في رحاب الله أخي أبا القاسم

واحة المنصة

يكتبها اليوم

د. عبدالعظيم عوض

*رحل أخي اللواء طيار أبوالقاسم ، بالطريقة التي سعى هو  لها ، رحل قابضا علي مقود الطائرة ، مقاتلاً شرساً ،دفاعا عن الوطن وارضه وسيادته ، وهذا شرف لا يماثله شرف, ومثل أبوالقاسم الذي عرفت لايموت إلا هكذا واقفاً ومقبلا غير مدبر, فالرجل منذ عرفته تتجمع فبه وحوله كل الخصال السودانية الأصيلة من كرم وشهامة ونخوة واقدام وشجاعة وتديّنٍ فطري ، لذلك اختار بمحض إرادته معقل الرجال تاركا خلفه جامعة الخرطوم الغاية المشتهاة لكثير من أبناء جيله وتوجه صوب دراسة الطيران الحربي بعد اجتيازه حواجز الكفاءة المعتمدة للطيار المقاتل.

   *واصل الشهيد بإذن الله أبوالقاسم تدرجه في سلك القوات الجوية حتي بلغ مرتبة اللواء قائدا لقاعدة الخرطوم الجوية ، كان رحمه الله لا يخفي تحفظه علي الوضع الذي لقيه الدعم السريع بعد التغيير ، وقاده هذا الموقف الي الحبس بتهمة الاشتراك فيما عُرف بانقلاب رئيس الاركان الفريق هاشم عبد المطلب ، أمضى سنتين في الحبس الذي لم يغادره الا الي المحكمة التي أخضع لها مع زملائه الفرسان ، لينتهي الأمر  بالإفراج عنهم (والطرد من الخدمة) هكذا كانت تقول صيغة الحكم عليه وزملائه.

    *غادر سريعا المنزل الحكومي بالقاعدة الجوية الي حيث منزله بالسلمة شرق الكدرو ، وبذات هذه السرعة والفراسة التي عُرف بها الشهيد ، لم يتردد في تسليم نفسه لقيادته في اليوم التالي لبدء عدوان المليشيا الإرهابية،  وظل طيلة عامي الحرب في مقدمة فرسان العمليات الجوية الي أن نال ماتاقت له نفسه امس شهيدا وهو علي مقود طائرته ، اللهم أن ابا القاسم قد غادر الفانية الي رحابك الدائم دار البقاء ، ونشهد انه كان من اهل الطاعة والورع والتقوى وانه نال ماتمناه وتاقت له نفسه أن يموت مدافعا عن العقيدة والأهل والوطن في يوم الاثنين وهو صائم أحد يومي صيامه كل اسبوع منذ سنوات ، أسألك اللهم أن يكون الفردوس الاعلي مثواه ومستقره في صحبة الشهداء والابرار من عبادك الصالحين ، وان تجعل البركة  في ذريته وأهله.

ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم