آخر الأخبار

انهيار متسارع للجنيه السوداني والأسواق تشتعل

يشهد الجنيه السوداني تراجعًا غير مسبوق مقابل العملات الأجنبية، ما انعكس على أسعار السلع الأساسية في الأسواق، حيث ارتفعت على نحو جنوني.

وقال متعاملون في السوق الموازي لـ “سودان تربيون”، يوم الأربعاء، إن قيمة العملة المحلية تدهورت بشكل مفاجئ خلال الأيام القليلة الماضية، وسط شح المعروض لدى المتداولين مع تزايد الطلب”.وأشاروا إلى أن الدولار الواحد بلغ 3,345 جنيهًا، بعد أن كان في حدود 2,600 جنيه مطلع الشهر الجاري.وأفادوا بأن الدرهم الإماراتي تم تداوله بمبلغ 930 جنيهًا، في حين بلغ سعر الريال السعودي 860 جنيهًا.وبحسب متابعات “سودان تربيون” فإن تداول العملات مقابل الجنيه في العاصمة الادارية بورتسودان يتم بأسعار أعلى من بقية الولايات السودانية.

ويُشار إلى أن أسعار العملات في التعاملات الرسمية بالبنوك شهدت أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا، حيث سجل الدولار 2,400 جنيه، والريال السعودي 648 جنيهًا، فيما بلغ الدرهم الإماراتي 666 جنيهًا.

وشهدت الأسواق ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع، لا سيما السكر والذرة الرفيعة؛ إذ وصل سعر جوال السكر زنة 50 كيلوغرامًا في أسواق القضارف إلى نحو 180 ألف جنيه، بعد أن كان 130 ألف جنيه قبل أيام قليلة.

وأوقفت مكاتب التحويلات المالية عبر التطبيقات البنكية، التي يديرها سودانيون في مصر، معاملاتها بسبب انخفاض الجنيه مقابل العملة المصرية، بعد أن ارتفع السعر إلى 66 جنيهًا مصريًا مقابل الجنيه السوداني الواحد.

ورفض بعض المتعاملين السودانيين في أوغندا، التي تستضيف أكثر من 86 ألف لاجئ، إجراء تبادل بين الجنيه والشلن، وأصروا على التداول بالدولار فقط.

وشكا مواطنون من تأثير انخفاض الجنيه على قدرتهم الشرائية، في ظل ارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية بشكل يفوق قدرتهم على مجاراتها.

وأرجع الخبير الاقتصادي هيثم فتحي انهيار قيمة الجنيه إلى استغلال المضاربين وتجار الأزمات فرصة شراء الحكومة للعملات الأجنبية من موارد أخرى لتمويل استيراد السلع والخدمات الضرورية.

وأوضح فتحي لـ “سودان تربيون” أن هجرة السودانيين ولجؤهم إلى دول الجوار، إلى جانب السفر للعلاج والدراسة، يمثل عاملاً إضافيًا يزيد الطلب على الدولار.

وأشار إلى أن الحكومة تواجه صعوبات في تحصيل الضرائب، ما يُضعف قدرتها على الإيفاء بالالتزامات المالية.

وذكر أن الموارد الأخرى مثل القروض والمعونات والودائع وتحويلات المغتربين، إلى جانب رسوم عبور الأجواء السودانية ومرور نفط جنوب السودان، كانت تقلل من أثر العجز في النقد الأجنبي قبل اندلاع النزاع.

وأضاف: “وصول الدولار إلى هذا المستوى القياسي أمام الجنيه، رغم تراجعه عالميًا، يشير إلى أن الأزمة محلية في جوهرها وتنبع من تحديات هيكلية داخلية”.

وتوقع استمرار انخفاض الجنيه في ظل زيادة الطلب على الدولار مع ندرة العرض، إضافة إلى تراجع النشاط الاقتصادي المحلي ومحدودية الصادرات.

وانتقد فتحي وزارة المالية لافتقارها إلى أدوات السياسة المالية، كما عاب على البنك المركزي غياب السياسات النقدية الفاعلة لمواجهة تقلبات أسعار الصرف.

من جانبه، أرجع الخبير الاقتصادي محمد الناير الأزمة إلى حل الحكومة وعدم استبدال الفئات الكبيرة من العملة في الخرطوم والجزيرة.وتوقع استعادة الجنيه لقوته الشرائية، بعد قرار بنك السودان المركزي بإيقاف التحويلات المالية للشركات التي تستخدمها بطرق غير رشيدة، على الرغم من وجود سلبيات لهذا القرار.