متناثرات إبداعية
أحتاج معجزةً
رشا عادل بدر / مصر

أحتاج معجزة لكي تبقى معي
أحتاج سحر الأولين لكي تعي
أن القصيدة والطفولة في دمي
وبأنني شمس الجهات الأربع
أحتاجني.. أحتاج عطرك في يدي
أحتاج اسكات الضلوع الخشّعِ
كيف امتلكت القلب كيف سحرتني
وملكت شرياني ولم يتمنعِ
وتركتني ظلا رقيقا اختفى
حتى تلاشى في خريف توجعي
وتركت طيفك يرتديني عنوة
وعطور لهفتك التي في مهجعي
صِلني فإني لا أفسر من أنا
أنا نبضة القلب التي لم تهجعِ
يا فتنة صبت نبيذ صبابة
لتصب سحرا خالصا في مسمعي
يعقوب هبني في البعاد تصبرا
ما الحل في عقلي الذي لم يرجعِ
أني ابتليت بنصف أثقال الهوى
بل كنت فاتنة فُتنتُ ولم أع
الشعر يكتبه الحنين وها دمي
كتب القصيدة لا سحائب أدمعي
صلت لك الأضلاع ليل فراقنا
لكن وجدتك راحلا لم تخشع
تمشي؟ تغادر … ؟ ساعة … بل أشهرا؟
ونسيت قلبك ساكنا في أضلعي….
//////////
الرياض مهوى الأفئدة ورؤية ٢٠٣٠
الشاعرة السورية / فادية حسين البليبل

من ينكرِ المعروفَ يُوصفُ جاحدًا
يلقى المذمةَ والتباغضَ والعدى
…
أوجُ الحضارةِ والرخاءِ لمستُه
في كلِّ أرجاءِ البلادِ تجسدا
…
إني دُهشت بطولِ هاماتِ العلا
فصروحُها في العلمِ كانت موردا
…
ستظلُّ حاضرةَ الرقيِّ وتعتلي
عرشَ الحضارةِ حتى لو طالَ المدى
…
ويذودُ عن حوضِ البلادِ مليكُها
سلمانُ حامٍ للبلادِ من العِدى
…
أوليت للحجاج كل رعاية
ولخدمةِ الحرمينِ كنت مجددا
…
كالغيثِ في الأجواءِ لو جفَّ الثَّرى
لم تأل جهدا أو تؤجل موعدا
…
ويداك بالفضل الجميل تمدّها
لتَشِيْدَ بئرا أو تعمِّرَ مسجدا
…
ويشارُ في فصل التوائم صوبَك
أسعدت قلبا كاد يسحقه الردى
ولطالما حاربتَ كلَّ بطالةٍ
وسعيتَ في الأنحاءِ كي تتبددا
…
وبكل مضمارٍ وجدتُ حرائرا
يُطلقن سهمًا بالكفاءةِ سُدّدا
…
في سالفِ الأيام شعبُك سيدٌ
وشبابُكم سيظلُّ دومًا سيدا
…
ووليُّ عهدٍ في الشجاعةِ قائدٌ
فمحمّد بالعزمِ لن يترددا
…
أنت الذي وهبَ البلادَ سموّها
ستعيشُ دومًا ماجدًا ومؤيَّدَا
…
ويرى المعنّى في ربوعِك مسرحًا
ويعيشُ حُلمًا بالرفاهةِ أرغدا
…
في ساحةِ التطويرِ جُلُّ نشاطِه
واستثمرَ الطاقاتِ حتّى سعوَدا
…
سجلتَ للتاريخِ كلَّ عظيمةٍ
فجنيتَ شهدَ المجدِ ثمَّ السؤددَ
…
وغَمرتَنا بِجميلِ صُنعك عِندما
أَرسلتَ وفدًا في الإِغاثةِ يُقتدَى
…
وأعدتَ لِلأطفالِ كلَّ سعادةٍ
أسمعتَهم صوتَ الحقيقةِ والصَدَى
…
ماقلتُها زُلفى ولا أتملقُ
أو كانَ في الحسبانِ أنْ أترددا
…
بل قلتُ حقُا… كنتُ أقرأُ رؤيةً
وبأمّ عيني قد رأيتُ المشهدَا
…
لا زالَ نبضي بالرياضِ معلقًا
ونياطُ قلبي بالرياضِ توجّدا
//////////
قصة قصيرة جداً
دخان يخرج من جثامين الشهداء وأنظمة عربية لن تخرج من لعنة اللعبة..
