التوبة والمراجعات بين طرح د.الدرديري والشيخ الترابي (2-3)

 

علي أحمد دقاش

*في خواتيم الجزء الأول من هذا المقال  قلنا إن د.الدرديري أشار بإختصارإلى تطور الحركة الإسلامية منذ النشاة وحتى انقلاب 1989

*تمايزالحركة الإسلامية في السودان عن حركة الأخوان المسلمين العالمية في مصر بدأ مبكرا جدا منذ ما يعرف بمؤتمرالعيد 1954م ( تحدثت  إلى إثنين ممن حضروا مؤتمر العيد أعمارهم الآن فاقت الثمانين, حيث لم يبقى حيا منهم إلا عدد يحسب في (أصابع اليد), ونقلوا لي ما يطابق كلام د.الدرديري تقريبا.

*في قراءته لتجربة الحركة الإسلامية أشار الدرديري إلى تجربة التنظيم الموازي التي أخذها إسلاميي السودان من الفكر الشيوعي ووضح أثرها السالب  والموجب على الحركة الاسلامية السودانية (أفاض الدرديري في ذكر الأثر السالب) وذكر نماذج من الأثرعلى بعض الحركات الإسلامية في الوطن العربي, وقد يكون سبب كون أن تجربة التنظيم الموازي هي أحد محركات الصراع في الحركة الإسلامية هو ربما إخراج الفكرة من سياقها الماركسي الأيدولوجي إلى سياق مغاير.

*أعتقد أنه قد آن الأوان لمناقشة هذه الفكرة (فكرة التنظيم الموازي أو تفويض السلطات إلى مجموعة صغيرة).)

*يجب مراجعة الفكرة والنظر هل تسبب في إلغاء المؤسسات وهل هي مغذية للانشقاقات التي ضربت الحركة الإسلامية في السابق وتهددها الآن وفي المستقبل.

*هل الفكرة نوع  من النجوى المنهي عنها والتي قال الله إنها من الشيطان.

*هل إنشاء حزب بديل للمؤتمرالوطني في وجود الحزب الأصل هو صورة من صور التنظيم الموازي وتحايل ذكي على تحديات الواقع أم أنها خطوة تمهيدية  لحل الحزب.

أعتقد أنه آن الأوان لمناقشة  تكتيك إلغاء المؤسسات وتفويض عدد محدود من القيادات لإدارة الحزب لمعرفة المحاسن والمخاطر.

*اللغط الكثيف الذي دار حول الجيش كمؤسسة قومية ذات مهام يحددها الدستورأيضا يجب أن يكون مكان نظر.

*هناك عاملان رئيسيان ضمن عناصر أخرى عديدة أثرت على الإسلاميين أنهكت قواهم وبددت طاقتهم هما:

1/الصراع مع اليساروالشيوعيون خاصة (اليسارفوبيا والاسلاموفوبيا).

2/الصراع العربي الإسرائيلي وانعكاسه على السودان وتصدر للمشهد فيه.

*أولا الصراع مع اليسار ( الشيوعيين والبعثيين) و العلمانين عموما, بدأ هذا الصراع مبكرا منذ تأسيس حركة التحرر الوطني والجبهة الوطنية للدستور قبيل الاستقلال مرورا بمعركة حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد ممثليه من البرلمان(قال فيها الترابي رأياً مختلف في برنامج شاهد على العصر), هناك  تجربة الحركة مع نميري واليسار ما بعد ثورة أبريل 1985 التي اسقطت نميري ثم إنقلاب الانقاذ 1989م وما تلاه من إنقلاب البعثيين المضاد (ضباط رمضان) وإنتهاء بالثورة  التي اسقطت الانقاذ وشيطنة الإسلاميين ومحاولة اقصائهم من الساحة السياسية  نهائيا, الأمر الذي قاد إلى الحرب الحالية

*العامل الثاني هو الصراع العربي الإسرائيلي وارتباط السودانيين  وجدانيا بالقضية الفلسطينية ودعمه لها ومشاركة الجيش السوداني عمليا في أربعة حروب عربية إسرائلية مناصرا لمصر مما جعل إسرائيل تضمر لنا كثير من الحقد والعداء وتضع في خططها تدمير المقدرات السودانية كما جاء في محاضرة الأمن الداخلي الإسرائيلي وكتاب نتنياهو

(محاربة الارهاب) الذي أشار إليه الدرديري ونقل عن نتنياهو قوله: إن إسرائيل ليست لديها أي نية للتخلي عن الأرض التي احتلتها عام 1967 رغم أنف القانون الدولي.

*كشف نتنياهو عن عقدة إسرائيل تجاه الجيش السوداني الناتجة عن مشاركة الجيش السوداني في الحروب العربية الأربع  ضد إسرائيل ووقوف الرأي العام السوداني حكام ومحكومين ضد إسرائيل مناصرين للقضية الفلسطينية,  وهو ما جعل إسرائيل تضمر العداء السافرللسودان وتدعم تدمير مقدرات الجيش السوداني عبر الدعم الذي تقدمه في الحرب الحالية عن طريق الإمارات رغم محاولات التطبيع معها ومقابلة البرهان لنتنياهو في يوغندا.

*الحرب الدائرة الآن هي تدمير ممنهج للمقدرات السودانية  وتبديد لموارد السودان التي انزعج منها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي.

*ورقة الدرديري مدخل جيد لنقاش القضية بشمول  قضية الحرب المفروضة على الجيش وقضية الأزمة التي تعيشها القوى السياسية السودانية وعدم اتفاقها على مشروع وطني موحد.

*أتمنى أن يقرأ الناس الورقة مصحوبا معها ورقة شيخ حسن الترابي (مشروع المنظومة الخالفة المتجددة)

*أرجو أن أشير إلى أن كتاب د. عبد الرحيم عمر  محي الدين(أسباب سقوط حكم الاسلاميين في السودان) قد وفر معلومات هامة مرتبطة بالمراجعات يمكن الاستفادة منها.

نواصل