السودان… ماكيافلية الغرب (٢-٢)
علي عسكوري
*في سوداننا حاليا يطبق الغرب ذات السياسة، (الغاية تبرر الوسيلة) من المعروف أن الغرب يرفض وجود دولة ذات توجه ديني في السودان مع خلاف السودانيين حولها، لكن الغرب لا يأبه للصراع الداخلي ويتركه ليأخذ مجراه، بل يريد فرض أجندته بأي وسيلة متاحة حتى إن كان ذلك يعني تفتيت المجتمع وتدمير الدولة. ولذلك عمل ويعمل على اسقاطها بكل الطرق والأساليب، آخرها إستئجاره لتتار العصر للقيام بالمهمة مع التواطؤ الواضح بغض الطرف عن الفظائع التي ترتكبها المليشيا في المواطنيين الأبرياء. *بل لا يستح الغرب من المساواة بين جيش رسمي يقوم بمهمته في الدفاع عن الدولة و المجتمع مع مليشيا مجرمة لا أصل ولا فصل لها ارتكبت كل الموبقات التي يندي لها جبين كل إنسان له ضمير. و الضمير هو الوازع الرباني داخل كل إنسان بصرف النظر عن معتقده، فإن مات ضميره مات الوازع وماتت إنسانيته.
*بعد كل ذلك يخرج علينا أباطرة الغرب ليحدثوننا عن حقوق الإنسان وسيادة الدولة وما الي ذلك من الحديث اللزج المكرور! علينا أن نشير الي أن الغرب لا يستهدف التوجه الديني من حيث هو توجه ديني، فالغرب كما نعلم يتعامل مع دول متزمتة دينيا أكثر بكثير من السودان، لكنه بالطبع لا ينس التاريخ وما حدث في القرن التاسع عشر ولا يمكن أن يقبل أن يتكرر. ففي أوج الهجمة الإستعمارية نهاية القرن التاسع عشر وبينما كانت الجيوش الأوروبية المستعمرة تضرب شرقا وغربا كان السودان من قلائل الدول ـ إن لم تكن الوحيدة ـ المستقلة. وبصرف النظر عن طبيعة تلك الدولة، إلا ان الغرب يخشي أمر ” الاستقلال” والخروج من نيره وسطوته. فالإستقلال فيما نعلم اهم خط أحمر للإمبريالية لأنه يعني تحد الهيمنة التي تقوم عليها. أن تكن إسلاميا، علمانيا، مجوسيا او لادينيا ليس مهما عندهم إنما المهم هو الا تكون “مستقلا”! ولندلل علي ذلك أنظر لمعاداة الغرب لدول مثل ارتريا، فنزويلا، زيمبابوي، كوبا وكوريا الشمالية وغيرها، هذه دول لا تزعم توجها إسلاميا، لكن الغرب يستهدفها بلا هوادة، بل تردد الحديث كثيراً عن غزو فنزويلا وإخضاعها بالقوة لانها تحاول ان تكون “مستقلة” ولولا تدخل روسيا لوقع الغزو!
إذن، فمشكلة السودانيين مع الغرب إنهم يميناً ويساراً يمتلكون من الشجاعة ليقولوا “لا”..! تلك هي مشكلة الغرب مع بلادنا! فنحن شعب يرفع سبابته في وجه الإمبريالية ولا يبالي..! وما واقعة رفض الذهاب الي اجتماعات جنيف الأخيرة إلا تأكيداً جديداً علي أننا نقول “لا” متي ما نشاء! او كما قال شاعرنا: ” نقعد نقوم علي كيفنا”! بالطبع هم لا يريدون أمة غيرهم ” تقعد وتقوم علي كيفها”! وحدهم لهم الحق في فعل ذلك، أما الآخرين فعليهم انتظار التعليمات ليقعدوا او يقوموا!
من المهم هنا أن نذكر القارئ ان الغربيين عندما يتحدثون عن حقوق الإنسان إنما يعّنون مجتمعاتهم لا المجتمعات الإفريقية ولا حتي المجتمعات الضعيفة قربهم كالبوسنة وسولفينيا ويوغسلافيا وبقية دول البلقان وأرمينيا و شواطئ المتوسط، هذه البلدان التي كانوا يصطادون منها الرقيق في عصور سابقة. فهذه المجتمعات ومعها شعوب كثيرة من افريقيا وآسيا ـ كما سبقت الإشارة في المقال المشار اليه ـ سوائم لا قيمة لها عندهم يصح إسترقاقها كما كان في السابق!
لا يبدء الغربيون أسفا علي الجرائم التي ارتكبوها في الشعوب، ويتصرفون وكأنهم ملائكة مرسلين، رغم أن جرائم حضارتهم تناهز جرائم المغول، ولكن من يجروء علي الكلام كما يقال.
بأي وسيلة وبكل الأدوات يريد الغرب الإجهاز علي دولتنا وتشريدنا واستبدالنا بقوم آخرين تحت ذريعة محاربته للإسلام المتطرف، فإما أن يلعق السودانيون أحذيتهم وينفذوا ما يملوه عليهم، أو يطلقون علينا مليشياتهم لتدمر مجتمعنا وتشرد مواطنيينا في الأرض. ذلك هو جوهر الصراع، وما الدويلة والمليشيا إلا أدوات يستخدمونها لتنفيذ استراتيجيتهم لا أكثر.
لكل ذلك، فمن يتوقع أن يضغط الغرب علي الإمارات أو علي المليشيا إنما يخدع نفسه. فالغرب جزل لما تقوم به الإمارات ومليشياتها في السودان ولن يفرض عليها اي عقوبات بل سيعزز من علاقاته معها وسيجد طريقة او أخري لإخراجها كالشعرة من العجين من كل الجرائم التي ارتكبتها في بلادنا..! فهم وحدهم من يضعون القوانيين لمؤسسات العدالة الدولية وهم القائمون علي تطبيقها.
علينا ان نحلل الحرب ونضعها في إطارها الصحيح، فنحن حقيقة لا نحارب الإمارات ـ وهي دولة ليست من توبنا ولا قامتنا ـ ما يدور من حرب ضدنا هي مؤامرة إمبريالية كاملة الدسم وعلينا ربط الأحزمة..!
اصطفوا وقوموا الي كفاحكم يرحمكم الله، فا لماكيافلية لن تبق لكم شيئا ولن تراع فيكم إلا ولاذمة والرحلة شاقة ومكلفة و طويلة!
في غير ذلك قولوا “نعم” وستنتهي الحرب لحظياً، وسيخسفوا بالمليشيا سابع أرض!
هذه الأرض لنا