آخر الأخبار

  قتل المدنيين في الفاشر والصمت الدولي

قبل المغيب

عبدالملك النعيم أحمد

 

 

*لا يختلف إثنان بأن صمت المجتمع الدولي المقصود والتراخي الواضح تجاه إغتيال المدنيين بسلاح التمرد والتصفية الجسدية التي يتعرض لها مواطنو الفاشر وخاصة الذين كانوا يشرفون على تكايا الفاشر لتقديم الطعام لأهلهم وحتى النساء..لا شك ان مثل هذا الصمت والذي ليس بجديد وانما ظل هكذا لأكثر من عامين والمدنيين محاصرون داخل الفاشر.

*هذا الصمت الذي نعيشه الآن بعد إحداث اليومين الماضيين بعد دخول المتمردين الفاشر وممارسة القتل والتنكيل في كل  مدني تؤكد حقيقة واحدة وهي أن امريكا وحلفاء التمرد قد قرروا وليس اقترحوا أو رأوا أن تمارسوا أقوى وسائل الضغط على حكومة السودان للاستجابة للشروط الدولية التي رفضها الشعب السوداني خاصة أن تغيير مجريات الأحداث في الفاشر خلال اليومين السابقين وبعد أكثر من 266 إعتداء على الفاشر وجميعها فشلت إلا هذه  المرة  قد حدثت عقب الإجتماعات التي تمت بين وفد الحكومة وامريكا والرباعية مؤخرا في واشنطن ولم يصدر فيها بيان أو تخرج منها تصريحات مما يعني ان هناك مرحلة جديدة قد بدأت دون معرفة تفاصيلها.

*نقول ذلك ونتابع تصريحات مسعد بولس مبعوث الرئيس الأمريكي بالأمس لقناة الجزيرة مباشر والذي يري فيها ان دخول المتمردين الفاشر يعتبر فرصة لإنقاذ المدنيين من الجوع بإيصال الإغاثة وكأنما كانت الحكومة هي التي تمنع دخول الإغاثة…يقول ذلك وهو يرى ويتابع القتل الممنهج بالسلاح والتصفية التي تتم في الميادين العامة للمدنيين غير عمليات النزوح الجماعي لأهل الفاشر من نيران التمرد.

*خطاب الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان المقتضب بالأمس عقب دخول التمرد الفاشر في تقديري هو الآخر قد أفرز تساؤلات بأكثر من كونه أجاب على تساؤلات كثيرة حول حقيقة ما حدث فعلا في الفاشر أو بارا…فحديثه عن موافقتهم كقيادة عليا للجيش على خروج الجيش من المدينة لمناطق آمنة خارجها في إطار التكتيك العسكري ومعاودة الدخول مرة أخرى يظل حديثا مقبولا وبتقديرات عسكرية مدروسة ولكن في ظل إدارة الدولة والعمل السياسي والتنفيذي فإن حديثه قد ترك جملة من التساؤلات التي تبحث عن إجابات.

*كل الشعب السوداني الآن ملتف حول الجيش وقواه الداعمة ويقدر بشكل كبير التضحيات الجسام التي قدمها وظل يقدمها منذ اندلاع الحرب ولكن من الواضح أيضا أن كفتي العمل العسكري المتميز من جانب وكفة إدارة الدولة سياسيا ودبلوماسيا من الجانب الآخر بها الكثير من الثغرات وعدم التوازن الأمر الذي يستوجب مراجعتها وإعادة النظر فيها على ضوء مجريات الأحداث في البلاد عامة وماحدث بالأمس في الفاشر علي وجه الخصوص.

*لابد إذن من استغلال الدعم غير المحدود للشعب السوداني بكل فئاته للقوات المسلحة والاجهزة العسكرية الأخرى  وذلك بتقوية الجوانب الأخرى في إدارة الدولة التي استنزفتها هذه الحرب عبر تقوية تحالفاتها الإقليمية والدولية وبناء شراكات عسكرية حقيقية عملا بتبادل المصالح مع دول ذات نفوذ وشوكة وحضور وتأثير دولي كروسيا والصين وتركيا وغيرها من الدول التي لها مصالح في السودان ويهمها أمنه واستقراره والمعلوم أن العلاقات الدولية تبنى على المصالح لا على العواطف والسودان يملك من الموارد والإمكانيات ما يجعل كل هذه الدول تتدافع للتعامل معه…نحتاج إلى المزيد من الشفافية والتفكير بأكثر من زاوية لمواكبة ودعم ما يتم من انتصارات عسكرية للجيش وذلك باتباع نهج وعمل سياسي ودبلوماسي وقانوني وإعلامي  أكثر نضجا  وفاعلية.