الله اعلم بالنوايا

من المسافة صفر_ د.سلوي حسن صديق

*وصل صاحبنا إلى المستشفى الطرفي برفقة زوجته وأمها وهي في حالة وضوع فقد اضطرتهم ظروف حملها للبقاء بعد أن إستباح المتمردون الحي.
*تبقوا هم وبعض أصحاب الأعذار يدبرون حالهم في شظف وقلة حيلة منتظرين أيام الحمل وعدتها.
*أصعب أوقاتهم ولحظاتهم حينما لايجدون مناصا من الذهاب إلى المستشفى المعروف والذي إحتله الأوغاد فأصبح مرتعا لهم يطببون فيه جرحاهم ولكنهم كعادتهم يحرمون ذلك على الآخرين إلا بعد عنت ومشقة.
*في ذلك النهار جاء المخاض وساعته التي لا تنتظر فهرول رب الأسرة ومعه زوجته وأمها إلى المستشفى إياه طلبا للخدمة الإنسانية المعروفة في مثل هذه الحالات.
*تمكنوا داخله من تجاوز نقاط الحراسة في صعوبة حتى وصلوا إلى شباك معروف ثم ملأوا بياناتهم ودخلوا للطبيب.
*إستقبلهم الطبيب في حفاوة ورفق كأنه وجد كنزا
كأنما إرتاحت نفسه إليهم وكيف لا يكون ذلك وهو المغلوب على أمره مثل آخرين.
*تتالت اللحظات سريعا وأدخلت الزوجة إلى غرفة الولادة بينما الزوج وخالته أم زوجته ينظرون حولهم بعيون مشدوهة وقلوب دامية يتأملون الخراب الذي حل ثم تنتقل عيونهم في رعب مبثوث إلى اشكال الناس التي تغيرت وكذلك الجرحى والدماء النازفة والجثث المتناثرة،
يتأملون كل ذلك في رهبة وخوف داعين الله أن يخرجهم من هذا الكابوس.
*إستغرقهم هذا الواقع الحزين حتى افاقهم منه صوت ملائكي بلغ صداه بعيدا ينبئ ويبشرعن حياة جديدة.
*فرح الأب مهرولا نحو الغرفة تتبعه الخالة
عند المدخل إستوقفهم أحد الاوغاد، مدجج بالسلاح ينطق بالفاظا قبيحة إنتهرهم قائلا( ماشين وين)؟.

*رد الزوج الملهوف (نشوف الجماعة، الولدت دي زوجتي).
*رد عليه الوغد (ماعندك زوجة هنا وأطلع سريع قبال ما أفضي فيك السلاح دا.
*خلال دقائق تحول المشهد إلى موقف مرتبك, لحظات لا توصف ولا تنسي.
*قهر الرجال وإذلالهم من صنوف التعذيب التي لا تنسي
(أطلع قلت ليك ) كررها الوغد في تشفي ليسمعها كل الناس, ثم أردف (خلاص دي بقت مرتي وتاني ما أشوفك هنا).
*خرج الزوج وخالته في حالة لا يعلمها إلا الله
خرجا تقودهما خطى خائفة مرتجفة وأرجل لا تقوى على المسير.
*على حائط بناية قريبة من بوابة المستشفى إلتصقت أمها وحالها يغني عن سؤالها.
*كانت تنتحب بحرقة والزوج ينظرإليها يقاسمها الدمع والألم ولكن ما العمل, شهد الطبيب كل الحدث فأضمر شيئا.

*داخل الغرفة وقف نمرالورق مستأسدا بسلاحه والشابة المسكينة التي وضعت جنينها للتوتنظر إليه مذعورة من طرف خفي ثم في حنو إلى إبنها الذي يشبه قطعة القمر.
*دخل الطبيب المرافق إلى الغرفة وهو الشاهد على الحدث, أومأ إلى( السستر) التي كانت تأخذ العلامات الحيوية فتبعته في توتر.
*قال لها الطبيب الطيب الذي تعود على المغامرات في ظل هذه الحرب اللعينة ومع هؤلاء الشياطين المردة, قال لها هامسا, أسمعي كلامي كويس انا عبأت حقنة مخدرة اطعنيها للبت دي وخلينا نخارج الموقف.
*ثم أردف بعد دقائق من الحقنة بتكون إتخدرت كويس نعلن وفاتها للطير ديل ونغطيها ونخلي أهلها يأخدوا الجثمان.
*إستفسرته ( السستر) عن بعض الأشياء وهي فرحة رغم خطورة الفكرة فأجابها في ثقة ، الله يعلم بالنوايا.
نفذت الخطة كما رسمها الطبيب الشهم, دقائق محسوبة وقضي الأمر الذي فيه يستفتيان.

*خرج الطبيب باحثا عن بقية الأسرة فوجدهما كما تصور
باغتهما بالخبر الحزين فأخذت الأم تولول في جزع وكذا الزوج.
*قال لهما أسرعا في أخذ الأم( المتوفية) وجنينها قبل أن يقتل المجرمون الطفل.
*الأم الجزعي لم تتحرك من مكانها ولكن الزوج بمساعدة الطبيب وصل الغرفة ثم رفع(جثمان) زوجته في عجلة وهي مغطاة دون أن يلمح عليها آثار حياة أو موت.
*الوغد تحرك من مكانه كأن شيئا لم يكن ذهب باتجاه آخر وعاش حياته القبيحة دون أن يكلفه ذلك أي ردة فعل.
*رفع الزوج الفقيدة ( المتوفاة ) على ظهر البوكسي بمساعدة الطبيب.
*قبل أن يتحركوا أخذه الطبيب الشجاع من يده ثم أخبره بكل شئ منبها بعدم التحدث عن الأمر وسرعة الحركة والتصرف في الخروج إلى بلد أخر حتى لا يتعرف الأوغاد عليهم فينتقموا منهم شر إنتقام.
*هكذا أسدل الطبيب الشجاع ستارا على مأسأة أم وطفلها الوليد وأسرتها بعد أن تعلق مصيرهما بأيدي باطشة وقلوب لم تتغشاها الرحمة.