
بلادي … حدث وحديث
بعد .. و .. مسافة- مصطفى أبو العزائم
*سعدت أيما سعادة رغم الظروف الإستثنائية والخاصة التي تمر بها بلادنا ، عندما تم إختيار الصحفي المبدع المطبوع ، الأستاذ وجدي الكردي ، مديراً عاماََ لإذاعة “بلادي” الفتية ، لأنني أعرف قدرات وإمكانيات الأستاذ وجدي الكردي ، وقد إلتفت إلى قدراته قبل أن أتعرف عليه شخصيا ، وسعيت ذات يوم لإستقطابه ليكون ضمن كوادر صحيفة (آخر لحظة) عندما كنا نعد لإصدارها في العام 2007 م ، شراكة بين الأساتذة الباشمهندس الحاج عطا المنان كرجل أعمال ذكي ، والأستاذ الراحل حسن ساتي الصحفي السوداني الكبير ، رحمه الله ، والأستاذ الهندي عزالدين الصحفي والكاتب الموهوب ، والأستاذ علي فقير عبادي وشخصي الضعيف ، لكن وجدي إعتذر وقتها ووجدت له العذر لأن التجربة كانت جديدة في طور التنفيذ .
*وسعدت بعد قرار تعيين الأخ الكريم الأستاذ وجدي الكردي ، بقرار تعيين الأخت الكريمة الأستاذة هيام الطاهر ، وهي إذاعية موهوبة تعرفت عليها وهي في بدايات عملها الإذاعي ، إذ قدمت لي برنامجا إذاعيا كنت أعده للإذاعة السودانية في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي ، بإسم (نادي الصحافة) من إخراج المخرج الإذاعي المتميز الأستاذ عمر عثمان الجاك ، ثم إنتقل نشاطها إلى التلفزيون مع المخرج صاحب الرؤية الفنية الأخ الأستاذ صالح مطر ، وعملت معنا في عدد من البرامج من بينها برامج مع الاستاذة يسرية محمد الحسن ، لينقطع تعاونها بعد ذلك مع التلفزيون وتعود إلى (هنا أم درمان) ومنها إلى هيئة إذاعة وتلفزيون الخرطوم ، ثم إلى قناة النيل الأزرق ، فراديو الرابعة وعودة لتلفزيون السودان ، قبل أن تكسبها قناة الشروق .
إذا المدير الجديد لإذاعة بلادي ونائبته ، من الخبرات الإذاعية بل الإعلامية الشاملة ، وهذا لعمري مكسب كبير لإذاعة كبيرة ، لي معها تجربة كبيرة.
*وعندما كانت الإذاعة جديدة وليدة في العام 2017 م ، كانت قد بدأت بثها الرسمي بعد فترة بث تجريبي استمر لأسابيع طويلة ، وبعد دراسة إستغرقت زمناً طويلاً ، وتغير خلالها الأسم المقترح (إذاعة وطني) أو الإذاعة الوطنية ، إلى (بلادي) وهو إسم عميق ذو دلالات عظيمة ، وقد ذكرني أول ما سمعت به ، نشيد مدرسي في المرحلة الأولية ضمن كتاب الأناشيد المدرسية ، ما زلت أحفظه حتى هذا اليوم ، وأحسب أنه للشاعر المصري (محمود صادق) ، وكان نشيداً وطنياً ذات يوم لمصر الشقيقة يقول مطلعه :
بلادي بلادي فداك دمي
وهبت حياتي فدًى فأسلمي
غرامك أول ما في الفؤاد
وذكراك آخر ما في فمي
سأهتف باسمك ما قد حييت
تعيش بلادي ويحيا الوطن .
*الإذاعة الجديدة الوليدة آنذاك وقف على رأسها مديراً عاماً المهندس عبد الرحمن إبراهيم عبد الله، وهو شاب صاحب أفق ورؤية ، تعرَّفت عليه منذ عدة سنوات ، عندما جاء مديراً للمركز السوداني للخدمات الصحفية ، المعروف اختصاراً ب(أس أم سي) ، وكانت له لمساته وبصماته الواضحة في أداء وعمل المركز ، ثم إنتقل للعمل بسفارة السودان في القاهرة ، فكان نعم الرجل كفاءة وعملاً ، ليعود إلى السودان ويبدأ هذا المشروع الكبير .
