تقليد أعمى
صمت الكلام _ فائزة إدريس
*يتصف الأطفال بالبراءة والعفوية في تصرفاتهم وسلوكهم عموما، فيسلكون كافة السلوكيات على سجيتهم بلا تعقيدات وقيود أوتردد أوتفكير أو شورى أو أخذ نصيحة من أحد.
*يتسم الأطفال بالعديد من الصفات التي لاتعد ولاتحصى، وسوف نتناول عبر هذه السطور إحدى تلك الصفات ألا وهي صفة التقليد أو المحاكاة، تلك الصفة التي يتوشح بها الطفل وتلفه من رأسه إلى أخمص قدميه.
* فجل الأطفال يقلدون مايفعله الكبار ولاسيما إن كان أولئك الكبار أقرب الأقربين إليهم، ألا وهم الوالدان، فالطفل منذ أن يفتح عينيه على الدنيا يجد أمامه أمه وابيه وينشأ ويترعرع في محيط البيت الذي يظلله واياهما، فيخطو خطواته الأولى في محيط دائرة ذلك البيت، فيبدأ بتعلم نطق بعض الكلمات البسيطة التي يسمعها ممن حوله وفي الغالب تكون مجمل كلماته مما يسمعه من والديه من كلمات.
*وتمر السنون وهو ينمو في كنف والديه، فيبدأ بمحاكاتهما فيما يسلكانه من سلوك. فعلى سبيل المثال لا الحصر قد يشرع الطفل بتقليد والده في سواك أسنانه وهذه محمدة وسلوك إيجابي، كذلك قد يقوم الطفل بتقليد والديه في أداء الصلوات بالرغم من أن سنوات عمره في بعض الأحيان لاتتعدى الأربع سنوات، وذلك تقليد إيجابي أيضا، كذلك أحيانا قد تشرع الطفلة في محاكاة والدتها في غسل الأطباق بالرغم من صغر سنها أوترتيب أشيائها واغراضها كما تفعل والدتها وهذا تقليد إيجابي يضاف للقائمة أيضا، كذلك قد يكون للوالدين هوايات مثل القراءة والرسم وممارسة الرياضة وغيرها من الهوايات فيحذو الطفل حذوهما فيكون تقليدا مميزا، فهنالك الكثير من السلوكيات الإيجابية التي يسلكها الأطفال في تقليد آبائهم وامهاتهم.
*ولكن في بعض الأحيان قد يأتي الأب أو الأم بسلوك سلبي فيهرع الطفل بمحاكاتهما، فمثلا قد يرى الطفل والده خارق لقانون آداب تناول الطعام فيحذو حذوه، أو قد يراه يدخن سيجاره فيفعل مثله فيتسبب في أذى لنفسه، أو ربما تقوم الصغيرة بمحاكاة والدتها في أخذ السكين لتقطيع شيئا ما مما قد يتسبب في جرح يدها، أو قد تضع مساحيق على وجهها والأخيرة تلك لاتوبخها على ذلك فتعتاد على هذا منذ الصغر، فذلك السلوك لايتناسب وسنواتها الغضة.
*كذلك ربما يعتاد الأطفال على تقليد والديهم حينما تنشب خلافات بين الأب والأم أحيانا أمام الصغار، فيقلد أولئك والديهم بذات النهج إن تفوه أحدهما بكلام ما للآخر، لذا يتوجب على الوالدين حل مشاكلهما بعيدا عن أعين الصغار حتى لايحذون حذوهم فيما يتفوهون به من أقوال أو كلمات خلال شجارهما وخلافاتهما.
ذلك غيض من فيض من تقليد الأطفال لذويهم…
* إذا على الوالدين أن يسلكا سلوكا جيدا أمام طفلهما، فحتى وان قام بتقليد ذلك السلوك يتعلم منه ماهو مفيد وماهو حسن، وأن يبتعدا عن كل سلوك أو تصرف غير حسن أمام أطفالهم حتى لايشبوا في محيط من السلوكيات غير اللائقة.
*نهاية المداد
الإنسانية نهر من النور يسير من أودية الأزل إلى بحر الأبد
(جبران خليل جبران)