خارج السرب
صمت الكلام_ فائزة إدريس
*رأفة شابة مليحة القسمات، تباري شبان حيها ذات زمان مضى على الفوز بقلبها ، فمرت الأيام والسنون واصبحت زوجة وأم لثلاثة أطفال بعد أن تزوجت ماهر ، ذلكم الرجل الثري الذي يمت لها بصلة القربى وكان متيماً بها وكان ماهر يمتلك الكثير من المال والعقارات وهو يعمل بالتجارة وكانت رأفة تنعم بحياة رغدة ورفاهية عالية فقد كان زوجها يلبي لها كافة طلباتها ومتطلباتها فلم يكن ينقصها وأطفالها الثلاثة الذين كانوا يتمرغون في نعيم الحياة شيئاً.
*وبالرغم من سعة العيش التي تحيط بها من كل جانب إلا أنها كانت تسلك في حياتها سلوكاً غريباً لا يخطر على بال ولا تمر ذكراه بعقل أحدهم، وهو أنً رأفة تلك الجميلة المدللة الثرية الغارقة إلى أذنيها في المال وتعيش حياة رغدة، مريضة بداء السرقة !.
*فقد اعتادت على ذلك السلوك منذ أن كانت طفلة في سنوات دراستها الأولى ، حيث كانت تسرق النقود والحلوى من رفيقات الطفولة في المدرسة آنذاك، بالرغم من أنّ حقيبتها كانت مليئة بالنقود والحلوى ! ولم يكن هنالك أحد من أفراد عائلتها يفطن لما يحدث ، كذلك لم تكن الصويحبات يتهمنها بالسرقة آنذاك لأنها لم تكن لديها حوجة لذلك فهي من أسرة ثرية ولم يكن هنالك أحد تساوره الشكوك حولها .
*مرت السنوات وترعرعت رأفة وترعرعت معها السرقة وتزوجت وأنجبت وما انفك ذلك المرض يحلق في سماء حياتها ، فما أن تقودها قدماها في زيارة إلى بيت إحدى الجارات والصديقات إلا وتمارس ذلك السلوك غير الحميد بسرعة كما وسرعة البرق ، بمجرد أن تتاح لها الفرصة خلال تلك الزيارة، حينما تشرع الجارة مثلاً بكرم الضيافة ، فتلتفت هي يمنى ويسرى فتجد الأجواء صافية وليس هنالك مايعكرها فتأخذ على سبيل المثال لا الحصر لوحة ! صورة فوتغرافية ! الريموت كنترول ! وتخبئها في حقيبتها التي لا تفارقها أبداً.
*وفي بعض الأحيان تكون الفرصة لممارسة تلك العادة متاحة بشدة فتأخذ مثلاً نقود أو مجوهرات أو إكسسوارات أوموبايل في إحدى زياراتها للبعض من الناس، وفي أخرى تقوم بسرقة أشياء بسيطة لا قيمة لها ! وهكذا أمست رأفة تمارس مأساتها تلك في كل زمان ومكان.
*فبحسب علم النفس ما تفعله رأفة من سلوك يسمى هوس السرقة، أو مرض الكليبتومانيا، وهو اضطراب نفسي يتمثل بالدوافع التي تتملك الشخص بإستمرار وتدفعه للقيام بالسرقة بشكل لا إرادي ويسرق الشخص المصاب بهوس السرقة أشياء ليس هو في حوجة لها ويشعر بالسعادة عند السرقة، ومن ثمّ يتملكه شعور بالذنب فيحاول التخلص من المسروقات تلك.
*وللتخلص من ذلك المرض أجمع الأطباء النفسيين أنه يتوجب على المريض الذهاب لاختصاصي نفسي لمعالجة الأمر.
نهاية المداد
سيظل شئٌ في ضمير الكون يُشعُرني
بأنّ الصبح آتٍ..أنّ موعده غداً
ليعود فجر النيل من حيث إبتدأ
(فاروق جويده)