
في رثاء شاعر الجيش
*من غيرنا
د.طه محمد أكد
(من غيرنا) …
صارت كأنك أول من نطق الحروف برسمها …
وتزاحمت ملء السماء ..
وأزدان وهج الحرف فيها في جلال …
(من غيرنا) ..
أصدائها ترتاد أقطار الفضاء ..
جهورة جزلي …
فكأنما ألف من الآساد تزأر في نزال …
(من غيرنا)…
يا شاعر الجيش المتوج بالمروءة
والكرامة الفضلي ..
و يا سمح الخصال ..
(من غيرنا) يطأ اللهيب ويستفز
النار يطفئ جمرها بخطي ثقال …
(من غيرنا) فاق الثريا غاية
وحولها الأفلاك تجري في جلال …
من غير هذا الأسمر الوثاب ..
جيش الحق والشرف المسطر بالنضال …
من غيره …
حفار صخر فى القفار بإبرة …
وحوله الأوجاع والآلام والفتن العضال ..
والناس بين مخذل ، ومداهن ، ومنافق ، ومجاهر بالفسق في ضعة من الأخلاق ترزح في وبال ..
وقليلهم كانوا رجال …
من غير هذا الجيش ..
من غيره ، لا يستكين ولا يلين ..
ويواصل الحفر الكؤود ..
جبينه الوضاء يقطر لؤلؤا …
فيشرق النصر المبين ..
وينجلي النور المسجي بالكمال …
وكأنني بالصخر بعد الصبر ..
ينبع ماؤه فيضا زلال …
فيرتوي السمر الكرام ..
وتنتشي أرض الجزيرة والجنينة …
سنار والنيل العظيم ، وفاشر السلطان ..
الأبيض والضعين ..
ودرة الإشراق ..
والخرطوم تشمخ في جمال …
يا شاعر الجيش …
لو تدري عن السودان بعد رحيلك المر ..
لرأيت كل مقاطع الأوجاع في دمع الرجال …
وكل مقاسم الأحزان في أطفالنا ، وشيوخنا ، وحرائر السودان ربات الحجال …
لكن مثلك يا عزيز القوم ..
لا يعز علي الذي ذرأ الخليقة ، ذي الجلال …
ومثلك يا كريم السمت لا يخشي عليه …
ولا نزكي علي الرحمن من أحد ..
ولكنا شهود الخالق الديان في أرض الزوال …
ونحسب أنك مع كرام القوم والشهداء
مع خير الرجال …
مع سيد الشهداء حمزة ..
والطفيل وجعفر الطيار …
عثمان مكاوي ، وأيوب المدرع بالعزيمة والإباء ..
وياسر الفضل المدجج بالثبات وقد تزاحمت النصال …
وكثير غيرهم …
كانوا خيارا من خيار …
وسطروا بالأحمر القاني ملاحم في القتال …
يا شاعر الجيش …
نم ملء عينك والجفون ..
فلقد ملأت صحائف الأيام بالآمال
بالفجر والصبح الموشح بالجمال ..
وجحافل النصر المبين تزاحمت
وتداخلت أعناقها …
وغدا بإذن الخالق المولي
نعود إلي رحابك أرضنا الغراء …
نيل الفضل والأنعام ، قاش الخير ، وبحرنا الأحمر …
صحراء عزتنا ، ودارفور الإباء ..
كردفان الخير ..
وجزيرة الكرم النبيل …
مروي وشندي والقرير ..
كوستي وسنار وسنجه …
كادوقلي الأصالة والجمال …
بابنوسة ذات الشوكة الكأداء ، والرهد المفدي …
ورحاب حسناء الرمال …
(من غيرنا)…
المملكة المتحدة ، لندن
24/02/25