فشلت محاولات رتقه … اتساع (الفتق) بين المليشيا وحلفائها

 

تقرير- الطيب عباس:

برزت الخلافات بين قادة مليشيا الدعم السريع وتنسيقية تقدم إلى العلن للمرة الأولى بعد تنسيق علني وخفي منذ توقيعهم اتفاق أديس أبابا في يناير الماضي.
وطيلة هذه الفترة وقبلها، كان التعاون بين تنسيقية تقدم ومليشيا الدعم السريع يبدو بشكل مرن وسلس في الخفاء، بينما يرتدي قادة تقدم ثوب الحياد فور خروجهم للنور، هذا الوضع المتناقض بحسب مراقبين كان يزعج قادة المليشيا ويدفعهم للتذمر، يتحول هذا التذمر أحيانا لهجوم علني على قادة التنسيقية، حال تجرأ أحدهم وأدان الانتهاكات التي تقوم بها مليشيا الدعم السريع، مثلما حدث في إدانة انتهاكات ود النورة، حيث سربت المليشيا لناشطة موالية لهم تدعى مريم أحمد، ملفات توضح حصول بعض قادة تقدم على أموال وعليها توقيعهم من القوني حمدان دقلو، الملفات هذه نشرتها المدعوة مريم أحمد في صفحتها بموقع فيس بوك، ثم حذفتها سريعا عقب إيصال الرسالة، ومنذ تلك اللحظة، كان قادة تقدم يلجأون لإدانة الجيش أولا قبل إدانة المليشيا في أي انتهاكات تحدث، حدث ذلك في مجزرة التكينة، التي راح ضحيتها المئات على يد المليشيا، لكن تنسيقية تقدم خرجت ببيان أدانت فيه الجيش أولا قبل أن تدين على استحياء انتهاكات المليشيا التي نسبتها لمتفلتين
الرقص على جميع الحبال:
ووفق مراقبين، فإن الإزدواجية في مواقف (تقدم) هذه، رغم أنها غير كافية لقادة المليشيا الذين يمولون مناشط التنسيقية، لكنها تخلق لهم نوعا من الرضا والشعور بالتضامن وسط محيط واسع من الكراهية،، لكن ووفق مراقبين، وبما أن هذا موقف قادة تقدم مرحلي وبراغماتي، كان من البديهي أن يتأثر بالموقف العملياتي على الأرض، وطبيعي مع انتصارات الجيش وتقدمه في كافة جبهات القتال مؤخرا، أن يحدث تصدع لهذا الموقف، وهو عين ما تعيشه تنسيقية تقدم، حسب مراقبين
الإحتراق الجماعي:
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، عمر عثمان، أن تشكيل حكومة في مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع، محاولة لإحراق وإحراج قادة تنسيقية تقدم، وليس هدفا بحد ذاته، مشيرا إلى أن قادة المليشيا الذين أدركوا خسارتهم الحرب، وأرادوا قبل المغادرة توريط قادة تقدم، في نزع موافقة منهم على تشكيل حكومة في مناطق سيطرة المليشيات، بينما هذه المناطق التي يتحدثون عنها، كان متاحا تشكيل حكومة فيها قبل شهور من الآن، وليس حاليا، حيث يحاصر الجيش مدينة ود مدني ولا يحتاج سوى لأيام لنظافة الجزيرة وتحريرها بالكامل، وفي الخرطوم، فإن أم درمان خرجت من سيطرة المليشيا ولحقت بحري حاليا، بينما لم يتبقى لهم سوى مدينة الخرطوم ومحلية شرق النيل، ومع وصول المعارك لأبوابها، فإنها مناطق غير صالحة لتشكيل حكومة، ويرى عمر عثمان، أنه وبشكل مؤقت فإن حكومة المليشيا قد تكون متاحة في أربعة من خمسة ولايات بدارفور، وهى حكومة لا تريدها تنسيقية تقدم ولن تشارك فيها
الموقف من الحكومة الجديدة:
رئيس تنسيقية تقدم، عبد الله حمدوك، قال إنه أحال تحديد أمر تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع للجنة داخلية، لكن رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، رفض المشاركة في الحكومة وأعتبرها ترسخ لإنقسام السودان، بينما وافق محمد حسن التعايشي وطه عثمان وإبراهيم الميرغني.
وحسب المتابعات، فإن الاختلاف بين قادة تقدم وقيادات المليشيا حول هوية الحكومة الجديدة، فبينما تريد (تقدم) تشكيل حكومة مدنية في الولايات المحتلة تحرسها المليشيا ولا علاقة لها بها على الأقل في الشكل العلني، يريد قادة الدعم السريع، أن تتشكل الحكومة باسمهم ومشاركة قادة التنسيقية، على غرار الحكومة السودانية الشرعية.
هجوم عنيف:
ولفض الاشتباك هذا، هاجم المستشار السابق لقائد المليشيا يوسف عزت، تنسيقية تقدم، وقال عزت في تغريدة على منصة (إكس)
أي جهة أو كيان أو شخصية تُريد أن تُشارك في حكومة مدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع عليها أولاً أن تعترف بهم وأن تقاتل معهم، حتى تدفع ضريبة كرسي السلطة كما دفعها عيالنا.
وأضاف قائلا: (الحديث عن تشكيل حكومة مدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع محاولة من البعض ، في إشارة لتنسيقية تقدم، لعدم إعلان موقف واضح من المعركة والتخفي تحت ستار المدنية حتى لا يعلنوا موقفهم مع الدعم السريع).
وتابع (إذا كان هنالك تشكيل لحكومة يجب أن تكون بقيادة قائد الدعم السريع المعروف، ومشاركة أصحاب المصلحة من الذين دفعوا ثمن هذه الحرب والقوى المدنية والحركات التي تعلن موقفها)
بعد ساعات من حديث يوسف عزت، قال القيادي بمليشيا الدعم السريع إبراهيم صغيرون، موجها حديثه لتنسيقية تقدم (عايزين تشكلو حكومة ونحن نحميكم بمجتمعاتنا وانتو تجو باسم المدنية تحكمو وماعايزين تتكلمو وتقولو أنكم داعمين ومؤمنين بالدعم السريع)
هذا الهجوم الذي ظهر للعلن يعتبره مراقبون رأس جبل الجليد، مشيرين إلى أن الهجوم سيتسع في مقبل وستظهر فضائح وخبايا كانت مدسوسة، سيما وأن قادة تنسيقية تقدم لن يغامروا بالمشاركة في حكومة الدعم السريع، وليس ذلك بسبب موقف مبدئي، وإنما لإدراك هذه القوة أن الدعم السريع انتهى حرفيا على الأرض، وبينما لا تزال هناك فرصة ولو ضئيلة للعودة للحياة السياسية، فإن المشاركة في حكومة الدعم السريع تعني نهاية هذه القوة بشكل نهائي وقبرها للأبد مع الدعم السريع، الذي تحرر القوات المسلحة الآن شهادة وفاته.