
الزعيم !!
وهج الحروف
في مثل هذا الشهر قبل سنوات خلون شقّ سهمٌ نافذٌ طريقه من السماء.. ثم شعّ بنوره الآخاذ و غار في البعيد… غاب معه صوت أنيق مجلجل قوي… كان يتحدث همساً ويسري في الأوصال والنفوس مسرى النسيم وعطر الورد وأنفاس الزهر… لكنه في الملمات كان سيفا بتاراً وسلاحاً ماضياً تحرسه شكيمة ظاهرة وتحفه صلابة فولاذ لا تلين ، ولا تعرف الإنقياد والخضوع.
أسس لنفسه مدرسة، وبنى لاسمه شخصية فذة ومجداً ، ووضعها أعلى القمم ورفع فوق هامتها إسم الهلال ليزاحم الشمس علواً ورفعة ومكانة.
خاض لأجل الأزرق أشرس المعارك فهو شديد المراس يعشق النزالات العنيدة ولا يخشى في الحق لومة لائم.
هو الزعيم الخالد المأمور الطيب عبد الله ود السارة الذي حطّ بدار الهلال كهبة من السماء لأهل الأرض… وولج مجال العمل الإداري الرسمي بعد تأهيل اكاديمي رفيع ليكون واحداً من أساطين وأركان وزارة الداخلية ورقماً مهماً في الحكم المحلي ، طاف على مديريات السودان المختلفة وامتدّ تأثيره لبعض الدول الأفريقية وقد أسهم في وضع قوانينها ولوائحها.
رياضياً نجح في تأسيس إتحادات وإستادات رياضية على مستوى السودان ما أسهم في زيادة شعبية الهلال وإستقطاب أجيال جديدة وهو نهج درج عليه سنوياً قبل بداية الموسم بإرسال فريق الهلال على قسمين أحدهما إلى الوسط والشرق ، والثاني إلى النيل الأبيض وكردفان فنشأت شعبية كبيرة للأزرق وانضمت له الألوف من الأنصار والمشجعين.
ظل الزعيم الخالد الطيب عبد الله مركز قوة للقرار والفعل الإداري الهلالي فاستمدت منه المجالس المتعددة والمتعاقبة الصلابة والقوة و الصمود والإستماتة في الدفاع عن حقوق النادي… وتميّزت فتراته المتعددة على رئاسة النادي بالدراسة المتعمقة للقرارات المصيرية قبل اتخاذها ، كما درج على توسيع قاعدة المشاركة وتطبيق الشورى بمفهومها الكبير وإشراك الأقطاب والإداريين والجماهير والإعلام في إدارة النادي… كما ظل يحتفظ بعلاقات ممتدة مع خصومه ومنافسيه في التنظيمات التي تخوض ضد تنظيم الإنتخابات ويفصل بين الخاص والعام ولا يخلط الأوراق.
غيًب الموت قبل سنوات وتحديداً في الرابع والعشرين من فبراير عام ٢٠٠٧ واحداً من أعظم الأسماء التي خلّدها التأريخ على المستويات السياسية والتنفيذية والرياضية وترك بصمة في كل مجال ، و صنع مجداً للهلال ، وخلق مدرسة فكرية إدارية ووضع أساساً لذلك، يمكن أن تنهض به الأجيال اللاحقة.
على المستوى الشخصي تميز الزعيم بل تفرّد دون غيره بالتسامح المطلق الصادق النابع من صميم القلب فكان لا يحمل ضغينة أو غُبناً… لا يعادي ولا يتعامل بردود الأفعال ، ولا يخاصم أو يشيح بوجهه عن خصومه… كان بلا أعداء محبوبا للجميع موجوداً بل متربعاً في قلوب الأهلة. قلبه مفتوح قبل داره… يستقبل الخصوم قبل الاصدقاء.
تميز بسعة الأفق ورحابة الصدر والحكمة والعلم الواسع والتفكير المتقدم.
يجمع بين جنبيه قلب طفل غرير في حياته العامة… ويتحول إلى أسد هصور عندما تدلهم الخطوب بالهلال فيذود عن حياضه بقوة العزم وسلامة القرار وقوة التنفيذ.
ألا رحم الله زعيم أمة الهلال وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون.