مجزرة القطينة … شهود عيان يحكون التفاصيل المؤلمة

- تم إجلاء المصابين إلى شاطئ النيل وعبروا بالمراكب إلى أن وصلوا الدويم
- أفراد قوات المليشيا كانوا يوجهون للمواطنين أسئلة محددة (وين القروش والدهب)
كوستي – هيثم السيد:
زارت صحيفة (أصداء سودانية) صباح أمس الأول جرحى مجذرة مدينة القطينة الذين تم إجلاءهم من هناك في عملية معقدة لتلقي العلاج بمستشفى الدويم, ولاحظت (أصداء سودانية) وجود أعداد كبيرة من مواطني القطينة وقراها المجاورة الذين جاءوا للأطمئنان على صحة أهاليهم.
رواية شاهد عيان:
وحول تفاصيل المجذرة تحدث إلينا محمود فضل 63 عاما وهو شاهد عيان وقال: نحن نسكن في أحياء القطينة الشمالية منطقتي (الكداريس والخلوات) ،ونعيش هناك منذ إندلاع الحرب ،وهناك أسر غادرت المنطقة إلى مناطق أخرى آمنة ،وهناك من ناشدونا بضرورة الخروج من المنطقة خوفا من غدر وبطش الدعم السريع ،ولكن الغالبية فضلوا البقاء لأرتباطهم بالزراعة والمعيشة ،وأشار في حديثه إلى أن أهل المنطقة كانوا يتحاشون التعامل مع أفراد المليشيا المتمردة، ولكن صباح الأحد الماضي فوجئنا نحن سكان تلك الأحياء من مدينة القطينة وعدد آخر من الأحياء بالمدينة, تفجأنا بأصوات الرصاص من داخل الأحياء بكثافة ،وتواصل إطلاق الرصاص منذ الصباح حتى بعد صلاة العصر ، وكان أشبه بصوت مياه المطر على سقف الزنك ،خرج أهالي المنطقة في رحالة هلع على أثر ذلك لأستطلاع الأمر، وجدنا أعداد كبيرة من قوات الدعم السريع المتمردة وهم يطالبون السكان بأخلاء المنطقة ،وغالبيتهم أقتحموا البيوت وعاثوا فيها فسادا وقاموا بترويع المواطنين ونهبوا المنازل والمحلات التجارية قتلوا أعداد كبيرة من المواطنين ، ومضي في القول: كان أفراد قوات المليشيا يوجهون للمواطنين أسئلة محددة ،(وين القروش والدهب والسلاح) ،أما الموبايلات فيأخذوها مباشرة ،وإذا وجدوا سيارة بالمنزل يطالبون بمفاتيحها ،وإذا رديت عليهم بكلمة لم تعجبهم يطلقون عليك الرصاص، وتكون من المحظوظين لوأصابك بالرصاص في ساقيك.
عبورالنيل:
ويواصل محمود فضل في حديثه قائلا حاولنا إخراج النساء والأطفال من المنطقة ،وهناك كثير من الناس اتجهوا لغرب القطينة، وذلك من أجل عبوروا النيل الأبيض إلى الضفة الغربية بالمراكب لعد وجود وسيلة اخرى لاجلاء الناس،وحدث تدافع كثيف للعديد من الأسر على النيل والمراكب خوفا من بطش المتمردين ،وهناك من عادوا من النيل يبحثون عن أطفالهم ليصطحبوهم معهم ،وقابلوهم الدعامة بالرصاص القاتل .
إجلاء الجرحى:
ويقول الفضل في صبيحة اليوم التالي تسللنا إلى داخل الحي ووجدنا أعداد من الجرحى والموتى من المواطنين العزل ،وقام البعض بأجلاء المصابين إلى شاطئ النيل وعبروا بهم إلى الضفة الغربية بالمراكب ،وهناك تلقوا الإسعافات الأولية وتم ترحيل بقية المصابين إلى أن وصلوا مستشفى الدويم ،وأشار إلى أنهم أثناء توجههم إلى مدينة الدويم توفى أحد المصابين ،ووصلنا الدويم في الحادية عشر ليلا بحمدالله
عملية تهجير:
أحمد العوض من سكان القطينة وصل إلى مدينة الدويم رفقة عدد من المصابين وقد اصيب هو ايضا بطلق سطحي, وصف ماحدث في مدينة القطينة بأنه عملية تهجير، وقال تعرضنا لأبشع أنواع العنف ،وعندما تم اقتحام الحي كنت أراقب ما يحدث عبر حائط منزلي،كانوا يطالبون السكان بمغادرة المنازل ،قلت أصبر شوية ،فليس لي مكان أذهب إليه ،بعدها فوجئت بحوالي 8 من المتمردين يدخلون المنزل وطلبوا مني الجلوس على الأرض وكان معي ابن أختي عمره 15 عاما،ودخلوا الغرف ثم عادوا يسألون عن المال والذهب ،قلت لهم نحن مزارعين وعمال يومية بسطاء لانملك مالا ولاذهبا ،فقال أحدهم لزميله
(عمك ده صفيهو)، فقام بتعمير السلاح وتدخل آخر وقال لهم خلوه ،ولكن لحظة خروجهم من المنزل أطلق أحدهم الرصاص على أرجلنا فأصابني بجرح سطحي فيما أصاب ابن أختي بثلاث رصاصات في ساقه كادت أن تبتر الساق تماما ،وأدت إلى كسر في الساقين ،والمؤسف أننا ظللنا ننزف ولم نجد من يعاوننا على التحرك من مكاننا ،ولقد كتب الله لنا عمرا جديدا.
عدد الوفيات:
عدد الوفيات حتى يوم الأربعاء 19 فبراير وصل إلى 37 شهيدا حسبما ذكر شهود عيان من أهل المنطقة،وهناك عدد كبير من المفقودين ،يتوقع أن يكونوا في عداد المتوفيين ،لأن أغلبهم تعرضوا لإطلاق النار ولم يجدوا من يسعفهم ،وهناك جثث تم قبرها في مكانها داخل المنازل ،وغالبية من أقتحموا المنطقة من المتمردين تعرفنا عليهم.