قصة وقراءة وفق المعطى التحليلي الانطباعي

د.هند كامل / العراق

لاشكّ إن ّ كل استفزاز أدبي قائم على نوع من الحكمة والصفاء ، يقودنا بالضرورة إلى الإبداع وإلى الاختلاف ،وهو ما تروم إليه السرديات القصيرة جداً من حيث اختزال اللغة والفكر والوجود لأجل بناء الوجود الإنساني ، ما افصح به نصّ ( طهارة الطين) :

“أجلس على مرتفع وسط قريتي ، جيراني من حولي ..
أكسر الكرسي وأجلس على بساط على الأرض مثلهم ، تبتلُ ملابسي مثل ملابسهم ، آكل الخبز وأنامُ سعيداً ، وأستيقظ من نومي مبتسماً ، الإضاءة تبحثُ عني وأهربُ عنها ..! ”

ولعلّ ما يلفت الإنظار إلى النصّ ؛كونه- البطران – استطاع أن يبلور تصوراً فطرياً حول رؤيا اجتماعية حالكة في ضبابيتها . إذ يسترجع بنا النصّ عالم المثال الإنساني الأول ، كما وقف النصّ خلف ابتداع نمطاً من الحنين إلى موطن الأم وهي الأرض/ التراب، فللطين رمزية البدايات والنهايات المجبولة على الخير من خاتمة الأمور .
لذا ،إنّ النص يثري في مطالعته الأولى قبحية ثقافية ألا وهي ( إيقونة الشهرة) أو دنيا الإعلام
. فقد سعى النصّ إلى تفكيك عُرّى حياة الاضاءة الزائفة واستبدلها بمظهر من أمثولة العيش السليم الذي أشار إليه برمزيات اجتماعية أصيلة من نحو(البساط، والأرض والخبز) فضلاً عن المعنوية الروحية التي انشدّ إليها النصّ مفصّلاً لجزئيات غايتها.
فالتخمين الفلسفي الذي يسترجعه النصّ يعود إلى الضالة الفطرية الأولى التي كان ومازال الإنسان يسعى الى إيجادها والاحتفاظ بها .