الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية في حديث خاص لـ(أصداء) المصانع نهبت ودمرت وأصبحت قطعة أرض خاوية على عروشها
ماكينات المصانع بعد اتلافها تم بيعها حديد (خردة) والنحاس تم تصديره إلى الخارج
الحرب كشفت الخطأ الذي ارتكب في تمركز الصناعات في العاصمة
مستعدون لتقديم خطة مدتها(4) سنوات لإخراج البلاد من نفق الأزمة
عدنا إلى القرن السابع عشر بسبب الدمار الذي أصاب القطاع الصناعي
حوار – ناهد اوشي :
كشف الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية عباس علي السيد عن تدمير القطاع الصناعي بنسبه تفوق ال 90% خلال الحرب، وقال إن الدمار لحق بالمناطق الصناعية، بنهب المنتجات الغذائية، وصهر نحاس الآليات وتصديره إلى الخارج تحت نظر الجهات المختصة، وتطرق عباس إلى مراحل القطاع الصناعي بالسودان وازدهاره في الحقب السابقة إلى أن شهد التدهورالذي وصفه المريع، والتزم بوضع خطة مستعجلة لانقاذه وكشف المثير في الحوار التالي..
*حدثنا عن الصناعة في السودان ومراحل تطورها؟
-السودان خلال الحقب السابقة كان ينتج ارقي انواع الملبوسات والملابس القطنية والتي تصدر إلى الأسواق الخارجية خاصة بريطانيا، حيث يتميز السودان باجود انواع القطن والذي تتم زراعته في مشروع الجزيرة، بجانب تميزه في الصناعات الغذائية خاصة صناعة الزيوت الصحية وكان للشركات مرابط في الميناء مخصصة لضخ زيوت الطعام التي تصنعها الشركات مثل شركة الشيخ مصطفي الأمين، مجموعة هاشم هجو، وعمرعقمان وآخرين، مع انتشار المعاصر في غرب ووسط وشرق السودان، وفي الستينات شهدت البلاد نهضة لمشروعات صناعية حديثة، وبدأ التهور في القطاع الصناعي في السبعينات بسبب ايدلوجيات سياسية للحكومات ففي السابق كانت الحكومات وطنية ولاترتبط باي ايدلوجية سياسية، في السبعينات ظهرت الايدلوحيات الخارجيه الشيوعينن، البعثيين، الإسلاميين ) وخلق هذا الصراع الايدلوجي اهتمامات سلطوية لم تكن موجوده سابقا، أحدث ضعفا في القطاعات خاصة الصناعية، وفي الوقت نفسه بدأ العالم في التطور من المناطق الصناعية إلى المدن الصناعية المتخصصة، وتطور العلم الصناعي لتحقيق أكبر عائد بأقل تكلفه مادية وبشرية.
*في السودان شهدت المناطق الصناعية انتشارا خاصة في المدن الثلاث (الخرطوم بحري، أمدرمان) كيف ترى جدواها؟
-بكل أسف المناطق الصناعية كان الهدف من إنشاءها المتاجرة في الأراضي وخداع المستثمرين، حيث أن الغرض من تمليك المناطق الصناعية كان ايرادي فقط دون مراعاة لادني مقومات المناطق، حيث أنشأت تلك المناطق الصناعية في مناطق لاتتوفر بها ابسط المقومات مثل الطاقة والمياه والطرق والصرف الصحي والمياه، حيث يلجأ بعض أصحاب المصانع إلى شراء المياه يوميا عبر (الكارو) ولاتصلح للشرب، فالمناطق الصناعية في جنوب الخرطوم (مايو) وبحري (العزبة) غرب امدرمان أنشأت فقط لغرض استثماري وهي من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة.
*الحرب أثرت على كافة القطاعات بالنسبة للقطاع الصناعي ماذا احدثت فيه الحرب من دمار؟
– الحرب ألقت بظلالها السالبة على القطاع الصناعي من الطلقة الأولى وبدأ التأثير السالب بسرقة السلع المنتجة، وبكل اسف من قام بسرقة تلك المنتجات هم بعض من عمال المصانع نفسها والخفراء الموكل لهم حراسة المصنع، بجانب بعض الزبائن من التجار الذين يدركون قيمة تلك البائع، وعقب نهب المنتجات الغذائية انتقلت السرقة إلى المواد الخام الأولية، ومن قام بالسرقة هم بعض الصناعيين والعمال، ثم انتقلت السرقة إلى المعدات (موتورات، طلبات، قطع الغيار )، ومن ثم الانتقال إلى تخريب واتلاف جسم الماكينات وبيعها حديد خرده، وصهر النحاس والمحولات وتصديرها خرده إلى الخارج تحت سمع وبصر الجهات الرسمية، حتى زيت التبريد للمحولات تم نهبه فأصبحت المحولات غير صالحه للعمل، كما تم تفكيك الابواب والشبابيك والسيراميك والتوصيلات الكهربائية، فالمصانع نهبت ودمرت حتى عادت إلى قطعة أرض خاوية على عروشها، وسرقة ونهب عربات النقل والترحيل وكل معدات المساعدة علي الإنتاج.