مجزرة مواصي خانيونس ليلة ١٧ / ابريل٢٠٢٥
بقلم / الكاتبة الأردنية / بديعة النعيمي

ليلة السابع عشر من نيسان / أبريل ٢٠٢٥ لم تكتف آلة القتل الإجرامية الصهيونية بتنفيذ مجرد مجزرة في مواصي غرب خانيونس، بل تجاوزت كل حدود المعقول والمسموح، حين ارتكبت مجزرة بشعة، تفحمت فيها جثث الشهداء لدرجة أن الدخان ما زال يتصاعد منها حتى بعد نقلها ووضعها في ثلاجات الموتى.
مشهد مرعب لوجه الإنسانية، اختلطت فيه رائحة اللحم والدخان الذي لا زال يتصاعد من الجثامين، وكأنها لا تزال تصرخ من داخل الثلاجات، تطالب بحقيقة وعدالة وإنسانية ضاعت جميعها على قارعة صمت العالم.
ما حصل في المواصي ليلة أمس ليس مجرد محطة، بل علامة فارقة في انحدار النظام الدولي نحو اللامبالاة التامة. وفي كل مرة تُرتكب فيها مجزرة ويُغضّ الطرف عنها، تُكتب شهادة وفاة جديدة لمنظومة القيم العالمية.
هذه المجزرة، في جوهرها، ليست سوى جزء من سياسة واضحة تتمثل في إبادة الفلسطيني، جسدا وصوتا وذاكرة.
غير أنها هذه المرة وقعت في ما يُسمى بـ “المنطقة الآمنة”، التي لجأ إليها النازحون بعدما طُردوا من منازلهم شمالا، بناء على تعليمات مباشرة من عصابات الجيش الصهيوني. اختاروا الموت في خيمة على أن يُقصفوا في بيت، لكنهم لم ينجوا من الجريمة، بل أصبحوا هدفا أسهل.
والمثير للغثيان أن هذه المجازر تمر بغطاء مزدوج، غطاء ديني زائف، يُستدعى من نصوص توراتهم المحرفة، وغطاء سياسي مخجل، توفره “أنظمة عربية” تقيم سلاما مع العدو المجرم وتتبادل معه المصالح. فأي شرف تبقى للقمم والمؤتمرات التي تقيمها تلك الأنظمة الخائنة حين تُحرق أجساد الأطفال وتُشوى؟
وأقول هنا.. إن دور هذه الأنظمة قادم وأجسادها ستشوى لأنها لا شيء في نظر هذا العدو سوى أنها دمى ماريونيت حقيرة، بمجرد انتهاء دورها على مسرح إقامة “إسرائيل الكبرى” ستُشوى بذات النار التي شوت أطفال غزة.
إن ما جرى في المواصي ليس فقط مجزرة عسكرية، بل انهيار شامل للأخلاق السياسية العربية. حيث تحوّلت العواصم من مراكز دعم إلى منصات صمت، ومن منابر تضامن إلى بوابات تطبيع. وفي قلب هذا التواطئ، يتكرر المشهد ذاته… الفلسطينيون وحدهم، وجثامينهم المحترقة وحدها، والدخان وحده يروي للعالم ما لم يعد أحد يجرؤ على قوله.
لكن، حتى النصوص المتواجدة في إصحاحاتهم وكتبهم التي يُفترض أن يتغنى بها الاحتلال تدين هذا الفعل. “لا تقتل النفس البريئة والبارة، لأني لا أبرر الشرير” “الخروج ٢٣:٧”.
