الأمم المتحدة تحذر من عودة الحرب الأهلية في جنوب السودان

حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، من احتمالية عودة جنوب السودان إلى دائرة الحرب الأهلية بعد أن شهدت البلاد موجة متزايدة من العنف منذ بداية العام الحالي.
وفي بيان رسمي، كشف تورك عن أرقام مقلقة، حيث سُجلت 1854 حالة قتل و1693 إصابة و423 حالة اختطاف في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، وهو ما يمثل زيادة كبيرة بنسبة 59% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وأضاف أن هذه الأرقام قد تكون أدنى من الواقع، في ظل صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة من الصراع.
وتعتبر هذه الزيادة في العنف بمثابة مؤشر على تصاعد الانقسامات الداخلية والتوترات الإثنية في البلاد، ما يهدد الاستقرار الهش الذي تحقق بعد سنوات من الحرب الأهلية المدمرة التي شهدتها البلاد بين عامي 2013 و2018. القتال العشوائي، بما في ذلك الغارات الجوية التي استهدفت المناطق المأهولة بالسكان، دمر العديد من المنازل والمدارس والعيادات الصحية، ما أدى إلى نزوح جماعي لعشرات الآلاف من المدنيين.
ويبدو أن اتفاق السلام الموقع في 2018 بين الحكومة والمعارضة، الذي أنهى النزاع الدموي الطويل، أصبح مهددًا بالتدهور، مع ازدياد أعمال العنف الطائفي والعرقي، وخاصة في ولايتي واراب وجونقلي، حيث تصاعدت الاشتباكات بين الجماعات المسلحة.
تورك أعرب عن قلقه العميق إزاء محنة المدنيين، داعيًا جميع الأطراف المعنية إلى تحمل مسئولياتهم والضغط على القادة السياسيين لضمان العودة إلى مسار السلام.
تصاعد العنف وتداعياته:
ووفقًا للأرقام الصادرة عن مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، تشير التقارير إلى أن هذا التصعيد في العنف يعود جزئيًا إلى الاشتباكات العشائرية والإثنية التي نشبت في ولايات واراب وجونقلي، حيث أسفرت عن زيادة بنسبة 33% في عدد القتلى المدنيين مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وقد أكد تورك أن القيود على الوصول الإنساني تفاقم من معاناة المدنيين، ما يجعل من الصعب الحصول على أرقام دقيقة للضحايا. ونظرًا لهذه القيود، يُعتقد أن الأعداد الحقيقية قد تكون أعلى بكثير.
وقد تسببت الغارات الجوية العشوائية التي نفذها الجيش في مناطق مأهولة بالسكان مثل أعالي النيل وجونقلي والوحدة في تدمير المنازل والمدارس والعيادات، ما أدى إلى نزوح الآلاف من المدنيين.
كما تزايدت حالات العنف الجنسي في ظل الصراع المتفاقم، ما يجعل الوضع في جنوب السودان يقترب من الهاوية، في وقت لا يزال فيه اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه في 2018 يواجه تهديدًا كبيرًا بالانهيار.
أرقام مقلقة:
ويؤكد فولكر تورك أنه على الرغم من الجهود التي بذلها المجتمع الدولي لإحلال السلام، يبدو أن الهدوء الذي تحقق بعد اتفاق السلام في 2018 أصبح هشًا للغاية. فالتوترات الداخلية وزيادة الأعمال العدائية تشير إلى احتمال كبير لعودة القتال الشامل في البلاد، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل أكبر. ودعا “تورك” جميع الأطراف المعنية إلى تحمل المسؤولية واتخاذ خطوات عاجلة لضمان الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
من جهة أخرى، سلطت الأمم المتحدة الضوء على قضية ريك مشار، نائب الرئيس الأول الموقوف عن العمل، الذي يواجه اتهامات بالخيانة وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وذلك على خلفية هجوم على قاعدة عسكرية في مارس 2025. وبينما يُحتجز مشار في انتظار محاكمته، طالبت الأمم المتحدة جوبا بضمان العدالة من خلال الإجراءات القانونية الواجبة.