عاون مدير إذاعة (بلادي) في عمله آنذاك طاقم إداري وفني كفء ، ويكفي أن يكون من بين أعضاء ذلك الطاقم صديقنا الفنان والمخرج المبدع الأستاذ (شكر الله خلف الله) ، مستشاراً فنياً وبرامجياً ، جعل للإذاعة الوليدة ساقين تسابق في مضمار (الإف أم) الذي لا يقبل الوهن .. ولا يقبل الضعف .
*(إذاعة بلادي) على الموجة (96.6) إف أم ، تشرَّفت بأن طلب القائمون بأمرها أن أعد وأقدم برنامجاً توثيقياً عن الشخصيات السودانية من خلال الإستضافة والحديث عن النشأة والتاريخ ، وكان أول ضيوفنا الشيخ الجليل والأستاذ الكبير أحمد عبد الرحمن محمد ، الذي أحدث اللقاء معه ضجة كبيرة منذ أن بدأ بث الحلقة الأولى ، وفيه إعترافات توقفنا عند بعضها ، وتجاوزنا بعضها الآخر ، لكنها تتصل جميعها بالحياة في فترة الثلاثينيات وما تلاها من فترات ، وتتصل بتاريخ الحركة الوطنية ونشأة الحركة الإسلامية السودانية ، وعلاقة الأستاذ أحمد عبد الرحمن بكل ذلك ودخوله إلى دهاليز السلطة .
*إذاعة (بلادي) تنتشر في مستوى سماع عريض يمتد إلى (18) مدينة ، ولها مراسلون في كل تلك المدن ، وتتميز عن غيرها من الإذاعات بأن كل السودانيين يجدون أنفسهم في موجتها العريضة ، وحتى إن فواصلها الغنائية تجدها متنوعة وتختلف ، إذ تبث من كل منطقة لحناً أو أغنية ، وبرامجها خبرية مباشرة أو تتوسع قليلاً من ناحية الخبر نحو التحليل ، وكذلك بقية البرامج الثقافية والدينية والفنية والسياسية .
*سألني المهندس عبد الرحمن إبراهيم عبد الله، مثلما سألني الأستاذ شكر الله خلف الله، عما أرى أنه ينقص هذه الإذاعة الوليدة في ذلك الوقت ، فأجبت على كليهما بأن الذي ينقصها هو الترويج ، وهي تحتاج إلى لافتات طريق تركز على رسالتها وبعض برامجها ونجومها ، أو ما يسمى بال(PUT DPPR) وهو مهم في مثل حالة هذه الإذاعة الوليدة الجديدة ، لأنه يرسِّخ موجتها في أذهان الكثيرين.. وإعلان الطريق حتى وإن كان أعلى تكلفة من قيمة بعض الإعلانات الأخرى ، لكنه سريع الرسوخ في الأذهان ، خاصة إذا إنتشرت اللافتات على مستوى الشوارع الرئيسية ومداخل الكباري ، وبقية مدن السودان ، وبعد أن يتابع المستمع تلك الموجة ، يصعب عليه الفكاك من متابعتها.. ليتهم جربوا هذه الوسيلة .
*الآن الإذاعة وبعد رحيل مديرها السابق الإذاعي المتمرس صديقنا العزيز الراحل عبود سيف الدين ، تبدأ مرحلة جديدة ، بلمسات فنية ورؤية إعدادية وبرامجية إخراجية جديدة ، ونتفاءل كثيراً بأن على رأسها الآن الصحفي المبدع الأستاذ وجدي الكردي ، والإعلامية المقتدرة الأستاذة هيام الطاهر .. ونسأل الله أن يتحقق النصر لنا ولبلادنا ، ونعود إلى متابعة منصاتنا الإعلامية بكل جوارحنا ، ونقول لإذاعة (بلادي) مبارك هذا النجاح مقدما.