و”ملعون من يأخذ رشوة ليقتل دم بريء” “التثنية ٢٧:٢٥”.
فهل يا ترى “الأنظمة العربية” التي تنسق وتهادن وتصمت وتتواطأ هي خارج هذه اللعنة؟
مشهد الجثامين المتفحمة في ثلاجات الموتى لن تُمحى بسهولة. هي ليست مجرد آثار قصف، بل أدلة على خيانة متعددة المستويات…من القاتل؟ من الصامت؟ ومن الذي اكتفى بالمشاهدة؟
حتى ثلاجات الموتى، التي من المفترض أن تحفظ الكرامة الأخيرة للميت لم تقوَ على حبس دخان أجساد اشتعلت ظلما، ليبقى هذا الدخان شاهدا ضد كل من خان.
في هذا الزمن العربي المبتذل، لا يحق لأحد أن يتحدث عن “الكرامة” إذا لم يقف أمام مرآة المواصي. وإن كان العالم قد فقد إنسانيته، فما الذي يبرر أن تفقدها أوطان تدّعي أنها “شقيقة”؟
////////////
باديله الحَق
دينا لطفي / دمياط . مصر

بادِيلُه الحَق يكُون فَرحَان ، علشان إتصالِح ويا الناس ،،
أنا عِشت المَوقِف من قَبلُه ،
وكِتير حَسِيت نَفس الإحسَاس ..
باديلُه الحَق إنُ يزقطط ، بِرجُوعه
إمبارِح لحَبيبُه ،،
العُقده اللي مابِنهُم فَكت ، وإتـزَاح الشَر وألاعِيبُه ..
دَايِب والله في دَبادِيبُه ،
لكن بيحِب يِبان بَياع ،،
قال إيه مش فاكِر وهَاسيبُه ، ويُوماتِي
بيعمِل فيها بِتاع ..
حَط النِعناع علي وَرق الشَاي ،
زَمـر بالفَرح وقال أنا جَاي ،
فابلاش تِتكادُوا وتِتلموا ، وتِقولوا صَاحِبنا صَالحها إزاي ..
حَبة خِلافات وسِحابة صِيف ،
والعَصبي في زَعله أهُـو بيقول ،،
والأصل بيحكم والعِشرة فاماحَدِش هايخاصِم علي طول ..
والحُب أسَاساً مش بيحلي غِير لما
تِخُش في حِواراتُه ،،
وتِتُوه في شَوارعُه وتِتكَعّبِل ،
وتِقابِل كُل مِطباتُه ،،
والشَاري بياخُد حِياطاتُه ، وعَصايتُه بيمسِكها من النُص ،،
وأهـو وارِب بَابُه ، وشِباكُه ، ومشاعرُه إدالها الفُرصَه تبُص ..
أعداء الحُب بالف كُروس
ولا يِنفَع خَالص نِعاشرهم ،،
الصَح نبعاند ،
ونفارق ، ونِشوف لقلوبنا قلوب غِيرهُم ..
///////////
( لون ضفدع )

عقدَ قرانَه ،
ابتسمتْ ؛ غُشي عليه .!
ربما تصدقتْ بأسنانها ، قبل عدة سنوات ..!!
