فن الحياة هواية سودانية خالصة
وحي الفكرة _ محجوب الخليفة
*قبيل أن يخلتط علينا اﻷمر هناك فرق بين فن الحياة والحفاظ على الحياة، فالحفاظ على الحياة فعل مشترك بين الكائنات الحية بما فيها الحيوان والنبات واﻹنسان ويكون بالمداومة على اﻷكل والشرب ومقاومة اﻷمراض ودرء المهددات جميعا إذن الحفاظ على الحياة ممارسة مادية غالبا ما تتعلق بمطلوبات الجسد ، ولكن فن الحياة شيء مختلف تماما ، تري ماهو؟.
*فن الحياة موهبة إلهية تتعلق باﻷرواح وبه يستطيع اﻹنسان أن يبتكر سبلا للسعادة وقدرة مذهلة لتجاوز الصعاب واﻹستمتاع ببيئته المحيطة مهما تطاولت صعابها ومشقاتها، وكأنما هناك ثمة رابط روحاني بين اﻹيمان والثقة بالله وحسن اﻷمل والتفاؤل المقيم وفن الحياة.
*السودانيون شعب موهوب جدا بفن الحياة ولعله هو نفسه اﻹحساس الذي تشعر به وأنت تمشي في الشوارع والطرقات ذاك اﻹحساس بأن كل من يسير فى الشارع من حولك هم اهلك واقربائك تمتد أيديهم بسرعة اذا تعثرت فى الطريق او تعطلت سيارتك او تعرضت لأى حادث لاسمح الله.
*فن الحياة ربما يتجلي بوضوح أكثر وسط المغتربين ومن إضطرتهم الظروف للسفر خارج السودان أو الهجرة للعمل بعيدا عن وطنهم فى الخليج العربى وفي اروبا وامريكا وكندا واستراليا ، فن الحياة الذى يجيده السودانيون هوالذي يمنعهم من خيانة اﻷمانة ويقوي ثقة مخدميهم واصحاب العمل فيهم وهونفسه فن الحياة الذي ادهش أحد اﻷطباء السعوديين والذى حكي بدهشة كيف انه إستقبل فى إحدي المستشفيات السعودية سودانيا اصيب بحادث اثناء عمله وبعد الكشف وتنويمه بالمستشفي واجهت الطبيب السعودي مشكلة توفير ثمن روشتة الدواء الخاص بذاك السودانى والذي لم يكن برفقته أي شخص من معارفه، انتظر الطبيب السعودي المريض السوداني حتى افاق ثم سأله عن كيفية دفع ثمن روشتة الدواء ؟ فأجابه السوداني بكل ثقة وطلب منه أن ينزل إلى الشارع ويوقف أى سوداني يمر بالشارع ويخبره أن سودانيا مصابا داخل المستشفي وطلب مني أن اعطي هذه الروشتة ﻷي سوداني يمر بهذا الشارع، فكانت المفاجاة للسعودي سرعة استجابة السوداني بدفع ثمن الروشتة بل والصعود إلى السوداني المصاب والجلوس معه وتطييب خاطره ثم دس مبلغا من المال تحت وسادته ثم منحه رقم هاتفه ووعده بمعاودته وأنصرف بهدوؤ ،وصلت دهشة الطبيب السعودي مرحلة الذهول عندما سال مريضه السوداني عن علاقته بالرجل فأجابه بأنه لايعرفه من قبل وتعرف عليه اﻵن بل كل واحد منهما من ولاية تبعد كثيرا من الولاية اﻷخرى.
*فن الحياة أن لايقتصر حبك لوطنك واهلك ومعارفك فقط وإنما أن تكون انساني المزاج عالمى الحب والهوى وقومي العشق واﻹرتباط ولذا تجد السودانيين يعشقون وطنهم ويحبون البلدان التي يسافرون اليها ويحفظون عن ظهر قلب علماء العالم فى الطب، والهندسة، والدين، واﻹعلام ومشاهيره فى الفن والغناء ،والمسرح،والسينما ،والتشكيل، والرياضة.
ولعل فيديو تداولته الوسائط لفتاة سودانية مع والدها إجتاحت السيول واﻷمطار قريتهم وانهار جزء من بيتهم ولكنهم رغم ذلك جلست الفتاة ووالدها على تلة وسط سيل الماء وأرجلهما علي السيل المندفع ، وبدلا من أن تبكي شرعت تغنى بصوتها العذب (أغنية اعطف علي ياريم) إحدي روائع حقيبة الفن للشاعر صلاح عبدالسيد أبوصلاح ليشاركها وابوها الغناء بسعادة انقذت ارواحهم من اﻹنهيار وإن إنهار جزء من منزلهم.
*رغم إجادة السودانيين لفن الحياة ، الا أنهم بحاجة لتأهيلهم من جديد ﻹتقان الحفاظ على الحياة نفسها ونقصد بذلك إتقان العمل واﻹنتاج واﻹبتكار وتطوير توظيف الثروات وقبل ذلك الحفاظ على وطنهم بتطوير طرق إدارة الحكم بجرأة الخروج من دوائر الحكومات الفاشلة واﻷحزاب السياسية المتخلفة.