القاص والشاعر اليمني المقيم بالسعودية خالد الحيمي في ضيافة أصداء سودانية (١-٢)

في دائرة الضوء
______________
_________________________
_________________________
أنا بعض شاعر ولم أصف نفسي يوماً بأنّي شاعر
________________________
أمقت وبشدة الوعظية الأدبية، وأعدها نوعاً من السذاجة والسطحية
_________________________
لم تكن الهجرة والاغتراب خياراً مطروحاً في حياتي
________________________
حوار / فائزة إدريس
__________________
في عالم الأدب، من أقدم مهد الحضارات في العالم، بتاريخها العريق وجمالها الطبيعي ألا وهي اليمن ومن محافظة المحويت التي تزهو بالمعالم الأثرية والمواقع السياحية وتعكس التراث اليمني الأصيل يشرق قاص وشاعر كنجميْن يتلألأان في سماء الإبداع يجمع بين سحر الكلمات وعمق المعاني يروي قصص الحياة بألوان من المشاعر المتدفقة.ينحت الكلمات ، ليخلق عوالم مليئة بالإبداع، تُحلق بنا بعيدًا في عوالم لا تنتهي. ألا وهو القاص والشاعر اليمني المقيم بالسعودية خالد الحيمي وهو قاص وشاعر وروائي يمني فائز بجائزة رئيس الجمهورية للشباب عن كتاب ( مرآة الزمن الأسود ) 2002م قصص قصيرة. أصدر :
لا شيء سوى الحلم قصص قصيرة 2010م
مذبوحاً كما يحلو لهم قصص قصيرة جدّاً 2014م
له:شذرات ونصوص شعرية لم تُنشر، (……..) رواية لم تُنشر، (…… ) قصص قصيرة لم تُنشر، وكتابات أخرى لم تجمع، كتب ونشر في العديد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من المؤتمرات والملتقيات الوطنية والوفود الشبابية داخل وخارج اليمن،عمل في سلك التربية والتعليم. أجرت أصداء سودانية معه هذا الحوار فإلى مضمونه.
**ما هي أبرز التحديات التي واجهتك خلال مسيرتك ككاتب؟
_________________________
* ميلاد الإنسان وحياته في اليمن تحد بحد ذاته؛ الفقر والفساد والحروب العبثية والارتزاق وتردي التعليم والخدمات الأخرى وتفشي الأمراض والأوبئة، والأدهى منها القمع والسجون والتعذيب. نصحو لا ندري ما الذي ينتظرنا، نجري وراء أقواتنا في ظلّ الشحة المفرطة لمصادر الدخل وانقطاع الرواتب. الكاتب هو أب وزوج ورب أسرة قبل كل شيء، وانعدام الأمن الغذائي والمعيشي يعد تهديداً خطيراً له ومن يعيل، ناهيك عن القمع الفكري، والأيدلوجيات الدينية المتخلفة المقيتة التي تسيطر على الحياة بشكل عام.
جلّ أدباء اليمن هاجروا، ومن بقي أرغمته ظروفه، ويعيش حياة بائسة.
إن تستيقظ صباحاً فلا تجد ما تطعم به صغارك، فهذه ليست المعاناة التي تولد الإبداع، إنّها المأساة التي تقتل الإبداع، وتشغلك باللهاث وراء الرغيف، ولا شيء غيره.
**تجمع بين أجناس أدبية متباينة فأيّهما أقرب إليك ولماذا؟
_________________________
*أنا بعض شاعر ولم أصف نفسي يوماً بأنّي شاعر، فالقليل من الشعر الذي يتدفق في دمي طغى عليه السرد، لذا أعشق كتابة القصة، وأجد الشغف لكتابتها، سواء القصة القصيرة أو القصيرة جدّاً، أجد نفسي في كليهما، وهناك رغبة كتابة الرواية التي تراودني منذ فترة طويلة، كنت أبدأ وأتوقف في كل مرة بعد فصل أو فصلين، هل فشلت في كتابة روايتي الأولى؟ ربّما… لكنّي لم أستسلم، لقد حاولت مراراً وفشلت، ليس لأنّي لا أستطيع، بل لأنّني أحترم هذا الفن، وأؤمن أن كتابة رواية جيدة يحتاج لثقافة واسعة واطلاع وتقفي وبحث وتجديد إلى جانب امتلاك الموهبة وتقنيات كتابة الرواية، لقد تابعت المشهد الأدبي اليمني والعربي، ورأيت ميلاد العديد من الروايات لا سيما اليمنية، الرواية اليمنية تنمو وتزدهر حتى في ظلّ هذا الخراب الذي نعيشه، هناك مبدعون ومبدعات وهناك الكثير من الهراء، وهو ما يجعلني أتريث في طباعة روايتي الأولى التي أنجزتها أخيراً، وما زلت أخضعها للتحقيق والفحص، وأنتظر الوقت المناسب لأطلق سراحها، وقد لا أفعل، ولكنّي لن أتوقف عن المحاولة.
**ما هي الرسالة أو الفكرة التي تحاول إيصالها من خلال قصصك؟
_________________________
*ليست رسالة ولا فكرة واحدة، أنا أبعث برسائل تنتقد حالنا المزري، وأضع تصوري للخروج منه، أو أسخر من كلّ شيء ربّما كنوع من التنفيس، حالة من القنوط أحياناً، أونقد للواقع الرديء. أؤمن بأنّ الأدب دائماً وأبداً سيبقى رسالة إنسانية سامية تنشر الوعي والتنوير وترفض الاستلاب والقمع… ومع ذلك أمقت وبشدة الوعظية الأدبية، وأعدها نوعاً من السذاجة والسطحية.
** ما هي المصادر التي تستلهم منها قصصك؟
_________________________
*أعيش في بلد مزقته الحروب والمؤامرات، وطحنه الجوع، وعاث فيه الفساد، وعبثت به السياسات العمياء، وفتكت به الأوبئة، وشوهته الأيدلوجيات الدينية المتخلفة والطائفية والعنصرية والقبلية والمناطقية ونحوها …كلّها صنعت واقعاّ مأساوياً، وأسست لمستقبل مظلم، وحالة من التيه المجتمعي والأزمات العميقة، والمتاهات السياسية، وركام من الجهل والتخلف والعنف وووو…. في ظلّ هذا الخضم تنبري الأفكار والعقول والأقلام لتقم بالدور المناط بها.
أعيش في ظلّ هذا الواقع، وأتأثر به في الوعي أو اللا وعي، وأجد نفسي جزءاً من هذا الصراع، وضحية من ضحاياه، وهذا الذي يدفعني لمواجهته وسبر أغواره، واستكناه أسراره.
**يقول محمود درويش عن الغربة : “الغربة هي أن تسافر بعينيك بين الوجوه الحاضرة.. فلا يبصر قلبك سوى ذلك الوجه الغائب”. فماذا يقول خالد الحيمي عن الغربة؟
_________________________
*لم تكن الهجرة والاغتراب خياراً مطروحاً في حياتي، لكن ساءت الحال ، وضاقت سبل العيش، وصار لا بدّ مما ليس منه بد.
للغربة أوجاع لا يعرفها إلا من عاشها أو يعيشها، الحنين للأهل والوطن لا يخبو، شعور دائم لا يفارقك مهما كان بلد الاغتراب وكيفما كانت حياتك فيه، وتظلّ تتأسّى هامساً لنفسك: يوماً ما سيصلح حال البلاد وأعود…تعرف أنّ هذا ضرباً من الأماني، ولكنّك تغافل نفسك، وتؤمن به.