النهاية بين التايه والسرايا(دقلو أخوان ) أحدهما غائب يغرد والآخر هارب يعرد

فنجان الصباح

أحمد عبدالوهاب

  *خبران اختصرا مأساة مليشيا آل دقلو.. الأسرة التي جمعت الثروة والسلطة والنقود والجنود.. وصارت أغنى أسرة في افريقيا.. وكان زعيمها أقوى رجل في الدولة وصاحب أقوى مليشيا في العالم خبران اختصرا مأساة أسرة آل دقلو…

*الأول يتحدث عن نجاة المتمرد عبد الرحيم دقلو من الأسر أو القتل بكرامة البليلة فقد ألقي القبض على حراسه في ( تايه) في الصحراء.

*والخبر الثاني يتحدث عن تحرير مدينة كافوري الفاخرة ببحري ودخول الجيش سرايا عبد الرحيم دقلو.

*ففي الوقت الذي كان رجال الجيش وفرسان المخابرات يقتحمون قصر المتمرد عبد الرحيم دقلو كان ( التعيس) يفر مذعورا مثل فأر أمام كديس، ويفلت بأعجوبة من قبضة رجال المشتركة.

*كانت كاميرا هاتف جوال تتنقل بسلاسة في ذلك القصر المنيف في منطقة كافوري الثرية حيث البدخ والثراء والغرف والتحف والمطابخ الغربية وحمامات الجاكوزي وآنية الطعام الغالية وزجاج الخمور المستوردة.. وتنتقل من طابق فاخر  إلى طابق أفخر وأفخم حيث الرخام  الجميل والمصعد الحديث

لتعود إلى فناء السرايا حيث حوض السباحة الذي لا يتوفر إلا لقلة من أثرياء السودان.

*وبالمقابل كانت كاميرا المشتركة تصور محل إقامة المتمرد تحت شجرة شحيحة الظلال مفروشة ببروش رخيصة يمكن الحصول عليها في أي دكان بسوق ليبيا أو المويلح.

*كانت آثار بقايا طعام ومكان إشعال نار الطبخ وإعداد القهوة.. وجمرها لا زال حيا وابريق الشاي لا يزال دافئا.. سهادة علي تعريدة ود دقلو  تاركا خلفه بضعة حراس أوشك أحدهم أن يموت من الرعب وآخر كان يرتجف مثل أرنب بري.. لم تسعف دقلو شجاعته أو مروءته لكي يصطحبهم معه في سيارته.. فتركهم تحت رحمة المشتركة وقيل إن المتمرد الجبان لم يرفع رجله من مدعس السيارة المصفحة إلا في داخل تشاد.

*مسكين هذا المتمرد الرعديد  هبطت عليه الثروة والسلطة والجاه والرتب العسكرية في ليلة قدر انقاذية في الهزيع الأخير من ليل الانقاذ البهيم.. في نسختها الأخيرة التعيسة.. تحولات فجائية لم يكن الرجل مستعدا لها نفسيا ولا مهيأ لها أخلاقيا .. كانت الصدمة أكبر من طاقة شاويش الخلا الجاهل ولا قدرة مستجد النعمة.

*طغى الفريق خلا وبغى.. تكبر وتجبر.. ثم تمدد وهدد ثم تمرد.. وحتى على مستوى قطاع الطرق لم يكن للفأر المذعور من جرأة اللصوص أقل القليل ولا من شجاعتهم شروى نقير.. فهو مستعد دوما للفرار.. متأهب دوما للهروب في فعل لا يليق بالرجال.

*من أول أيام التمرد اختفى حميدتي.. أخوه غير الشقيق وبقية اخوانه مع القوة الصلبة..  ابتلعتهم ريح النوى والنوائب.. وصار زعيمهم يخاطب جنوده عبر الذكاء الاصطناعى .. أو عبر تغريدات يعدها له ياسر عرمان..  أو أي مستشار سجمان

*وهكذا صارت المليشيا المهزومة أحد رجلين

فحميدتي الغائب (يغرد) وعبد الرحيم  الهارب (يعرد

كم تركوا من جنات وعيون.

الباقي الله ياهجام فريق ام قرون.. فزوا وعردوا

وخلفوا وراءهم  دور وقصور

وطائرات وصافنات جياد.. وخدم وحشم في الغرف ذات العماد.

*مسكين هذا المتمرد الرعديد.. تخلى عن البدلة الاسموكنج والعطر الباريسي وعاد القهقرى للكدمول.. وخرج من أحواض السباحة ليسبح في الرهاب والسراب وبحرالرمال.. والاستحمام ببول الحمير.

*حميدتي إما هالك تأكله نار الآخرة .. أو حي تأكله نار الندم الأسف الطويل.

*مابين فخامة السراية وتعاسة التايه تكمن مأساة أسرة بدأت من الصحراء وانتهت إلى الخلاء والفناء.