حسن علي البطران
/////////////
ومضة منفلتة
طارق يسن الطاهر / سوداني مقيم في السعودية

وأتيتُ أحمل فكرتي
لأدحرجَ الأحلام من
ظَهْر العنا
وأعود أفقد قِبلتي
وأزحزح الأقلام عن
حرف الضنى
وأزيح صوتًا قد تعاهد سحنتي
وأعالج الآلام في
جوف السنا
كيلا يُبجَّل هاربٌ
عن وجهتي
ترك القبيلة آبِقًا ثم انثنى
فالدّربُ صعبٌ كي أصوّب عثرتي
وأردّ خُطْواتٍ توفّر مأمنا
فسديمُ روحي قد تعكّر صفوه
ومضي بعيدًا في الفضاء قد انحنى
والصمت جاء مهرولا
أبدًا يكدّر ضِحكتي
معنىً يقاومُ كي يغادرَ كِلْمتي
سَطْرٌ تمرّدَ أنْ يجيءَ مُلحَّنا
مطرٌ عنيدٌ غادرٌ
هطلٌ يغادر غيمتي
نفَسٌ كليلٌ مستباحٌ موهنا
فعدوتُ أرجو فسحةً
مِن هاهنا
يا هذه التَّاهتْ سنينًا في مزالق فطنتي
قلبي تأهّب قادرًا متمكنا
لا أرتجي لونًا يشوّه لوحتي
عبثًا يحاول في الفؤاد ليسكنا
/////////////
هل تتجه البشرية نحو الكذب والنفاق في زمن التكنولوجيا؟
حيدر الاداني / العراق

نحن نعيش اليوم في عالم تبدلت فيه المقاييس و تحولت فيه القيم . أصبح من النادر أن نجد الصدق بين الناس، و كأن الأمانة أصبحت عملة نادرة لا تُتداول إلا لمصلحة محددة ، ثم تختفي .
في زمن الانفتاح من المفترض أن يزداد الوعي و تتقوى الروابط الإنسانية لكن ما نشاهده عكس ذلك تماما تسيطر المصالح الذاتية على كل شيء حتى على العلاقات التي كانت تُبنى على الثقة و المحبة . أصبح الإنسان يبحث عن منفعته ، و لو كانت على حساب أقرب الناس إليه أصدقائه ، أقاربه بل حتى أفراد عائلته .
نرى في بعض الأحيان كيف يتخلى الأب عن أبنائه أو الأبناء عن آبائهم لا لشيء سوى لأن المصلحة الذاتية طغت على صوت الضمير أصبح الكل يمثل نفسه فقط و كأننا في مسرح كبير كلٌ يؤدي دوره بإتقان ، لكن دون صدق .
كلما تقدم العالم من حيث العلم و التطور .. تراجع الإنسان خطوة إلى الوراء من حيث القيم و الكرامة ، المال اليوم يتغلب على الكرامة و يشتري المواقف و المشاعر ، وأحياناً حتى العلاقات .
نتذكر في السابق عندما كنا نطلب المساعدة من شخص فيمد يده دون فضلأ و منّة دون أن ينتظر جزاء . كانت النفوس أصفى و القلوب أوسع و النية خالصة أما اليوم فكل شيء له ثمن حتى الكلمة الطيبة .
لقد تغير العالم بكل تفاصيله و تغير معه ما تربينا عليه من مبادئ كانت تُزرع فينا منذ الصغر ” المحبة ، الاحترام ، التضحية ” .
فهل سيبقى العالم هكذا ؟ أم أننا سنرجع يوماً ما إلى إنسانيتنا ؟
ربما يستغرق منا الوقت ، و ربما تكون الرحلة طويلة ، لكن يبقى الأمل قائماً بأن الإنسان في داخله لا يزال يحمل بذور الخير، و بأن هذه القيم، و إن خفت بريقها لم تنطفئ تماماً .
//////
أخطو في كتابة الشعر في ” عذابي”
أحمد الشيخ / رومانيا
عينان تختفيان
خوفًا من غبار الغيرة
قلب هش يئن
في كل لحظة أشعر
بثقل الغيرة يزيد
أفتقد لحظات السلام
التي فاتتني
في ليلة قاسية
ذكرياتي مؤلمة
الحب لا يبقى
في أعماق روحي
الغيرة سر الألم الأبدي الذي يبقى.
///////
حياة أخرى
قصيدة لزمن لم يأت أوانه
عباس عجاج / العراق

حين أموت سأقف على قارعة الطريق للموتى
سأعترض طوابير القادمون نحو الحساب
وسأسألهم:
عن الذين رفعوا أعلام ثوراتنا.. هل انتصروا؟
وهل نهضت على أياديهم أحلامنا الموؤودة؟
هل أصبح الخبز يوزع على الفقراء بالمجان؟
أما زالت أم الشهيد تسابق الجوع من أجل فتات يتلطف به الساسة عليها؟
هل ما زالت أعمدة الكهرباء تسع للمزيد من صورنا المعطرة بالشهادة؟
هل ما زال ابن ال… يحتفل كل عام، ويدنس النصب بابتسامته المسمومة، ويسكب دموع التماسيح؟
سأقف هناك..
أرصد قوافل القادمين بلا أرجل وبلا كفوف
وأعد جثامين الذين قدموا بلا أشلاء ترسم ملامحهم
وسأنتظر وصول صديقي زيد لأسأله:
لِمٓ كان كل هذا؟
وهل كانت تستحق أن نرحل باكرا لينعموا؟
////////
القرار .. حيث نعيد اختراع أنفسنا ..!
بقلم : عبير السماعيل / السعودية

في ظاهر الأمر، يبدو اتخاذ القرار كخطوة عقلية تتبع تقييماً منطقيًا بين خيارات متعددة. لكن في العمق، القرار ليس مجرد مفترق طرق، بل فعل داخلي يشكّلنا، يعيد ترتيب وعينا، ويكشف لنا من نحن في تلك اللحظة.
فالقرارات ليست أدوات لإدارة المواقف فقط، بل محطات يعاد فيها تكوين الذات. نحن لا نخرج من القرارات كما كنا قبلها، بل نحمل آثارها، ونتغير من خلالها، حتى دون أن نعي ذلك فورًا.
قد نعتقد أن حياتنا تتشكل من الظروف، لكن في الحقيقة كثير من معالمها هي نتيجة مباشرة للقرارات التي تجرأنا عليها أو تهرّبنا منها.
القرار ليس لحظة عابرة، بل امتدادٌ داخليٌ لما نختاره أن نكونه.
عندما نُقبل على اتخاذ قرار، لا نختار فقط بين خيارين، بل نختار بين ما نؤمن به وما يُتوقّع منا، بين صوت الداخل وضجيج الخارج، بين القيم التي نبني بها ذواتنا، والخوف من خيبة أو رفض أو ندم.
ولهذا، فإن القرار الذي يأتي بعد إدراك وصدق، هو ما يحررنا من التكرار، ويفتح لنا طريقًا نحو الاتساع لا الانغلاق.
فكيف نتخذ القرار؟ وكيف نتهيأ لنتيجته؟
اتخاذ القرار بصدق لا يعني المثالية، بل أن يكون منسجمًا مع وعيك، لا نابِعًا من ضغط أو انفعال.
وقبل أن تختار، اسأل نفسك:
ما هو أسوأ ما قد يحدث؟
ما هو أفضل ما يمكن أن يحدث؟
وهل أستطيع تحمّل النتيجة، أياً كانت، دون أن أنكر نفسي أو أبحث عن شماعة أعلق عليها الندم؟
هذه الأسئلة لا تهدف إلى زرع الخوف، بل تمنحنا قوة التوازن، وتعيدنا إلى وعينا قبل أن ننجر وراء ظرف مؤقت أو رأي عابر.
“ما سبب هذه النتيجة؟”… سؤال متأخر
كثيرًا ما نبحث عن تفسير لما حدث بعد فوات الأوان.
ولكن، هل معرفة السبب تُغيّر النتيجة؟
غالبًا لا. لكنها تمنحنا مساحة من العزاء، أو تبريرًا يخفف وطأة ما نمرّ به.
ومع أن فهم السياق قد يساعدنا في المراجعة، إلا أن الأهم من السبب هو أن نتحمّل النتيجة بوعي، ونفهم عواقبها، لا أن نُستنزف في الدوران حول السؤال ذاته بينما يفوتنا الأهم: كيف نكمل بعد ذلك؟
فالرغبة المستمرة في معرفة “لماذا حدث ما حدث” قد تُشتت وعينا عن الرسالة الأعمق:
ما الذي تعلّمناه من القرار؟ عن أنفسنا، عن مخاوفنا، عن قدرتنا على النهوض من جديد.
