تحقيق صحفي: هرباً من القتال والعنف.. النزوح واللجوء .. حكايات ومآسي
- محمد : نزحنا بصحبة والدنا المريض من الجزيرة الى القضارف في رحلة استغرقت 8 أيام سيرا على الأقدام
- مواطن : المليشيا قامت بسرقة محاصيلنا الزراعية بالجزيرة واجبرتنا على النزوح
- مليشيا الدعم السريع تمنع توصيل الاغاثة للنازحين وتعتدي على فرق التوزيع
- أستاذ جامعي : النزوح يساهم في تفكك الأسر ويؤثر سلباً على المجتمع
تحقيق – مروان الريح:
أدى اندلاع حرب السودان في 15 أبريل من العام 2023 بين الجيش السوداني و مليشيا الدعم السريع المتمردة ، إلى نزوح جماعي للمدنيين داخل وخارج البلاد ، حيث أُجبر ملايين السودانيين على ترك منازلهم وحياتهم بحثًا عن الأمن .. و أفرزت الحرب حكايات و مآسي يندى لها الجبين ، فلكل مواطن سوداني قصة مختلفة ابان اندلاع الحرب المستمرة حتى الآن ..
قصص ومآسي النزوح :
تُشير التقديرات إلى أن أكثر من 3.3 مليون مواطن نزحوا داخليًا الى ولايات السودان المستقرة هربًا من القتال والعنف ، الذي تمارسه المليشيا المتمردة على المواطنين الأبرياء ، و تُظهر قصصهم معاناة لا توصف ، حيث يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء والمياه والمأوى، وتُعرّضهم ظروف النزوح لخطر الأمراض والعنف والمصير المجهول ، والعيش في مواكز الإيواء التي تفتقر لعدد من الخدمات الضرورية ، ويقول المواطن (محمد عمر) الذي نزح من ولاية الجزيرة الى ولاية كسلا ان مليشيا الدعم السريع عندما دخلت الى قريته قامت بسرقة جميع المركبات ، والمحال التجارية ، ثم بدأت في سرقة المنازل وأخرجت أهلها عنوة ليترك (محمد) و أهل قريته كل ما يملكون خلفهم ، ويتجهون نحو ولاية كسلا ، من ثم الى مركز ايواء النازحيين بولاية كسلا ، وأشار محمد خلال حديثه ل ( أصداء سودانية) الى معاناته مع أسرته المكونة من 6 أفراد ووالده المريض بداء السكر ، حيث استغرقت الرحلة من ولاية الجزيرة الى ولاية القضارف 8 أيام سيرا على الأقدام ، وقال محمد أن الاف المواطنين عاشوا أيام من المعاناة والمآسي خلال خروجهم من قارهم بولاية الجزيرة بعد دخول المليشيا.
تهديد بنية المجتمع السوداني:
وصف الدكتور خالد محمد علي أستاذ الدراسات الاجتماعية بجامعة امدرمان الاسلامية الحرب في السودان بانها كارثة إنسانية كبيرة ، حيث انها اجبرت ملايين المدنيين على ترك منازلهم والفرار بحثًا عن الأمان وقال خالد ل( أصداء سودانية ) أنه لا تُقتصر معاناة النازحين على فقدان منازلهم وممتلكاتهم ، بل تمتد إلى آثار اجتماعية عميقة تُهدد بنية المجتمع السوداني برمته ، مبينا أن النزوح والتشرد يولد شعور خطير في نفوس المتضررين ، مبينا أن ذلك يساهم في تفكك الأسر و يؤثر سلبا على تماسك المجتمع ، مطالبا بضرورة تلافي أثارها السالبة حتى يعود المجتمع السوداني كما كان
صعوبة وصول المساعدات :
تُواجه وكالات الإغاثة الدولية تحديات كبيرة في الوصول إلى النازحين واللاجئين، حيث تُعيقهم الظروف الأمنية في السودان من الوصول الى المحتاجين حيث تمنع مليشيا الدعم السريع توصيل الاغاثة في عدد كبير من مناطق سيطرتها و تقوم بسرقة الاغاثة و الاعتداء على افرق التوزيع ، مما جعل المنظمات تتوقف عن توصيل لاغاثة في اماكن سيطرة المليشيا ، اضافة الى نقص التمويل و يُواجه النازحون واللاجئون ظروف معيشية صعبة، حيث يعيشون في مخيمات مكتظة، وتُفتقر إلى الخدمات الأساسية ، فضلا عن تسبب الحرب في أثار نفسية عميقة على النازحين واللاجئين، منها الخوف والاكتئاب والقلق.
