لأنهم بلا ذاكرة تأريخية.. يخرّبون مدينتى جبل اولياء(١-٣) 

 

مولانا : الفاتح بشير الوسيلة 

 

* عربان الشتات الذين جرهم إليها قائد مليشا الدعم السريع، يمنيهم بالمال والمآل، ويمني نفسه بحكم السودان.

*اقوام لا تأريخ لهم على ظهر البسيطة، ومن كان منهم ذا تأريخ فهو تأريخ عامر في القتل والسلب والنهب والإغتصاب، لاعلاقة لهم من الإسلام إلا اسمه قوم رعاع.. أعداء لكل جمال وإستقرار وسلام.. وتعتمل نفوسهم بالحقد، لا يخفونه ويصرّحون به ( بس نخربو ليهم بلدهم السمحة دا) يقودهم الجهل.. وقائدهم ابوجهل العصر الحديث.

*ولأنهم بهذه المؤهلات، جاءوا اليك مدينتي وانت من انتي. سفر مبجّل في كتاب تأريخ بلادنا الحضاري والعمراني والثقافي والإجتماعي والسياسي والديني .. لا يعلمونه لانهم جهلاء، وانصاف متعلمين منحوا عقولهم وجيبوبهم ليقودهم جهلاء، ولايدركون قيمة التأريخ مثلهم مثل التتار عقيدتهم إعادة الناس إلى العصر الحجري، وتدمير كل منجزات البشرية، جاءوك فاقدين الابداع الحضاري،

لايعلمون يوم تدفق النيل على ارضك منذ الأزل ، وانتي تتكين على جنبه تستقي من فيضه الدفاق.. فنبت فيك الزرع والضرع.. وحينما ينال منك الجهد والتعب ترقدين إلى الجبل الاشم تضعين رأسك علي صخرته وتغمسين قدميك في النيل.. ويداك على صدرك، يداعب النسيم جمال وجهك وتهفهف اوراق اشجارك، وتغرد طيورها كما غردت ل(سبدارات) ، حينما أوى إلى نخلاته يستجم تحتها وتؤنسه (قماريها ).

* انهم لا يعرفون انك خيار الصالحين من عباد وزهاد، انحازوا إليك وانحزتي إليهم ، ورضيت أن يقترن اسمك باسمهم جمعياً فصرتي لهم مأوى وصاروا لك اسماً، تزواج ازلي غير منفصم، فاصبحت (جبل الأولياء) اسماً يتجاوز في صيرورته سبعمائه وخمسون عاما.. دون اي تنازل منك عن هذا الاسم، الذي

تعود جزوره إلى ماقبل سلطنة الفونج، والتي يوم آل اليها حكم السودان، الذي دام لاكثر من ثلاثمائة وثمانية عشر عاما (1504 – 1821) احتللت لك مقعدا في مدراس العلم والفكر، واحتضنت ربوعك خلاوي الصالحين، تدرس القرآن يتعلموا فيها، وتخرجهم افواجاً ينشرون العلم والنور في بلاد السودان.

* ولا يكاد يخلو فيك أو من حولك مكاناً لا تتسامي في سمائه قباب الصالحين، تعانق عنان السماء، وليس هذا فحسب فقد تميزتِ بميزة أخرى اذ كنتي رائدة تعليم المرأة في سودان سلطنة الفونج، بما انشأته الشيخة العالمة عائشة بت ولد قدال من خلاوي ذاع صيتها واشتهرت، وكان من متخريجها الشيخ خوجلي عبدالرحمن ابوالجاز المولود في توتي165‪4 الذي سميت حلة خوجلي في الخرطوم بحري باسمه.

*ولم يمر بالسودان عهد إلا كان لك فيه باع ومكان، ففي العهد التركي حُظيتِ بزيارة محمد علي باشا عندما حل بالسودان على ظهر باخرته الذهبية 1839 متفقداً بعثات منابع النيل ورجاله الباحثين عن الذهب، وكانت البواخر تغدو وتروح على مرفاك مما أرخ له الشاعر ود الرضي وهو يصور رحلة حبيبته او حينما تحدوه ان يكتب قصيدة في سفر حبيبة صديقه في رواية أخرى إلى الرجاف بجنوب السودان.. حينها قال..

من الاسكلا وحلا ومن البلد ولا

ودمعي لي الثياب بلا

حبيبي جبل اولياء غشا

وحصل القطينه عشا.

*ولما اطلت المهدية هب ابناؤك لنصرة المهدي، وكان ود جارالنبي الفارس المغوار ممن جزو رأس غردون باشا رمز الامبراطورية البريطانية .

وانتي يا مدينتي لم تغيبي يوما عن ركب التمدن والتطور والتعليم والسياسة، ففي النصف الأول من القرن التاسع عشر، تقاطرت إليك وفود الإعمار لبناء خزان جبل الأولياء، يتقدمهم رئيس البر والبحر.. الشيخ الجليل الأزهري الختمي الخليفة محمد محمود، الذي كان يمتلك ثرايا بحلة التجار لاينقصها من وسائل الرفاه والجمال شئ بما في ذلك طواحين الكهرباء، التي مازالت اثارها باقية، وكان من بين ثلاثة ادخلوا السيارة إلى السودان، وكان منزله مزار لكبار زوار السودان، وسمق الخزان صرح شامخ يلم مياه النيل، ويحنو بها على جيراننا في مصر، واهلنا في الشمال، وترتوي منه مشاريع الاعاشة علي النيل الأبيض.

-نواصل-

*مستشار قانوني – عضو وفد التفاوض (منبر جدة)