(أصداء سودانية) ترصد حجم الدمار بالمنظومة الصحية
المليشيا تدمر وتنهب أكبر مستشفى مرجعي بالبلاد

حرق مدينة البراحة الطبية بالكامل والمستشفى الدولي تحول إلى فندق ل (الدعامة)
المستشفى السعودي بالفاشر أكثر المستشفيات إستهدافا من المليشيا
وزير الصحة: 11 مليار دولار خسائر القطاع الصحي بولاية الخرطوم
تحقيق- التاج عثمان:
ما حدث للمستشفيات والمنظومة الصحية عامة في السودان من دمار وخراب بواسطة مليشيا الدعم السريع فعل بربري متوحش حير المراقبين العالميين والمنظمات الصحية الأممية وكل أطباء العالم المتحضر.. ما ان تضع مليشيا الدعم السريع يدها على مدينة او منطقة ما فأول ما تفعله نهب وتدمير وحرق المؤسسات الصحية مستشفيات كانت او صيدليات او مراكز صحية او معامل او حتى شفخانات.. الدمار الذي لحق بالمؤسسات الصحية ينم عن حقد دفين تميز به مرتكبو هذه الجرائم المفزعة في حق المواطن السوداني.. التحقيق التالي يوثق حجم الدمار والخراب الذي الحقته المليشيا المتمردة بالمؤسسات الصحية في السودان
شاهد عيان:
من المؤسسات الصحية التي كنت شاهد عيان على نهبها وتدميرها بواسطة مليشيا الدعم السريع مستشفى أحمد قاسم للأطفال الواقع بحي المزاد جنوب بالخرطوم بحري، والذي تم إفتتاحه في ديسمبر 2014.. كنت شاهد عيان على ما حدث لأكبر مجمع مرجعي لجراحة القلب وزراعة الكلى وعمليات القسطرة في السودان بحكم إقامتي بالقرب من المستشفى والذي كان فخرا لكل سكان المزاد جنوبه وشماله بل ولكل سكان مدينة بحري للخدمات الجليلة والمهمة التي ظل يقدمها لجميع المرضى الذين يتوافدون عليه من معظم أصقاع البلاد لإجراء عمليات القلب المفتوح او القطرة وزراعة الكلى والعناية بالأطفال.. وللأسف ومع بدايات حرب الخرطوم لاحظت ان عدد من السيارات القتالية التابعة للدعم السريع تجوب أزقة حي المزاد جنوب تسأل عن موقع المستشفى، وبحسن فإعتقد المواطنين أن افراد الدعم السريع لديهم جرحى يريدون إنقاذهم وعلاجهم لكن لاحقا علمنا بهدفهم الخبيث المجرم.. لاحظنا كما لاحظ غيري من سكان المنازل المواجهه للمستشفى ان افراد المليشيا شرعوا فور دخولهم المستشفى أن اخذوا تحطيما ونهبا لأجهزته، والغريب انهم كانوا ينتقون أجهزة طبية معينة ويقومون بنهبها ما ينم انهم على معرفة ودراية بالاجهزة الطبية ويقومون بنزعها ووضعها بحرص في عرباتهم القتالية او تلك المنهوبة من المواطنين
دمار ونهب:
بعد ان عاثت المليشيا تدميرا وتخريبا ونهبا لمستشفى احمد قاسم خرجوا من المستشفى بعد ان احالوه لشئ آخر لا يشبه المستشفى الذي نعرفه ونفخر به.. قامت المليشيا بتدمير جميع أجهزة القلب، وجهاز القسطرة القلبية، وأجهزة مراقبة القلب بغرفة عمليات القسطرة الطبية نهبت واحرقت.. اما غرفة طوارئ الأطفال مرضى القلب فتم نهبها وتدمير أجهزتها الطبية وللأسف لم يتبق منها سوى آسرة الأطفال المرضى والتي لحقها الدمار أيضا لكنها سلمت من النهب.. وقامت المليشيا بإتلاف وحرق جميع الكابلات والمحولات والطبلونات الكهربائية والطبية بمستشفى احمد قاسم بحثا عن النحاس، بجانب نهب أجهزة التصوير الطبي والأجهزة التشخيصية، وتدمير جهاز الرنين المغنطيسي، (ام.ار.ا) والذي لاحظت انه مهشم بالكامل، بجانب جهاز الاشعة المقطعية غا لي الثمن، (سي . تي)، وكل أجهزة قسطرة القلب التشخيصية والعلاجية تم تدميرها بالكامل.. دمار كبير ممنهج ومقصود ومؤسف ومؤلم تعرض له أكبر مستشفى مرجعي لأمراض القلب والكلى والاطفال بالسودان.
