هرب من ود مدني شرقاً… (كيكل) يرقص خارج الحلبة
تقرير: الطيب عباس
أقدم المتمرد أبو عاقلة كيكل على مغامرة غريبة، حين حاول الهجوم على (الآلاف المؤلفة) من جيوش الفاو بستة عشر سيارة، نصفها غير قتالية.
الهجوم الذي شنه كيكل، يوم الجمعة، أفشله ارتكاز واحد للجيش في (كمبو صفر) ، يبعد 30 كيلومتر عن الفاو، دون أن يعلم به جيش الفاو الرئيسي الذي يقصده كيكل.
المغامرة التي انتهت بهزيمة كيكل وفراره وملاحقة الطيران له ونجاته من قصف جوي أثناء وصوله قريته (الكاهلي زيدان) شرقي الجزيرة، هذه المغامرة يقرأها مراقبون، في إطار تهرب كيكل من الزج بنفسه وجنوده في المناطق المشتعلة في الخرطوم والفاشر ومحور المناقل، حيث تتعرض المليشيا، في هذه المناطق لسحق حقيقي، يأتي ذلك بالتزامن مع خطاب مسرب تطلب فيه قيادة مليشيا الدعم السريع من كيكل إرسال جنود من الجزيرة لإسناد عناصرها بالفاشر، وهو الأمر الذي رفضه كيكل.
مسرحية الهجوم:
وخوفا من بطش الماهرية، لجأ كيكل لمسرحية الهجوم على الفاو، والرقص على محور أراد له الجيش أن يكون ساكنا.
عودة كيكل لقريته لأول مرة منذ انضمامه للمليشيا في يونيو من العام الماضي، تبين هواجس الرجل، الذي لم يعد يثق في رفقاء السلاح، كما توضح بجلاء أن الأرض ضاقت به، بحيث لم يجد ملجأ إلا مسقط رأسه.
استعراض بلا قيمة:
الهجوم الذي نفذه كيكل على جيش الفاو وأحبطه ارتكاز (كمبو صفر) ، كان معظم المشاركين فيه من أبناء البطانة والقريبين من كيكل، حيث خلف 61 قتيلا في صفوف مرتزقته، 30 منهم من مدينة تمبول وحدها.
وبحسب مراقبين فإن الرجل أراد إرسال رسالة للممولين، بأنه يستطيع أن يكون بديلا للدعم السريع، الذي بدأ فعليا في التلاشي، لكن هذه الحيلة بحسب المراقبين لن تنطلي على الممولين، الذين هم من يرسمون سير المعارك وخطط الهجوم، ذلك بجانب أن كيكل لا يسيطر فعليا إلا على مدينة تمبول، وهذه الأخيرة بلا قيمة عسكرية.
الرقص خارج الحلبة:
هجوم كيكل على الفاو، بدأ بحسب مراقبين أشبه بالرقص خارج الحلبة، فالطبيعي لرجل نصب نفسه قائدا للفرقة الأولى مدني وواليا للجزيرة، أن يكون موجودا بجيشه في المحور الذي يشكل خطورة على عاصمته، وهو محور المناقل الذي بات على مرمى حجر من عاصمة الجزيرة وليس محور الشرق الذي لم يتحرك، مايشير إلى أن كيكل حرفيا لا يريد إدخال العناصر من أبناء منطقته في محرقة جيش الغرب، ولتبرير انسحابه شرقا، افترع فرية الهجوم على جيش الفاو كحيلة للتحصن بمنطقته، ويرجح مراقبون أن كيكل سيظل موجودا بمنطقة البطانة وأن خروجه من ود مدني خروج بلا عودة، ما يعني حرفيا أن كيكل انسحب بعناصره تماما من جسم المليشيا وسيظل يناور بشكل خجول بمنطقة البطانة، دون أن يحقق أي اختراقات في الجهة الشرقية لوجود جيوش في حلفا والفاو، لا تزال بكامل لياقتها وجاهزيتها، حيث معظمها لم يخض حربا وتشرئب بعنقها للحظة التي يأتي فيها أمر التحرك.
بمناورات بهلوانية:
وجزم مراقبون أن كيكل سيظل يقوم بمناورات بهلوانية من آن لآخر في جبهة الشرق لإيهام ممولي المليشيا بأنه مشغول بفتح جبهة جديدة، بينما في حقيقة الأمر هو هارب من المواجهات بمدينة ود مدني، ومنذ رفض قادة المليشيا مده بجنود من الخرطوم لتأمين مدني ورفضه هو إرسال أبناء منطقته للقتال في الفاشر، حزم كيكل حقائبه وغادر ود مدني، تحت ذريعة فتح الجبهة الشرقية.
وحسب متابعين فإن المتمرد كيكل قرأ نهاية الحرب مبكرا مما مكنه من الانسحاب شرقا والتحصن بمناطق البطانة، ما يشير إلى أن كيكل أدرك فعليا أن سقوط ود مدني مسألة وقت ليس إلا، وبالتالي فإن انسحابه شرقا بشكل اختياري أفضل من انسحابه مضطرا جنوبا، حيث جيش سنار وجيش النيل الأبيض، وهو أمر سيكون كارثيا بالنسبة له، أخف منه الاختباء في مناطق البطانة عقب سقوط ود مدني، والبحث عن سبل للهروب إلى أثيوبيا عبر سهول البطانة التي يعرفها جيدا، لكن حتى ذلك الحين فإن كيكل لن يتوقف عن مغامراته المتواضعة في مهاجمة جيش الشرقية.