر البلاد إنما تعمل كأم مستأجرة (surrogate mother) للإمبريالية لفتح الطريق لها لتمكين الياتها الإستعمارية علي الشعوب.
إن مخاطبة الرئيس للعالم من منصة الأمم المتحدة فرصة للتوضيح للعالم اننا ضحية لمؤامرة خارجية تشترك و تتواطأ فيها دول عديدة بينما تصمت الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي وغيرهم من المنظمات عن تسمية الأشياء بأسمائها.
إن الفرصة مواتية للمطالبة بإدانة الدول المتواطئة وعلي رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا و المانيا وطفلتهم المدللة الإمارات العربية المتحدة. علي الأمم المتحدة ان تسمي الأشياء بأسمائها وتحمّل مسؤولية ما وقع من قتل وخراب وتشريد لدولة الإمارات ومن يقف خلفها.
إن الحرب الحالية ليست حربا بين جنرالين كما يزعمون، بل غزو خارجي كامل الدسم.
يرفض ميثاق الأمم المتحدة غزو الدول وانتهاك سيادتها ولذلك فالفرصة مواتية لتذكيرها بمواثيقها الأساسية، رغم علمنا المسبق بضخامة المؤامرة وتشعباتها واتساع نطاق التواطؤ بالنظر لما يصرف علي المتواطئين من أموال يسيل لها اللعاب.
بالطبع لن يألوا الرئيس جهدا لتوضيح قضية شعبه وأمته للعالم، ليسمع من يسمع ولـ (يطنش) من يطنش، ولكنه واجب يقوم به في وجه مؤامرة وفروا لها جميع أسباب ومقومات النجاح ولكنها فشلت!
هذه الأرض لنا