الإعلام والدولة الوطنية السودانية

أيمن عبدالمجيد

تواجه الدولة الوطنية السودانية تحديات مصيرية غير مسبوقة في تاريخها الحديث، بما يتعرض له بنيانها ومؤسساتها من تهديدات، وما يعانيه شعبها من ويلات سفك الدماء، والنزوح والتهجير وضيق العيش، في وطن يملك من الثروات والخيرات ما يؤهله لأن يكون سلة غذاء عالمية.

الدولة الوطنية مثل الإنسان.. أرضها هي جسدها، قيادتها السياسية رئاسةً وحكومةً هي رأسها، ومؤسساتها أطرافها، التي تسير بها شؤونها، وأجهزتها الأمنية حواسها، التي ترى وتسمع بها، لتبعث بمعلوماتها إلى الرأس والعقل لاتخاذ ما يلزم من قرارات.

لجسد الدولة كما الإنسان، عمود فقري ينتصب به قوامها، تستند عليه أطرافها، إذا ما أصابه انحناء انحنت الدولة، وإذا ما انكسر لا قدر الله تنكسر الدولة، وتفقد سيطرتها على أجزاء من جسدها، فيسعى كل من يضمر للوطن الشر للسيطرة على مقدراته وثرواته.

أدرك ذلك، أعداء أمتنا العربية وقارتنا الإفريقية، فعملوا على تدمير الدول من الداخل لخلق الصراعات الطائفية تارة والمذهبية والعرقية والقبلية تارات أخرى، لخلق بيئة سانحة لخلق ميليشيات تستهدف بالأساس هدم الجيش الوطني، لاستباحة الجسد.

يدرك أعداء الدولة الوطنية، أن هدمها وتقسيمها يبدأ بهدم جيشها، فهو الدرع والسيف اللذان يحميان وحدة الأرض، وسلامتها وأمنها، هو القادر على ردع كل من تسول له نفسه العدوان على البنيان والثروات والإنسان، وشرعية الحكم.

لذلك كان أول قرارات المحتل الأمريكي للعراق، حل الجيش، واستغل المتآمرون الحراك الشعبي الذي شهدته بلدان عربية- سعت شعوبها للإصلاح والتغيير- للتحكم في درجة حرارة الحراك والتحول السياسي للانحراف به إلى صراع وتخريب وتدمير.

حاولوا تنفيذ ذلك في مصر، في أعقاب 25 يناير 2011، فسارع الشعب بالثورة في 30 يونيو للحفاظ على الهوية الوطنية وتصحيح مسار الثورة، لتخوض الدولة حربًا استمرت عقدًا كاملًا للقضاء على الإرهاب، الذي حاول كسر إرادة الشعب، فحمى الله مصر بوعي شعبها وقوة جيشها.

في اليمن سيطرة ميليشيات الحوثي على مساحات من جسد الدولة بعد إنهاك الجيش الوطني وتفكيكه، وفي ليبيا إنهاك الجيش خلق حكومات متصارعة، ودفع الشعب من دمائه وأمنه أثمانًا باهظة.

في السودان- الذي أطل اليوم على شعبه الكريم من منبر صحيفة أصداء- تعرض جيشه الوطني للاستهداف، في محاولة لكسره وإضعاف قدراته، تمهيدًا لبسط نفوذ ميليشيات مسلحة على مساحات من الجسد والثروات، لكن الله حفظ السودان فيقف الجيش الوطني- حتى الآن- سدًا منيعًا للحفاظ على مقدرات الدولة، مدافعًا عن الأرض والعرض.

رئيس تحرير جريدة وبوابة روزاليوسف والكتاب الذهبي
عضو مجلس نقابة الصحفيين