ومن هذا التأمل… ينبثق سؤال آخر: لماذا نحكم على الآخرين؟
بعد كل هذا العمق في مراجعة قراراتنا، كيف نُبيح لأنفسنا محاكمة قرارات غيرنا؟
ألم تكن اختياراتهم، مثلنا تمامًا، امتدادًا لظروفهم، لطريقة تفكيرهم، ولزمنهم النفسي الخاص؟
كم مرة قلنا: “لو كنت مكانه لفعلت كذا”… ثم حين وُضعنا في موقف مشابه، اختلطت علينا الأمور وتبدّل الرأي؟
لا يوجد قرار مثالي خارج السياق، ولا صواب مطلق خارج التجربة.
كل خطوة، سواء بدت صائبة أم لا، تنتمي إلى سلسلة طويلة من التفاعلات الداخلية والظروف المتراكمة. حتى قرار التغيير… هو قرار.
ومن هنا يطلّ علينا سؤال القدر: ما الذي نحن مسيّرون فيه؟ وما الذي نحن مخيّرون فيه؟
تتعدد التفاسير، وتختلف المذاهب، لكن يبقى اليقين:
أن ما يُقدّره الله لا يكون إلا خيرًا، حتى لو لم نفهمه لحظة وقوعه.
فلنكن رحماء بأنفسنا
في نهاية الأمر، لا نحتاج إلى جلد الذات كلما أخطأنا، بل إلى التعاطف مع أنفسنا في لحظة التعلم.
فالإنسان لا يُبنى بلحظة قوة فقط، بل بالطريقة التي يعيد بها ترتيب نفسه بعد كل قرار زلّ به أو كبُر به.
ولعلّ الحقيقة الأعمق أن القرار لا يكون “خاطئًا” أو “ضائعًا”، إلا عندما نتخذه دون أن نفهم: لماذا.
//////
قراءة سريعة في رواية / قلبُ كلب لميخائيل بولغاكوف
بقلم : مريم الناصر

رواية روسية تدور أحداثها في فترة ما بعد الثورة في المجتمع السوفييتي ، حيث صور الكاتب الانحلال الأخلاقي والانحطاط المجتمعي الناتج عن التغييرات السياسية والاجتماعية الكبرى آنذاك.
يصور الكاتب (بولغاكوف ) حياة كلب طيب ولكنه بائس، يتحول إلى إنسانٍ مسخ، بعد أن تقام تجارب عدة وتجرى له عملية كبيرة على يد جراح وعالم مشهور، فتبدأ المعاناة بعد تحوله، ويتسبب بكثير من المشاكل والحماقات، حيث يظل في دوامة متأرجحًا ما بين هويته الحقيقية وبين حياته الجديدة.
وظف الكاتب رمز “شارِيك” – الكلب البائس- طوال الرواية، إشارة للإنسان المهزوم المقهور، المصاب بكثير من العقد النفسية، التي لم يعد بالإمكان حلها ولا الهروب من نظرات الاخرين واستغلالهم، حتى بعد أن أصبح الكلب إنسانًا يحظى بمكانة في مجتمعه.
كما تصور مرحلة انتقال هوية “شاريك” تعبيرًا عن الصراعات الداخلية والخارجية.
تحظى هذه الرواية الساخرة بالحوار العميق، والكثير من المونولوج الداخلي.. كما أنها تضج بالقسوة والألم، وتقدم انتقادات لاذعة حول المجتمع ، إضافة للرمزية والبعد الفلسفي.
يقدم “بولغاكوف” نهاية مفتوحة كإشارة للدوران في حلقة المشاكل والصراعات المفرغة، وبالتالي عدم وجود حلول نهائية وناجعة.
///////
صدر للباحثة والناقدة الجزائرية الدكتورة رفيدة بوبكر أستاذة تحليل الخطاب والنقد الحديث والباحثة في الرقميات في جامعة محمد خيضر بسكرة بالجزائر ؛ كتابها ( رؤى نظرية وتطبيقية في الأدب الرقمي التفاعلي ) عن دار جودة للنشر والتوزيع بالجزائر .