(أصداء سودانية) تكشف جرائم مليشيا الدعم السريع المتمردة في (سنجة) (2)

 

  • المليشيا تنهب المواد التموينية وتبيعها للمواطنين بأسعار خرافية
  • نهب مئات الآليات من المشاريع الزراعية
  • مزارع مشهور يفقد (200) جرار في غمضة عين
  • تجريد النساء من المصوغات الذهبية ولم تسلم حتى (حلقان) البنات الصغار

تحقيق- التاج عثمان:

من خلال الحلقة الأولى عكسنا الملاحم البطولية للقوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى بمدينة سنجة والتي خاضوها بإستبسال منقطع النظير دفاعا عن عاصمة ولاية سنار ومواطنيها .. وكشفنا بالتفصيل القصف العشوائي (الحاقد) الذي تعرض له سكان المدينة بأحيائها المختلفة وتسبب في مصرع عشرات المواطنين الأبرياء، خاصة في حي القلعة جنوب المدينة .. ومن خلال هذه الحلقة الثانية نكشف حجم النهب الممنهج لسوق سنجة الكبير والسوق الشعبي والصيدليات والمستشفيات ومنازل وسيارات المواطنين بجانب نهب أعداد مهوولة من الجرارات من المشاريع الزراعية بالولاية والتي كانت تستعد للموسم الزراعي

داخل بستان مانجو:

عقب إقتحام مليشيا الجنجويد لمدينة سنجة السبت الموافق (29) يوليو قررت التوجه لمدينة الدندر ولذلك قضيت ليلة السبت ببستان مانجو بمنطقة حريري القريبة من سنجة مع بعض الأسر من الحي الشرقي، وصباح الأحد الباكر عبرت النيل الأزرق بالمركب مع من عبروا للضفة الشرقية ناحية قرية مينا ومنها على الأقدام لمدينة الدندر والتي وصلتها بعد أكثر من سبع ساعات.

الخلايا النائمة:

كنت شاهد عيان أيضا لهجوم الجنجويد على مدينة الدندر حيث لا حظت بعد وصولي لها قبل العصر حركة غريبة للدراجات البخارية قادمة من داخل المدينة ناحية الكبرى عليها أشخاص بالزي المدني، بعدها سمعنا صوت الرشاشات تطلق في الهواء بعد ان قام نفس الأشخاص المذكورين بخلع ملابسهم المدنية وإرتداء زي الدعم السريع المألوف، ويبدو أنهم كانوا ما يطلق عليهم (الخلايا النائمة) التي كانت تتواجد داخل مدينة الدندر.. عقب إطلاقهم الأعيرة النارية في الهواء حدث هرج ومرج وسط المواطنين المتواجدين عند مدخل كبري الدندر من الناحية الغربية، بعدها شاهدت عدد من أفراد المليشيا يصعدون للبصات السياحية التي كانت في طريقها للقضارف وكسلا وبورتسودان وقاموا بتجريد ركابها من النقود والنساء من المصوغات الذهبية لدرجة أنهم خلعوا حتى الحلقان الذهبية من آذان البنات الصغار وادخلوا في نفوسهن الرعب والذعر.

العودة إلى سنجة:

وفي تلك اللحظة قررت العودة لمدينة سنجة رغم إلحاح بعض معارفي الذين إلتقيت بهم عند مدخل كبري الدندر بعدم العودة والتوجه معهم للقضارف خاصة الأخ والصديق الأستاذ (نصر الدين عبدالله يسن نابرى) وشقيقته الصحفية بإدارة الاعلام ولاية سنار منى، فعدت أدراجي (كداري) إلى سنجة لأعكس للعالم جرائم المليشيا المتمردة وما فعلته بالمواطنين هناك .. شاهدت من خلال عودتي من الدندرإلى سنجة وجود مئات السيارات والركشات المنهوبة من المواطنين من سنجة والدندر ملقاة على جانبي الطريق ومعظمها بلا إطارات وبعضها مهشمة تماما ويبدو انها تعرضت لحوادث حيث أن بعض أفراد المليشيا يتعلمون فيها القيادة واغلبها من ماركة (توسانات) و(بكاسي هايلوكس) وأعداد كبيرة من تاكسي سنجة بجانب تاكسي الولايات الأصفر وكمية من الركشات منزوعة الإطارات .
قضيت ليلتي بقرية ود الريف مع أحد الأصدقاء هناك، وفي طريقي لسنجة تعرضت للمسآلة والتنكيل من إرتكازات مليشيا الدعم السريع المتمردة وإتهامي أنني عسكري وسؤالهم المتكرر لي بعد تفتيشي: لماذا لا أحمل حقيبة معي ولا نقود ولا موبايل ولا بطاقة قومية، والتي دفنتها مع بطاقتي الصحفية بأحد المواقع بسنجة لأنهما تكشفان هويتي الصحفية للجنجويد حيث أنهم أكثر ما يخشون الصحفيين ويعتقدون أنهم إستخبارات وجواسيس للجيش!.