سرقة المحاصيل الزراعية في الجزيرة :
معاناة المزارع ابوبكر عبدالرحمن من ولاية الجزيرة والذي سرقت المليشيا قرابة 230 جوال بصل كان حصدها قبل دخول المليشيا الى الولاية ، يقول أبوبكر لمنصة أصداء سودانية وهو من قرية الكشامر أنه ظل يزرع منذ عشرات السنين في مشروع الجزيرة حيث زرع هذا العام كميات كبيرة من البصل و الطماطم ، ومع بداية الحصاد حاصرت المليشيا المتمردة المنطقة وقامت بسرقة المنازل و السيارات ثم بدات في سرقة المواشي و المحاصيل الزراعية ، وأشار أبوبكر الى قيامه بتوزيع بعض البصل والطماطم الى سكان القرية في الأيام الأولى لدخول المليشيا الولاية ، ولكنه فشل في ترحيل بقية جوالات البصل الى مكان أمن بعد توقف الدفارات عن العمل بسبب دخول المليشيا وسرقة بعضها قبل ان يقوم اصحاب “الدفارات” الي ترحيلها لولاية القضارف ، ثم جاءت قوة من المليشيا وقامت بسرقة كافة المحاصيل المخزنة بالقرية بقوة السلاح ، ما حدث مع أبوبكر في قرية الكشامر حدث في معظم قرى الجزيرة حيث سرقت عناصر المليشيا كافة المحاصيل الزراعية في سلوك ينافي عادات وتقاليد الشعب السوداني ، مما يؤكد ان الحرب لم تكن ضد الجيش بل كانت ضد الوطن و المواطن الذي سرقت ممتلكاته.
قصة أيمن معاوية الحزينة :
ايمن معاوية مواطن يعمل في تجارة الموابايلات في عمارة السلام المشهورة بالعاصمة الخرطوم ، يقول أيمن أن متجره في عمارة السلام تم نهبه بالكامل في الشهر الأول للحرب ، حيث غادر أيمن بعد 5 أشهر من منزله بالحاج يوسف الى ولاية سنار مدينة سنجة برفقه زوجته و أدناءه يؤكد أيمن في حديثه لمنصة أصداء سودانية بأن مدينة الخرطوم لم تعد تلك المدينة الآمنة فالسرقات أصبحت في وضح النهار بالرغم من شح المواد الغذائية وانقطاع شبكة الاتصال و الكهرباء الا انه ظل متوتجد بمنزله لمدة 5 أشهر ليفكر في المغادرة الى مدينة سنجة حيث يسكن أهل زوجته هناك ، ويواصل أيمن حديثه حيث قال انه بدأ التأقلم مع الوضع في المدينة عبر العمل الحر في السوق الا أن دخول مليشيا الدعم السريع الى مدينة سنجة جعله يغادر فورا الى ولاية القضارف التي أصبح فيها نازح في أحد مراكز الإيواء ، وقال أيمن أن مركز الأيواء تنقصه العديد الأشياء الأساسية مثل دورات المياه ونقص حاد في الغذاء والدواء مع تكاثر الأمراض بسبب هطول الأمطار وتجمع الباعوض و الذباب ، وقال ايمن ان هناك وجبات مجانية تقدم من خيريين للنازحين الا انها لا تكفي العدد الكبير المتواجد داخل دور الأيواء ، ودعا أيمن الى صرورة وقف الحرب حتى يتمكن من العودة الى منزله ويبدأ رحلة جديدة من البناء ويأمل ايمن في أن يعيد نشاطه السابق في التجارة رغم سرقة كافة محله مما سيؤثر في رجوعه الى السوق.
اللجوء إلى الدول المجاورة:
فرّ ملايين السودانيين إلى دول الجوار بحثًا عن ملاذ آمن، فأصبحوا لاجئين في تشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان وغيرها من الدول ، تُظهر قصصهم رحلة شاقة عبر الحدود ، تمتد لايام و أسابيع ، حيث يواجهون مخاطر عديدة، منها الخطر من قبل المهربين والظروف القاسية مثل سخونة الطقس و وعورة الطريق ، حيث يستمر السفر لعدة أيام ، مع عدم توفر الغذاء و المستشفيات و المدارس و العمل للاجئين.