إلى معالي النائب العام

فكرة _ عبدالعظيم عوض

 

*نتفق تماما مع معالي السيد النائب العام لجمهورية السودان بأن الحرب وويلاتها وكل بلاويها ليست مبررا لوقف أعمال القضاء حُكما ، ولا النيابة تحقيقا ، بل إن استمرار أعمال المحاكم وخاصة في شقها الجنائي ، دليل على استمرار دولاب الدولة رغم أنف مشعلي الحرب الذين سعوا إلى إيقاف الحياة تحقيقا لأمانيهم و تمهيدا لانهيار تام للدولة ،ونشير في هذا الصدد إلى العديد من الأحكام التي صدرت مؤخرا بحق متهمين متمردين أو متعاونين مع التمرد في كل من كسلا وعطبرة والقضارف واخيرا في مروي ، وكل ذلك وغيره جهد مطلوب ويؤكد أن غبار الحرب لا ولن يكون حائلا دون أن تأخذ العدالة مجراها
*لكنا لا نتفق مع السيد النائب العام في أن يكون حاضرا كل يوم أمام عدسات الإعلام بشقيه المحلي والخارجي ليحكي عن سير إجراءات التحري والتحقيق التي تقوم بها النيابة العامة حاليا ، لاحظت ان سيادته ظل منذ عودته من جنيف في استضافات اعلامية راتبة بدأت في القاهرة واستمرت في بورتسودان وانتهت أمس في حواره المطوَل مع الجزيرة مباشر الذي مارس فيه مذيعها أحمد طه هوايته في التحقيق والجرجرة مع المسؤولين ، حيث كان معالي النائب العام لجمهورية السودان نفسه محل تحري وتحقيق حول الواجبات المهنية التي تطلع بها نيابته في العديد من القضايا الماثلة خاصة تلك التي تمت بحق قيادات في قحت/ تقدم ، بعد أن توصلت النيابة لبيانات مبدئية تُثبت تعاونها مع مليشيا الدعم السريع ، ولا ادري لماذا يضع النائب العام نفسه أمام التحقيق والتقصي ليجيب على أسئلة مذيع الجزيرة الذي ظل يقاطعه بين كل حين وآخر وكأنّه يستجوبه
كما لا ادري (كان لا زمتو أيه دا كله) .
*قطعا السيد النائب العام يعلم أن من الأفضل والطبيعي أن تتم إجراءات النيابة في التحري والتحقيق بعيدا عن اية مؤثرات خارجية خاصة الإعلام، وأن هذه الإجراءات كلما تمت بعيدا عن الأضواء ، كلما كان ذلك أيسر للوصول للادلة والبراهين التي تكتمل بموجبها القضية ومن ثم تُحال للمحكمة لإصدار الحكم ، وفي هذه المرحلة ، اي مرحلة المحاكمة ، يجوز الاشهار والإعلام عبر مراحلها المختلفة لحين صدور الحكم لأن الأصل في المحاكم العلنية في حدود نصوص قانون الإجراءات الجنائية ، كما أن الأصل في عمل النيابة أثناء التحري و التحقيق الكتمان والسرية
*لقد كان المؤتمر الصحفي الذي عقده النائب العام ببورتسودان بمجرد عودته من جنيف كافيا وتم في الوقت المناسب وغطى سيادته فيه كل مهام المرحلة ومتطلباتها من خلال أسئلة الحضور من الصحفيين وأجهزة الإعلام ، لكن أن يكون سيادته حاضرا علي الدوام أمام قنوات الإعلام فذلك أمر لا طائل من ورائه ، بل أن ضرره أكثر من نفعه .