نهب سوق سنجة:

أخيرا وبعد رحلة مسير طويلة عدت ادراجي من الدندر لسنجة، وحقيقة لم تكن تلك سنجة الجميلة التي أعرفها فقد تحولت لمدينة أشباح خالية تماما من سكانها لا تشاهد داخل أحيائها سوى الكلاب والقطط، المليشيا المتمردة نهبت كل متاجر ومخازن سوق سنجة الكبير والسوق الشعبي جنوب المدينة، كثير من المتاجر ومخازن مواد البناء تعرضت للحرق بعد نهبها وتفريغها من بضائعها والتي تم شحنها في عشرات الدفارات المنهوبة ونقلها لمدينة ودمدني وبعضها لغرب السودان، ما تسبب في نقص حاد في المواد الغذائية خاصة الدقيق والسكر، وقفز سعر باقة البنزين عبوة (4) جالون إلى (800) ألف جنيه، وحتى لا يلتبس الأمر على البعض فالسعر صحيح وبالقديم ـ 800 مليون ـ بمعدل (200) ألف جنيه للجالون الواحد، وقد لا يصدق البعض هذا السعر الفلكي لكنها الحقيقة، حيث أن المليشيا عند دخولها مدينة سنجة وضعت يدها على العشرات من تناكر الوقود والتي شاهدتها بنفسي تصطف جنوب غرب المدينة وهي تحمل حصة الوقود الخاصة بولاية النيل الأبيض وكانت في طريقها إلى هناك، وسنجة أصبحت خالية من السيارات وعربات التاكسي الأزرق والتاكسي الأصفر العامل بين الولايات والركشات بعد نهبها بالقوة من أصحابها، وبعضها تم تحويله لعربات قتالية خاصة البكاسي، بينما التاتشرات المسروقة خصصت لكبار ضباط الجنجويد ومعظمها تحولت لمجرد خردة لا نفع منها ولا طائل بسبب قيادتهم الطائشة والمتهورة، لدرجة أنهم يقودونها بعجل الحديد بعد تلف إطاراتها.

الجرارات الزراعية:

الأخطرفي الأمر أن الجنجويد نهبوا كل الجرارات والآليات الزراعية من المشاريع، وهناك مزارع مشهور بسنجة نهبوا منه حسب افادتها نحو (200) جرار زراعي من مشاريعة خارج سنجة، وعلى الموسم الزراعي بولاية سنار العوض .. كما شاهدت عددا من عربات (الكارو) القادمة من بعض القرى المحيطة بسنجة تحمل مسروقات المنازل الخالية من سكانها خاصة الثلاجات واسطوانات الغاز والآسرة والمراتب والأواني المنزلية، وكثير من المنازل تم نهب جميع محتوياتها ونقلها بالدفارات، اما المواد الغذائية المنهوبة من متاجر المواطنين فشاهدتها معروضة للبيع بالسوق الشعبي والذي اطلقوا عليه سوق (دقلو) وعلى طول جانبي طريق السوق الشعبي، يعرضون كل المواد الغذائية المنهوبة من سكر وشاي ودقيق وعدس وأرز وصلصة وصابون، بجانب قناديل البنقو والرصاص تعرض علنا نهارا جهارا وبأسعار خرافية.

 

في الحلقة الأخيرة:
رحلة الأهوال من سنجة إلى مدينة الحواته بالجرارات والتريلات وسط الطين والوحل.