هل هذا يعني أن المناطق الصناعية الان لا تصلح للعودة إلى العملية الإنتاجية؟
-المناطق الصناعية في الخرطوم و بحري وامدرمان تم تدميرها بنسبة 90% بجانب الدمار الذي لحق بمصانع ولاية الجزيرة (الحاج عبد الله، الباقير جياد) فالسودان في مجال القطاع الصناعي عاد إلى القرن السابع عشر بكل اسف.
* كيف ترى إمكانية إعادة إعمار هذا القطاع بعد هذا الخراب؟
-الحرب كشفت الكثير من الأشياء، وتأكد لنا أن لا صديق يعول عليه الآن، ويجب الاعتماد على قدراتنا، وللسودان قدرات وإمكانيات حباه الله بها يمكن أن نعالج مشاكلنا ونعود أقوى برغم الدمار الذي حدث، فقط نحتاج منصة من خبراء استشاريين وطنيين من كل التخصصات، نبدأ بالمكون البشري ونحتاج إلى القناعة بأن الوطن للجميع، ولا يسع المجرمين والعملاء والخونة الجواسيس، وان نتجاوز القبلية التي هي أحد أسباب التخلف، فالمجرم مجرم بغض النظر عن قبيلته، لا ندافع عنه ولذلك لابد من برنامج لتأكيد الهوية السودانية بدلا عن القبلية، كما ويجب الاهتمام بالتعليم لان تأخر التعليم أمر خطير.
*ومن أين المبتدأ ؟
– نبدأ أولا بالانتاج الزراعي والحيواني ونوسس لزراعة وانتاج حيواني حديث حتى نستطيع اضافة قيمة مضافة للمنتجات، ولابد من الدخول في عزلة، فالشاهد أن أي دولة تعرضت للدمار، بدأت بعزلة وإغلاق تام مع الاعتماد على الامكانيات المتوفرة، والسودان كما ذكرت حباه الله بامكانيات ضخمة، علينا أن نبدأ بتوفيرالاحتياجات الاساسية من الغذاء والدواء، وهو ما يمكن توفيره ذاتيا، فقط نحتاج إلى قيادة وطنية قويه ذات كاريزما، ولها رغبة قوية في إنقاذ السودان والشعب السوداني من الخطر، كما ولابد من إعادة النظر في الخطط الاستثمارية لانها تقليدية وغير مواكبة .
*ما هي المخاطر في تمركز الصناعات في العاصمة ؟
-الحرب كشفت النقاب بما لايدع مجالا للشك عن الخطأ الذي ارتكب في تمركز الصناعات في العاصمة الخرطوم، وعقب اندلاع الحرب بدأ الكثير من أصحاب المصانع في البحث عن ملاذات آمنة في الولايات غير أن الخطوة عادت بنا إلى الأخطاء السابقة في بيع الأراضي بالولايات لاقامة مصانع دونما مراعاة للمواصفات والخدمات، وعلى الولايات والمحليات تقديم الأراضي مكتملة الخدمات،
ويجب أن تقوم الصناعات وفقا لخطط استراتيجية، مثلا صناعات تحتاج إلى مواد خام خارجيك يجب أن تكون المصانع بالقرب من المواني والمعابر (الشمالية
البحر الأحمر ).
*وما هي التحديات التي تواجه الصناعة بعد الحرب ؟
-خروج المواد الخام و السماح بالتصنيع خارج السودان، وإعادة ادخال المنتجات للسودان بدون جمارك، خطوه محاربة الصناعة المحلية وخلق منافسة غير عادلة للمنتج المحلي شجعت الاتجاه للتصنيع خارج السودان وهو باب لخروج رأس المال الوطني، كما وتدخل الان بضائع عبر التهريب الذي أصبح شبه مقنن وبأسعار مضاعفة تؤثر على ارتفاع سعر الصرف مما يزيد من معاناة المواطن ويقود إلى خروج العملات الصعبة خارج البلاد، الآن البلاد في حالة فوضى عارمة، لذا لابد من مجلس استشاري لمعالجة القضايا الاقتصادية ومساعدة الدولة في إدارة الشأن الاقتصادي وإدارة الدولة، فالان المخابرات الاجنبية والعملاء بالداخل يجدون الفرصة لتحقيق أهدافهم في السودان .
*ما المطلوب الآن ؟
-نطالب الدولة ب (شرعنة) اتحاد الغرف الصناعية، ونحن مستعدون لتقديم خطة انية مدتها(4) سنوات لإخراج البلاد من نفق الأزمة، وفي السابق وضعنا خطة استراتيجية ل (3) سنوات ولم يعمل بها بكل اسف، والان مستعدون لوضع خطة وطنية عاجلة فقط نحتاج إلى عزيمة لنبدأ من الحد الأدنى من المتوفر لدينا في الصناعات الصغيرة ونحتاج إلى عون فني من (اليونيدو اليونسكو) والصناديق الدولية لحصر خسائر القطاع الصناعي والزراعي وقطاع الخدمات وجمع المعلومات.