ادينا ياولد ايدينا للبلد
عــــــــود مــــــرا _ سعادة عبدالرحمن ابراهيم
عندما اطلقنا مبادرة ( *تعمير*) قصـدنا انه وبعون الله ودعمنا الذاتي وراس مالنا (ضراعنا )* اخدر، وحادينـا هو ضميرنا الذي ايقظته الفجعات والمواقف خيرها وشرها، فلا لجان ولاتنطيمات ولا ريس مركب ناس (ابو شنب وابو ضنب) ، والمنتفعون.
ستكون هناك لجنة رئيسية واحدة لإدارة ومتابعة العمل، تنبثق منها لجان صغيرة خدمات متابعة عامة، صحة، تعليم، عمال بناء وكهرباء نجارين كل الفئات العمرية والمهنية ، رجالا ونساء كل حسب تخصصه ومهارته وطاقته وحماسه.
نتوزع ورديَّات عمل، نتواصل عبر وسائل الميديا المختلفة لطلب المساعدة ومتابعة ما تم إنجازه هنا وهناك .
فنقدِّر كم يحتاج من عمالة وكم صحن( بوش) ونشوف الأقرب فالأقرب حسب المنطقة، نسبة لصعوبة و مشقة الحركة في هذه الفترة
، والحمد لله لم نجد صعوبة في ذلك لأن كل منطقة بها من يغطي حاجاتها، عدا حوجتنا السواعد ومزيد من القلوب المؤمنة بالتعمير عامرة بحب بلادها .
أهم شيء يجـب مشاركة كل فئات الشباب في البناء والتعمير ، بنين و بنات فلا أحد منهم يريد ان يرفع يده عن هذا الحدث الهام ، فيتجاوزه التاريخ حينما يأتي زمانٌ يجلس فيه من يحكي لابنائه عن دوره في ذاك الزمان.
نقعد في (الضل) و(ندق الطوب)* او نرتب ونرمم او نلملم _ما استطعنا_ ومن الجراح .
عاوزين(سوط عنج)* والذي كان يقوم مقام المؤدِب (الأب)، عند غيابه عن المنزل؛ فمجرد ان نراه معلقا علي الحائط ممشوقا بزيت (القطران) فلا صوت يعلو ولا ادب يغيب عن البيت، ويوم ينزل من عليائه (يوم اسود).وماربحت تجارته. وعاوزين ( دلُّـوكة)* سأخبركم بامرهم لاحقا.
عاوزين صوت البلد كلها يغني (ايدينا ياولد ابدينا للبلد) و(بلدنا نعلي شانا سودانا نادانا) (اخويا عاد وبشكرو والموت صحيح للبقدرو) . و منعنا غناء (القونات)* ، يبدد حماسنا للعمل ويصيبنا بالخمول . فاستنهضنا الهمم بمزيد من الجلالات وغناء الحماسة
ولاحظت تذمر (حمدو) و(كجم) وناس (لولة) و(سارة بت مريم) من ذلك، لولا اني نجحت في اخماد هذه الثورة المحتملة؛ .وذلك عندما اتغاضى عما ياتيني به (يور) من لمة البنات الضهرية في (الجبنة) بيت خالتي (فتحية) او عند بنات عبدالرحمن الحاج واسمع صوت ( ايمان الشريف) تارة و(ندى القلعه) تارةً أخـرى؛ فوالله تسرى في بدني هزة واقول اخد لي معاهن عَـرْضة ( فلولا الحياء لهاجني استعبارُ)
والشباب ايضا لم يقصروا مرة تسمع (َ الحُوت) ومرة ( براؤون يارسول الله) وجلالات الجيش فاتركهم لهذه الفقرة التي تزكي حماسهم وان طالت .
ولأن الحسم واجب ولأن الروتين يثبط همة وحماس الشباب ، فتراني اغازلهم احيانا بفطور (قراصة)* و ( دمعة)* او (تقليه)* تخدعهم انوفهم بما لن ترى بطونهم الجائعة؛ والتي تمنيهم بقطعة لحم هنا او هناك لكن هيهات، فالمهم هو الجودة، ولتلك سرها افصح عنه في مقام اخر .
اتفقنا انه مرة في الأسبوع يكون امر ادارة ( الميز ) على واحد من البيوت، ونقوم بالتموين لاتمام المهمة؛ طبعا الشباب قبل ان يبدأوا يومهم بالعمل في الصباح، فاول ما يسألون عنه ( الميز )!، وعلى من يكون (الديوتي)
اليوم؟ ، عندما يكون( الميز ) اليوم علي بنات (حنينة) أو بيت (عبدالرحمن الحاج) تنفرج الأسارير ويعلو الحماس فطور (كارِب) عالي الجودة. وهذا مايقحمني أحيانآ في مشاحنات بين الفريقين. لأني وفي حال ذكرت ان المطبخ اليوم مسؤولية (زينب) بت فتحية او (لولة) يبدأون في التذمر وابداء الملاحظات حول الاكل قليله وكثيره، و عن (خنصرة) المصاريف؛ كما ذكر (يور) وهو المسؤول عن إحضار المراسيل والتموين ومتابعة العمل .
وذلك يكلفني خطبة مطولة عن ان المرحلة لاتحتاج ان نتوقف في مثل هذه الصغائر، و(ليس بالخبز وحده يحيا الانسان) . و(من لايملك قوته) و هكذا مما حفظت من مقولات اؤمن بها ام لا .
فاصرفهم بالخوض في خطط اليوم، والتي دائما ماتبدأ بجولة حول المنطقة ومراجعة المطلوب انجازه ويسهل الامر أن ( الهادي الطويل ) يكون قد اعد لهم بلاغات البيوت والشوارع التي تحتاج الي (سواعد)، فينصرفون لاتمام الأمر؛ ولابأس من :
(يا دروب لي وين تودي)
………………………..
ايوة لازم بكرة يرجع
يرجع يصدح بالأماني
والقلوب الصمَّـة تسمع
صوت مواويلو وحكايتو
من بدايتو ولي نهايتو
تبقى ساحات خير ومرتع)
وعندما ببدأ صوتهم يتسرسب الي روحي رويدا رويدا يسري كالماء في أرض جدباء،؛ فيحييها بعد موات؛ ثم يعلو جماعة يقشعر بدني فانسحب في عَـبرة وابكي احيانا فهل في العمر بقية ونصيب من هذه امانيهم؟…
( *عرضة برة الدارة*) :
فكروا وادعموا الافكار الايجابية عمموها ( تعمير ) ربنا ادانا فرصة نرجع لاصلنا ونوصل رحمنا ونفتح البيوت ونهش للضيوف ونتباشر ونتقاسم اللقـمة ووصلنا بناس لا لحمة ( يُمــه) لا لحمة( يـابـا )، تعاتبنا علي القطيعة والماعزونا وما عزيناهم وتصافينا وكمان نتصاهر ونخطب البنات وتااااني بص السيرة يقوم من الخرطوم لي (………) 🚗🚙🚘.
فرصة وقد اختبرنا في انفسنا اننا قادرون وصامدون وعرفنا العدو من الصليح وعرفنا السند وكت الشدة وعرفنا الخايب والخاين والكان ياكل من ملاحك وباعك و عرضك وبيتك عشان (دنيا زايلي). والله طالما انا حية اي زول يعزمني خريف، اجيهو واي زول يعزمني ( رهيفة) بي ( ام رقيقة ) اسافر ليهو ، والبيعزمني (خدرة مفروكة) والبيعزمني (نعيمية) بي عصيدة دخن اجيهو 👣 حافية _ ان الله طلق _ والبيعزمني شاي لبن (مقنَّن) اجيهو تب ، (اللقيمات) ادوني فيها عين خليتا، و(البيدرفن)* لي ( ام فِت فِت) * وين لقيتو لامن آباهو
فننظر للجانب الايجابي ونؤمن ان امر الله بالعبد كللو خير حتي البلاء…
كلكم طالبني عزاءات واي صبي اخضر عرسو يستاهل الشكرة (البنينة) وواخمج ليهو الدلوكة وكلكم طالبني عفو الله والرسول؛ البيعرفوني والمابيعرفوني…
_____________
١/ضراعنا : ذراع وساعد كناية عن القوة والعضد
٢/دق الطوب : عجن الترابويصاف اليه قس التبن ويصب على قوالب مربعة فيجف ويسمى طوب ( اخدر ) أخضر.
٣/دلٌْـوُكــة : تشديد اللام وضم الواو، الة شعبية موسيقية يودانية تصنع من الفخار يشد عليه جلد ماعز او بقر.
٤/سوط عنج : هو كرباج يصنع من خامات محلية جلد فرس البحر و القطران وايتبدل مؤخرا بجلد الابقار
٥/قونات : جمع (قونة) وهو كلمة تطلق علي فنانات الغناء الهابط
٦/ قُـرَّاصة : بضم القاف وتشديد الراء، تخبز من القمح مثل الفطائر يصب عليها طببخ او سمن وعسل.
٧/ دمعة : اكلة سودانية يخنة تصنع من اللحم والبصل والتوابل وعصير الطماطم
٨/ تقلية : تصنع من تحمير البصل وتحميصه جيدا يضاف اليه لحم مفروم صلصة الطماطم وثم تضاف إليها البامية الجافة مسحونة ناعما( الويكة ) .