الخرطوم… قرار فتح مدارس يثير جدلا كثيفا

تقرير – وليد كمال الدين
في خطوة مفاجئة أصدر وزير التربية بولاية الخرطوم قرار يقضي بفتح مدارس الولاية في اليوم 11 فبراير بعد عامين من الإغلاق الذي فرضته الحرب والتي اشتعلت شرارتها الأولى من جنوب الخرطوم.
وأثار القرار فور صدوره جدلا كثيفا بين المعلمين وأولياء الأمور والتلاميذ حول التوقيت وجاهزية المدارس والأسروالمخاطر والمهددات الأمنية.
إستعادة الدراسة في ظل الحرب والنزوح كانت هاجس يؤرق القائمين على أمر التعليم والأسر والتلاميذ على حد سواء, ونجحت الولايات الآمنة مثل نهر النيل والشمالية وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق والأبيض وشمال كردفان في فتح المدارس وعقد امتحانات المرحلة الابتدائية والمتوسطة, فيما تعذرذلك لأسباب أمنية في ولايات دارفور الكبرى وجنوب كردفان والخرطوم, ونجحت الحكومة في تحدي إقامة امتحان الشهادة السودانية في ظروف بالغة التعقيد شابتها الكثير من الحوادث المؤلمة, ولم يستطيع كثير من التلاميذ من الوصول لمراكز الامتحان بسبب منعهم واختطاف البعض منهم من قبل مليشيا الدعم السريع ولايزال مصير بعضهم مجهول.
مغامرة غير محسوبة:
ويرى بعض أولياء الأمور أن أسباب كثيرة تجعل من هذا القرار مغامرة غير محسوبة وغير مضمونة, وتقول مواطنة نزحت إلى أمدرمان من شرق النيل إن فتح المدارس بولاية الخرطوم أمنية تراود الآباء والأمهات والتلاميذ ولكن بالمنطق إذا كان الكبارغيرآمنين في الأسواق والمستشفيات بفعل التدوين الجبان للمليشيا فكيف نضمن سلامة الأطفال في المدارس, وقالت ماهي ضمانات عدم تدوين المدارس لإفشال هذا القرار؟وهل لدى وزير التربية ضمانات بتأمين كل المدارس من أي تدوين عشوائي؟ استنادا على الوضع الحالي الذي شهد قبل أيام تدوين سوق صابرين ومستشفى النو , وقالت إن قرار فتح مدارس الولاية يعتبر مغامرة غير مضمونة العواقب يتحمل مصدرها المسؤولية كاملة تجاهها.
تأهيل المدارس أولا:
ويرى خبراء تربوين أن العديد من المدارس في ولاية الخرطوم قد طالها التخريب والدمار الكلي أو الجزئي وتحتاج لصيانة وإعادة تأهيل قبل التفكير في إعادة فتحها, ويقول هؤلاء في حديثهم ل (أصداء سودانية) إن القائمين على أمر التعليم بولاية الخرطوم على علم بذلك إلى جانب هذا هناك نزوح ولجوء لعدد كبير من تلاميذ الولاية والمعلمين في مناطق خارج الولاية خارج السودان بفعل هذه الحرب وتتصدر ولاية الخرطوم قائمة أعداد النزوح, ويؤكد الخبراء التربوين أن تطبيق القرار غير عملي من حيث التوقيت والمعطيات الواقعية على الأرض ويجب التريث في القرار بفتح المدارس حتى يتوفر الأمن الكامل وتتم إعادة صيانة المدارس والمرافق التربوية وليس محاولة إلحاق بركب الولايات التي استعادت العملية التعليمية لأن تلك الولايات ظلت مستقرة ولم تتأثر بصورة مباشرة بالحرب.
فرحة لا تخلو من قلق:
تلاميذ ولاية الخرطوم داخل وخارج الولاية تغمرهم فرحة بالعودة إلى مدارسهم عقب ما يقارب عامين من الغياب لكن تلك الفرحة يشوبها قلق خفي, ويقول غسان الذي يدرس باحدى المدارس الخاصة في أمدرمان التي نزح إليها من شرق النيل إنه يحن إلى مدرسته الأم (الفيحاء النموذجية) ولقاء أصدقائه لكنه يخشى تدوين الدعم السريع العشوائي والذي أصاب المدرسة الخاصة التي يدرس فيها عصرا قبل يومين, ويقول كمال الذي يتأهب للجلوس لإمتحان الشهادة الإبتدائية إنه يتمنى العودة لمواصلة دراسته والعودة إلى بيتهم في مدينة بحري لأنه تعب من النزوح من مكان لآخر رفقة أسرته, ويساور كمال قلق واضح من قيام الدعم السريع بتدوين المدارس وإلحاق الأذى بالتلاميذ.
قرار تحفه مخاطر :
يتسأل معلم بالمرحلة الابتدائية كيف يمكن فتح المدارس في محليات بحري وشرق النيل والخرطوم والتي لاتزال مناطق عمليات حربية نشطة يجوب فضائها الرصاص الطائش والمسيرات وتعاني من انقطاع المياه والكهرباء في الكثير من الأحياء وتساءل هل سوف يغامر الآباء بإرسال أبنائهم للمدارس وهم مطمئنون ناهيك عن شظف العيش وعدم توفر الغذاء وتوفر وسائل النقل لترحيل التلاميذ للمدارس وتوفرالكتب والمستلزمات المدرسية للطالب والمعلم.
هل ستفتح المدارس:
في ظل كل هذه الإفادة المتحفظةعلي فتح أبواب المدارس بولاية الخرطوم في هذا التوقيت من قبل التربوين والاباء ومخاوف التلاميذ والمخاطر الامنية وعدم توفر المقومات والمتطلبات والأسباب اللازمة لدوران عجلة التعليم التي عطلتها الحرب يبقي سؤال هل سوف تمضي ولاية الخرطوم في أنفاذ قرارها بفتح المدراس في التوقيت المعلن أم لا الإجابة في رحم مقبل الأيام.