السودان يستعيد عافيته.. بين الثقة في الجيش وحلم إعادة الإعمار

عمرو خان

*في خضم الحرب الدائرة، تبرز أخبار استعادة الجيش السوداني لسيطرته على بعض المدن كضوء في آخر النفق، تبعث الأمل في نفوس الكثيرين ممن اضطروا للفرار من منازلهم بحثًا عن الأمان. ومع كل مدينة يستعيدها الجيش، تتجدد ثقة الشعب السوداني في قواته المسلحة، ليس فقط كقوة قادرة على الحسم العسكري، ولكن أيضًا كركيزة أساسية لإعادة بناء الوطن المنهك.

الثقة في الجيش.. رهان الشعب على النصر والاستقرار:

*على مدار التاريخ السوداني، ظل الجيش يمثل العمود الفقري للدولة، وهو المؤسسة التي يعتمد عليها المواطنون في أوقات الأزمات. ورغم التحديات الكبيرة التي واجهها في هذه الحرب، إلا أن نجاحه في استعادة السيطرة على بعض المدن عزز إيمان الشعب بقدرته على استكمال المهمة وتحقيق النصر. هذه الثقة ليست مجرد مشاعر عابرة، بل تنبع من إدراك شعبي بأن السودان لا يمكن أن يستعيد استقراره إلا عبر جيش قوي قادر على حماية أراضيه وتأمين شعبه.

*ومع كل انتصار عسكري، تتعالى الأصوات الداعية إلى الإسراع في تحقيق الاستقرار وإعادة الخدمات الأساسية، حتى لا تظل هذه الانتصارات مجرد مكاسب عسكرية مؤقتة، بل تصبح قاعدة راسخة لانطلاق السودان نحو مستقبل جديد.

النازحون واللاجئون.. بين الأمل والانتظار:

*في الوقت الذي يتابع فيه السودانيون في الداخل والخارج هذه التطورات، يعيش النازحون واللاجئون حالة من الترقب. كثيرون منهم ينتظرون بفارغ الصبر عودة الاستقرار ليتمكنوا من الرجوع إلى ديارهم، بينما يخشى آخرون أن يكون الطريق إلى الأمن ما زال طويلاً

*لكن مع تزايد مناطق السيطرة العسكرية واستعادة مظاهر الحياة، تتصاعد الآمال بأن العودة باتت أقرب من أي وقت مضى. ومع ذلك، فإنهم يدركون أن العودة لن تكون مجرد قرار فردي، بل تحتاج إلى ضمانات حقيقية، تشمل إعادة الإعمار، وتحقيق العدالة، وتهيئة بيئة آمنة يمكنهم فيها استئناف حياتهم دون خوف من النزوح مجددًا

إعادة الإعمار.. التحدي الأكبر والمهمة القادمة:

*لا يمكن الحديث عن عودة الحياة الطبيعية دون الإشارة إلى ملف إعادة الإعمار، فهو الامتحان الحقيقي الذي سيحدد مدى قدرة السودان على تجاوز هذه المحنة. المدن التي دمرتها الحرب تحتاج إلى جهد وطني ودولي هائل لإصلاح بنيتها التحتية، وإعادة تشغيل المرافق الحيوية، وتحفيز الاقتصاد ليعود إلى مساره الطبيعي.

*وهنا، يأتي دور الجيش ليس فقط كقوة عسكرية، بل كمؤسسة قادرة على قيادة مرحلة إعادة البناء بالتعاون مع الكفاءات الوطنية والجهات الدولية. فكل انتصار ميداني يجب أن يتبعه انتصار تنموي، حتى يشعر المواطن بأن تضحياته لم تذهب هباءً، وأن السودان قادر على النهوض من تحت الرماد ليصبح أكثر قوة واستقرارًا.

ختامًا.. فجر جديد يلوح في الأفق:

*اليوم، وبينما تستعيد المدن السودانية أنفاسها ببطء، يبدو أن الأمل بدأ يتشكل من جديد في وجدان السودانيين. الثقة في الجيش لم تتزعزع، بل ازدادت رسوخًا، لكنها تحمل معها مسؤولية كبيرة: مسؤولية تحويل المكاسب العسكرية إلى استقرار دائم، ومسؤولية إعادة الإعمار ليعود السودان أقوى مما كان.

*إنها مرحلة دقيقة وحاسمة، لكنها أيضًا فرصة نادرة لإعادة بناء وطن يستحقه السودانيون، وطن يفتح أبوابه لأبنائه اللاجئين والنازحين، وطن يتجاوز المحن ليبدأ فجرًا جديدًا مليئًا بالأمل والعمل.

*صحفي وكاتب مصري