إبك يا وطني الحبيب الحلقة الخامسة

من المسافة صفر _ د/سلوي حسن صديق

 

منذ طفولتهما الباكرة اظهرا نبوغا وتميزا وكان ابوهما يحكي قصص طفولتهما لزملائه الموظفين في نشوة وإمتنان عجيب لرب الكون ان وهبه الواهب المعطاء هذه النعمة، وكذلك امهما مثله جزلي بهذه العطية.
رغم ما تلاهما من اخوة واخوات الا ان شيئا ما يبقي جذوة حبهما مختلفة وكثيرا ما تقول الام لجاراتها انهما (طردة) كانهما توأم.
سبحان الواهب سرعان ما شبا وبدت ملامح الفائدة والمروءة تظهر في سلوكهما..
كانا حينما تحين عودة الوالد من العمل ينتظرانه بالخارج يحملان معه الامتعة والاكياس ثم يطيبا خاطره بعبارات تبدو اكبر من سنيهما النضرة.
مرت السنوات وقد شارفت اوقات امتحانهما للشهادة ثم مالبثا ان اصبحا طالبين متفوقين احدهما في كلية الطب والاخر في الهندسة .
مما زاد فخر الوالدين، ويالها من سعادة حينما استلم والدهما الشهادة في يوم تخرجهما ليصبحا الدكتور والمهندس.
ذات جلسة محضورة قالها اكبرهم لوالديه في محبة (والله ياابوي تاني ما تشتغل الان الدور علينا).
شد الوالد علي ايديهما معا كل بجانب كانهما طفلبن وخرج بهما مصطحبا نحو المسجد وموصيا(يا اولادي اناعايزكم ترعوا امكم دي وما تخلوا لها شئ حججوها وابقوا عشرة علي اخوانكم الصغار).
هكذا ختم حديثه ولكن سرعان ماعاجله ابناؤه البررة( ياابوي نحن ياداب حانتفرغ لكم والله نفسحكم فسحة).
ملأت الضحكات المكان وعادوا ليشربوا شاي (المغرب) هنيئا مريئا.
هكذا كانت تحلق بهم الاحلام وتملأ السعادة اركان البيت
حتي ادركتهم الحرب اللعينة.
بعد ازدياد وتيرتها ومعايشة ايامها الصعبات بدأوا التفكير في الخيارات القاسية.
اين يذهبون؟
اقترح الوالد ان يعودوا الي مسقط راسهم حيث يلتئم شمل العائلة الكبيرة ..الاعمام والخالات.
وجد الاقتراح تجاوبا ووافق عليه الوالد ولكنه اشترط صحبة الابناء.
بدأت الأزمة من هنا.. لقد رفض الشباب واصروا ان يبقوا بالمنزل.
ثم بدأت الاحداث تتسلسل.
بعد المغادرة تملك الوالد والوالدة خوفا غريبا علي ابنيهما بعد ان اصرا علي البقاء بالمنزل ..
رويدا رويدا اصبح التواصل يقل ثم مالبث ان انقطع مع تطور الحرب اللعينة .
كل شى بالنسبة للشابين اصبح منعدما رغم وجودهما في الحي الخرطومي العريق..
ضاقت سبل العيش وهاهم الاوغاد يقتربون.
في ذاك الصباح الحزين كان الوالدان يحدثان العائلة عن الشابين عن طفولتهما وعن نبوغهما حتي التخرج..اخر الحدبث كان دمعة حري اندلقت من الام..رأها الاب ثم انتهرها بقوله تفاءلي.
في ذاك المساء الحزين لم يخيب ظنهما السفلة كانهما كانا في الانتظار..
لقدجاء الاوغاد ومعهما للاسف اشخاص يعرفونهما..
بدأت المقاومة غير المتكافئة اسلحة ونيران كثيفة تقابلها شجاعة وبسالة منقطعة.
ثم كانت اللحظات الفارقة..
لقد قتلهما الاوغاد بدم بارد .
والشهود معروفين زمالة وصحبة.
تدافع الجميع وكان الخبر الحزين دفنوهما وواروهما الثري والوالد الحزين بعيد.
( راضين بحكم الله و ارادة المولي .. لكن حزينين علي الغدر والخيانة)
بهذه الكلمات كان يستقبل الوالد المعزين وياله من صبر ويقين.