مدينة البراحة الطبية بإمتداد شمبات الأراضي ببحري، زينة مستشفيات العاصمة تعرضت هي الأخرى للنهب والدمار والحرق، إحترقت بالكامل وتحولت إلى كتلة سوداء لا نفع منها ولا طائل بعد ان كانت قُبلة للمرضى من كافة أرجاء البلاد.. أيضا لم يسلم المستشفى الدولي الخاص الواقع بحي الشعبية جنوب شرق تقاطع المؤسسة الخرطوم بحري.. ففي بداية حرب الخرطوم إحتلت المليشيا المتمردة المستشفى بالكامل وطردت المرضى والطاقم الطبي والإداري، وهناك مرضى خرجوا من غرف العمليات الجراحية تم إخلائهم أيضا دون شفقة او رحمة ومنهم نساء خرجن من عمليات ولادة قيصرية تم إخلائهن أيضا.. بعدها تحول المستشفى لفندق للمليشيا وايضا لمستشفى خاص بجرحاهم ومرضاهم يتم علاجهم داخلها بواسطة بعض افراد الكادر الطبي للمستشفى الذين تم إجبارهم على البقاء بالمشفى غصبا عنهم لعلاج جرحى ومرضى الجنجويد.. عموما المستشفيات التي كانت تحتلها المليشيا بالعاصمة بالخرطوم وامدرمان وبحري وعملت فيها نهبا وتدميرا تشمل مستشفيات:
(الخرطوم ــ الشعب ــ الأنف والاذن والحنجرة ــ الأسنان ــ الرازي ــ الساحة ــ الكويتي ــ شرق النيل ــ الوالدين ــ النو ــ معمل الصحة القومي ــ بنك الدم المركزي ــ حاج الصافي ــ بشائر).. بجانب المستشفيات السابقة التي تعرضنا لها بالتفصيل بداية التحقيق الصحفي، هناك العديد من المراكز الصحية والشفخانات العلاجية الصغيرة والتي كانت تقدم خدمات علاجية لأهلنا بالقرى النائية.
المستشفى السعودي الفاشر:
المستشفى السعودي بالفاشر يعد أكثر المستشفيات التي تدمرت وقصفت بواسطة المليشيا، ففي يناير الماضي لقي 70 مريضا بالمستشفى مصرعهم داخل قسم الحوادث وبعض عنابر المستشفى، بسبب قصف صاروخي محموم على المستشفى المدني بواسطة المليشيا المتمردة، علما انه المستشفى الوحيد الذي ظل يعمل في إستقبال وعلاج المرضى بالفاشر بعد خروج جميع المستشفيات الأخرى عن الخدمة.. ومن هول القصف وكثرة الضحايا علق حاكم إقليم دارفور، مني اركو مناوي قائلا:( لقد ابيد جميع المرضى الذين كانوا داخل المستشفى السعودي) وعلق سكرتير نقابة أطباء السودان، عطية عبدالله عطية مستنكرا الإعتداءات المتكررة من المليشيا المتمردة على المؤسسات العلاجية قائلا:(ما يحدث للقطاع الصحي جريمة إنسانية)
إستهداف الأطباء:
موجة العداء والحقد الذي تمتلئ به صدور المليشيا المتمردة وقادتها لم يقتصر على المستشفيات والمؤسسات العلاجية الأخرى بل إنسحب أيضا على الأطباء خاصة المشاهير منهم والذين فقدت منهم البلاد أطباء أفذاذ في غمضة عين ليس لسبب سوى أنهم كانوا يدافعون عن كرامتهم وأنفسهم.
ففي جريمة بشعة اقدمت مجموعة من عصابات الجنجويد المسلحة بإغتيال الدكتور عصام صديق الزبير داخل منزله بالكلاكلة، كما إتاوا أثنين من أبنائه هما، محمد وابوبكر.. الشهيد الدكتور عصام صديق تخرج من كلية البيطرة جامعة الخرطوم، وهو من أبناء جزيرة توتي، عمل لفترة بدولة الأمارات.
وبنفس الإسلوب الهمجي الحاقد قامت مجموعة من المليشيا المتمردة بإغتيال الدتور أحمد بلال التوم عبدا لله، إخصائي الاشعة وعضو قسم الاشعة بمستشفى الخرطوم التعليمي، ويعد الأشهر في مجاله.. تمت تصفيته بدم بارد بمنزله بمنطقة أركويت مربع 61، وسبق ان تم إعتقاله بواسطة المليشيا عدة مرات لكن أطلق سراحه حتى تمت تصفيته مؤخرا دون أي مبررات.. وهناك عشرات الكوادر الطبية الأخرى تمت تصفيتها بدم بارد بالمناطق التي كانت تسيطر عليها المليشيا
وزير الصحة د.هيثم محمد إبراهيم صرح في تصريحات صحفية، ان 70 بالمائة من المستشفيات المرجعية خرجت تماما عن الخدمة خلال الأشهر الأولى للحرب بولاية الخرطوم.ز و12 مستشفى تحولت إلى ثكنات للدعم السريع.. وان ثلث مستشفيات البلاد تعرضت للنهب من الدعم السريع تعادل 250 مستشفى.. خروج مراكز الأورام عن الخدمة.. 11 مليار دولار خسائر القطاع الصحي بسبب إعتداءات المليشيا.. 12 الف وفاة وردت إلا المستشفيات أثناء الحرب.. و33 ألف حالة إصابات خطرة.. 306 حالة إغتصاب وصلت المستشفيات.. 1258 وفاة بالكوليرا.. وفاة 8450 بحمى الضنك.. وفاة 870 أمهات حوامل لغياب الخدمات الصحية بمناطق سيطرة الدعم السريع